900
900
فتاوي وأحكام

عالم أزهري: الإحتفال بالمولد النبوي مناسبة للتأسي بأخلاق الرسول

900
900

كفرالشيخ – محمد طلعت عوض

قال الدكتور صفوت محمد عمارة، من علماء الأزهر الشريف، إنَّ الأمة الإسلامية تحتفل كل عامٍ في الثاني عشر من شهر ربيعٍ الأول، بذكري مولد النبي محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، خاتم الأنبياء والمرسلين، وكان ميلاد النبي صلَّى اللَّه عليه وسلّم على أرجح الأقوال وقت طلوع الفجر يوم الإثنين الثاني عشر من شهر ربيعٍ الأول، في عام الفيل، بشعب بني هاشم بمكة، وفي السنة الثالثة والخمسين قبل الهجرة النبوية الشريفة، ويوافق ذلك العشرين أو الثاني والعشرين من شهر إبريل سنة 571 ميلاديًا، وهذا ما جرى عليه عمل الأمة سلفًا وخلفًا في احتفالهم بالمولد النبوي الشريف عبر العصور.
وتابع «عمارة»، إنّ أعظم نعمة أنعم اللَّه بها على أهل الأرض هي بعثة النبي محمد صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، ولقد نوه اللَّه في كتابه الكريم بهذه النعمة العظيمة، فقال تعالى: {لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ} [آل عمران :164]، والمعنى: لقد أنعم الله على المؤمنين، وأحسن إليهم ببعثة رسولًا من جنسهم من العرب، ليتمكنوا من مخاطبته وسؤاله ومجالسته والانتفاع بتوجيهاته، يعرفون حسبه ونسبه وشرفه وأمانته، يقرأ عليهم القرآن، ويطهرهم من الشرك والأخلاق الرذيلة، ويعلمهم القرآن والسنة، وقد كانوا من قبل بعثة هذا الرسول في ضلال واضح عن الهدى والرشاد.
وأكد الدكتور صفوت عمارة، أنّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، أمرٌ مشروعٌ ما لم يشتمل على ما يُنهى عنه شرعًا؛ بل هو من تعظيم شعائر اللَّهِ تعالى: {وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ} [الحج: 32]، والاحتفاءُ والفرح به أمرٌ مقطوع بمشروعيته، لأنه عنوان محبته صلَّى اللَّه عليه وسلَّم التي هي أصل من أصول الإيمان، وقد صح عنه أنه قال: «لَا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى أَكُونَ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ» [رواه البخاري].
وأضاف الدكتور صفوت عمارة، أنّ النبي صلَّى اللَّه عليه وسلَّم كان يكثر من الأعمال الصالحة في مواطن النعمة؛ فكان يصوم يوم الاثنين وفاءً لربه على نعمة خلقه واحتفاءً بمولده؛ ففي الحديث عن أبو قتادة الحارث رضي اللَّه عنه، أنه ﷺ سُئل عن صوم يوم الإثنين؟ قال: «ذاك يومٌ ولدت فيه» [رواه مسلم]؛ فقد سن لنا الرسول الكريم بنفسه الشكر للَّه تعالى على ميلاده الشريف، وقد درج سلفنا الصالح منذ القرن الرابع والخامس على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلَّى اللَّه عليه وسلَّم بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام، وتلاوة القرآن والأذكار، وإنشاد الأشعار والمدائح في رسول اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم، كما نص على ذلك غير واحد من المؤرخين مثل الحافظين: ابن الجوزي، وابن كثير، والحافظ ابن دحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
وأشار الدكتور صفوت عمارة، إلى أنّ الاحتفال بالمولد النبوي الشريف يكون باتباع سنته والتحلى بأخلاقه وأن نعيش على هديه، والاقتداء بصفاته الحميدة في معاملاتنا، وذلك من خلال اتباع أقواله وأفعاله، والابتعاد عمّا نهى عنه، والتأدّب بالآداب التي جاء بها في جميع الأوقات والأحوال في جميع مجالات الحياة، ولذلك أكَّد الله تعالى على وجوب اتِّباع النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وأخبر بأنَّه القدوة الصالحة والخصلة الحسنة، التي يَنبغي على كلِّ مؤمن أن يقتدي به في أقواله وأفعاله وأحواله، فقال تعالى: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} [الأحزاب: 21]، وكلُ عامٍ أنتم بخيرٍ.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى