قصاصات فكرية
بقلم / عزت سمير
رئيس محكمة الإستئناف
” أنت لا تعلم ما في نفسي حتي أعلم ما في نفسك ”
تلك العبارة قد تجد أنها تخاطبك بها نفسك في العديد من المعاملات وقد تتداخل في الكثير من العلاقات لتشكل المحور الرئيسي في سير وإستمرار معظم الصداقات بل والغالب من المعاملات ،، فتلك العبارة التي تحادثك بها نفسك إنما هي الأخطر علي الإطلاق في سبيل سريان شريان الود والتوادد في كل علاقة بشرية إنسانيه ، فهي إما أن تكون الزاد في دوام الإستمرار وإما أن تبلغك حد الكفاف في قيام تلك الصلة الإنسانية بين المرء ونظيره..
ومن هنا نبدأ ونقص ونقول بأنه عند كل معاملة إنسانية بين طرفي البشر وفي كل مناحي وإحتياجات الحياه ، تأتي الظروف والملابسات والأقدار لكي تبدأ قصة وحكاية تلك الرواية ، رواية طرفي ذلك التعامل البشري ، ما بين الصديق وصديقه ، الصاحب ورفيقه ، الأخ وشقيقه ، الإبن ووالديه ، الجار ونظيره ، التابع ومتبوعيه ، الرئيس ومرؤوسيه ، بل وأيضاً البائع ومبتاعيه ،، ففي كل هذه التعاملات وغيرها تدور الكثير من العلاقات وينشب عنها العديد من التصرفات ، ومنها التي قد يطول الأمد فيها ، ومنها ما هو بقصير الأمد بها ،، ومن خلال تلك المعاملات تنشأ الصلة بين الطرفين ، طرفي تلك العلاقة الإنسانية والتي قد تتنوع مابين الود واللاود ، الإخلاص ودونه ، الصفاء والسمعة ، الحقيقة والسراب ، الإهتمام واللامبالاه ،، ففي كل تلك المشاعر تكون النوايا التي تحدد الهدف من تلك الصلة الإنسانية لكي تحكي وتسرد عن طبيعة هذه العلاقة وما بها من حقائق وما بها من أوهام ،، والجميع خلالها يكون بداخله وحده الخبيئه ، خبيئة مشاعره تجاه مناظره ، فهو وحده من يعلم ما إن كانت معاملته قائمة علي الإخلاص والصدق أم كانت علي غير ذلك من نقيض تلك المكرمات ،،،
ومن هنا يأتي السؤال ، سؤال الإنسانية لذاتها ، سؤال يتردد داخل كل نفس عند قيام الصلة البشرية ،، وهو هل أنا صادق في معاملاتي بما أنطق أو أفعل أو أؤدي ،،، فهذا السؤال هو الذي يؤدي إلي مفترق الطرق بالضمير الإنساني ليحدد ما إن كان مخلصاً أم مهاوداً ،، فالجميع يريد مصلحته بلا جدال ولكن يجب أن لا يختلط الأمر بين تلك المصلحة وذلك الإخلاص في القول والعمل بين أطراف تلك المعاملات ، فيجب دوماً أن تكون المعاملات علي قدر من سعة اليقين بأن الأرزاق بيد الله وأن المنح بيد الله وأن الهبة والسخاء والبهاء هم من عطاءات الوهاب الرحمن ، فلا يجب أن تنشأ الغيرة أو تلك الصفات الكريهة داخل النفس البشرية عند قيام تلك المعاملات ، لأنه دوماً وأبداً يعلمها ويشعر بها كل ذي بصر وبصيره بالرغم من ترسخ تلك العباره ، عبارة أنك لا تعلم مافي نفسي حتي أعلم ما في نفسك ،، فالفراسة لاتؤتي لعاصي ، ومن ثم فليخشي العاصي من كل ذي فراسة لبيب .
وفي نهاية السرد يأتي الدعاء دعاء المحب لحبيبه من الإنسانية جمعاء بأن يصلح الله في تلك الأيام المباركات ما في النفوس وأن يأتي كل نفس هداها حتي يستقيم الحال وتزول الهموم ، فإني والله أحبكم في الله .