د. محمد كامل الباز يكتب : هنا خسر العالم
منذ خلق الله الكون، تحكمت الصراعات فى مقادير العالم، تختلف أطراف الصراع وتتباين وفق كل حقبة زمنية ولكن فى النهاية لابد من مسيطر وقائد يقود العالم، لابد من كبير يخشاه الجميع ويحسب له ألف حساب، مثلا على مر السنين تنافست الإمبراطورية الفارسية والبيزنطية، جاءت الروم بكل قوتهم حتى لمع بريق الدولة الإسلامية ونجح الرسول صلى الله عليه وسلم فى إنشاء دولة متكاملة تقف وتناطح الروم والفرس، استمر السجال حتى حسم المسلمين أمرهم واصبحوا يقودوا العالم فترة ليست بالقليلة، نعم جاءت عدة دول استطاعت أخذ تلك السيطرة وسحب البساط كثيرا مثل الصليبين تارة والتتار تارة أخرى ولكن ما لا يدعي مجال للشك هو أن الغلبة كانت فى النهاية لأتباع محمد بن عبد الله، حتى جاءت الدولة العثمانية التى حكمت جزء كبير من الأرض فترة طويلة لكن مجرد أن دب الوهن فى أوصالها بدأت قوى الغرب تأخذ تلك السيطرة حتى أعلنت بريطانيا قيادتها للعالم فى القرن التاسع عشر واوائل القرن العشرين ومعها تغيرت موازين الأمور تماماً حيث أصبح حاكم العالم مختلف، سلوك جديد أخلاق لم نعهدها، تخطيط وصراعات ومكائد، اكملت الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا تلك السيطرة حتى يومنا هذا… ولكن السؤال ما الفرق بين العالم عندما كان تحت سيطرة المسلمين عنه الأن ؟
بالطبع هناك فارق كبير، العالم الذى يعيش الأن بمنظومته المتكامله يختلف تمام الاختلاف عن عالم كان يقوده رعاة الإبل، عالم به أجهزة تعرف نوع الجنين داخل رحم الأم، ويستطيع أن يخترع لك إنسان تتعامل معه ويخدمك، يختلف تمام الاختلاف عن عالم كان قادته كثيرا ما يربطون الأحجار على بطونهم من الجوع، إذن فعالم اليوم بقادته أرقي وأفضل!!
هيهات أن يأت فى بالك تلك الإجابة ولو على سبيل الخواطر،
قيام أى ملك أو نظام أهم دعائمه العدل الذى ذُبح أشد ذبحة فى عالمنا اليوم، عالم به قوة مسيطرة ( بريطانيا) فى القرن الماضى تعطى وطنا لقوم كي ياتوا فيه بدون وجه حق ويطردوا أهله الاصليين يكون عالم افضل؟ لكن عالمنا لم يكن هكذا، عندما أسلم المغيرة بن شعبة جاء للرسول صلى الله عليه وسلم وعرض عليه ان يسلم وأول شىء يعط له مال كان أخذه من قوم غير مسلمين بعد أن ذهب عقلهم وقتلهم فكان رد قائد الدولة حينذاك الإسلام اقبله منك أما تلك الأموال فقد أُخذت غدرا لن اقبلها، لم يقبل حفنة أموال لأنها جاءت غدرا من مقتل أفراد غير مسلمين وقادة العالم المتحضر أعطوا وطنا بأكمله لليهود على حساب أهله، عالم اليوم أقاموا حرب عالمية مات فيها مالايقل عن خمسين مليون إنسان لتغيير نظام العالم وإعادة ترتيب القوى والقضاء على الدولة العثمانية ( معظم القتلى منهم ولكن المصلحة تحكم) بينما أثناء حكم العالم الرجعي استطاع القائد عند دخوله المدينة أن يحقن دماء الأوس والخزرج التى اُسيلت لعشرات الأعوام فى حروب قبلية مات فيها الكثير، استطاع القائد بحكمته أن يُنهي تلك الحرب ليحافظ على دماء الأبرياء،
عالم متقدم فيها مجازر عرقية وطائفية أودت بحياة مئات الاف المدنيين دون حرب مثلما حدث فى كوسوفو والبوسنة، لدرجة أن إحدى القادة العسكريين دخل مدينة سربينتشيا وأمن الناس على أرواحهم ثم قتل واغتصاب الالاف من مسلمى البوسنة، حدث شىء مماثل مع قائد عظيم بل أفضل خلق ادم على الإطلاق، المصطفى صلى الله عليه وسلم عندما دخل مكة بعد نقض عهدها، وطرده منها، بل ومحاربته وقتل الكثير من أصحابه، ماذا فعل بعد أن تمكن منهم … قال لهم اذهبوا فأنتم الطلقاء !! لو قارنت الامثلة بين عالم اليوم وعظمة الأمس، لا يسعنى مقال أو اثنين بل كتب فى الإنسانية وحسن الخلق، كتب ترى منها أعظم الأمثلة التى كان يعيش فيها غير المسلم فى كنف الدولة ويأخذ كل حقوقه بل لو عجز عن دفع شىء يؤده عنه بيت المال ثم يأتي اليوم لترى امريكا قائدة العالم تلقي باطنان من القمح فى المحيط كي لا يتأثر توازن سعره وتضمن لها التفوق التام!! متخيل أن هؤلاء هم قادة العالم اليوم الذين ينبهر بهم الكثير والله ثم والله قد خسر العالم خسرانا مبيناً بتنحي الإسلام جانباً وأول من خسر هم غير المسلمين الذين كانوا ينعمون بعدل ومساواة لو جاء كل حكام العالم لن يبلغوا مداه.