الإقتصاد الكلي المصري.. نقص العملة الأجنبية يلقي بظلاله على نمو الإقتصاد المصري
• يؤثر انخفاض سيولة العملات الأجنبية إلى ارتفاع معدلات التضخم والذي يضغط على نمو الناتج المحلي الإجمالي. ولهذا نتوقع تحرك في سعر الصرف بالتزامن مع تحسن سيولة العملات الأجنبية • نتوقع تحول عجز الميزان الجاري الى فائض مع زيادة معتدلة في الدين الخارجي بنهاية العام المالي 2023/2024، متأثرا بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر من قبل موديز، استنادرد اند بورز وفيتش • نتوقع زيادة عجز الموازنة لإجمالي الناتج المحلي إلى 7.1% خلال السنة المالية الحالية بسبب ارتفاع تكلفة خدمة الدين ومخصصات الدعم والمزايا الاجتماعية
اصدرت اتش سى للأوراق المالية والاستثمار مؤخرا توقعاتها بشأن الاقتصاد الكلي في مصر في عام 2024 حيث تناولوا العوامل الرئيسية للنمو في الناتج المحلي الاجمالي والتوقعات بشأن الجنيه المصري ومعدلات التضخم والموازنة العامة.
علقت هبة منير، محلل الاقتصاد الكلي بشركة اتش سى: “من وجهة نظرنا، يحد كل من نقص سيولة الدولار والسياسة النقدية التشديدية من نمو الناتج المحلي الاجمالي: تباطأ نمو الناتج المحلي الاجمالي الحقيقي لمصر إلى 3.8% في السنة المالية 2022/2023، في حين اننا نتوقع أن يرتفع قليلا إلى 4.0% في السنة المالية الحالية 2023/2024، والذي ليس بعيداً من مستهدف الحكومة البالغ 4.1%، ولكنه أعلى من توقعات صندوق النقد الدولي عند 3.7% كما نشر في أكتوبر 2023. ومع ذلك، فإننا إذا افترضنا انخفاض إيرادات السياحة بنسبة 15% على أساس سنوي عن توقعاتنا بسبب الحرب بين إسرائيل وحماس فإن ذلك سيؤثر بدوره علي نمو الناتج المحلي الاجمالي الي 3.3% بالإضافة الي انخفاض فائض ميزان المدفوعات الإجمالي بنسبة 50% تقريبًا. جدير بالذكر أن توقعاتنا الأساسية تعكس انخفاضًا في قيمة الجنيه بنسبة 37% على أساس سنوي خلال السنة المالية 2022/2023 وحوالي 19% على أساس سنوي في السنة المالية 2023/2024، طبقا لتوقعاتنا من مؤشر سعر الصرف الفعلي الحقيقي، وذلك بالمقارنة بتراجع قيمة الجنيه بنسبة 6% على أساس سنوي في السنة المالية 2021/2022. ويرجع السبب في انخفاض قيمة الجنيه، الي خروج رأس المال الأجنبي من مصر في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والذي أدي الي زيادة الضغوط التضخمية، مما أثر سلبًا على اقتراض الشركات والاستهلاك الخاص. ونتوقع أن يكون نمو الناتج المحلي الاجمالي للسنة المالية 2022/2023 مدفوعًا بنمو الاستهلاك الخاص (+5.9% على أساس سنوي)، وارتفاع الاستثمار الأجنبي المباشر (+28.4% على أساس سنوي)، وتقلص عجز الميزان التجاري، بينما في السنة المالية الحالية 2023/2024، فإلى جانب تحسن عجز الميزان التجاري، نتوقع طفرة نمو في استثمارات القطاع العام الحكومي (+47.8% على أساس سنوي) لدفع نمو إجمالي الناتج المحلي، على الرغم من انخفاض الاستهلاك الحكومي (-2.90% على أساس سنوي).”
استطردت هبة منير: ” نتوقع ان تستمر الضغوط التضخمية خلال السنة المالية 2023/2024 على إثر تراجع قيمة الجنيه: نتوقع أن يتسارع معدل التضخم إلى متوسط 33.2% على أساس سنوي في السنة المالية 2023/2024، بالمقارنة ب24.1% في السنة المالية 2022/2023 و8.48% على أساس سنوي في السنة المالية 2021/2022 حيث نتوقع استمرار الضغوط التضخمية بعد انسحاب روسيا من مبادرة البحر الأسود للحبوب، ونقص الإمدادات وضعف الجنيه وارتفاع أسعار النفط وتأثير ظاهرة النينيو على أسعار السلع الأساسية. ونتوقع أن ينخفض التضخم تدريجيًا بسبب تأثير سنة الأساس إلى 26.1% بحلول يونيو 2024. وفي هذا الشأن قام البنك المركزي المصري بزيادة أسعار الفائدة بمقدار 1100 نقطة أساس منذ السنة المالية 2021/2022 لكبح ضغوط التضخم ونتوقع أن تبقي لجنة السياسات النقدية على أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعها المقبل في 21 ديسمبر، أخذا في الاعتبار أن الضغوط التضخمية مدفوعة بقوي العرض. وبالنسبة لعام 2024، نتوقع تحسنًا في برنامج التخارج الجزئي من الاصول الحكومية، والسياحة، ودخل قناة السويس، وتحويلات العاملين المصريين في الخارج، مما قد يؤشر لبدء سياسة التيسير النقدي، الأمر الذي قد يمهد لزيادة نمو الناتج المحلي الاجمالي في السنة المالية 2024/2025 وفقًا لأرقامنا. ولقد استطاعة الحكومة المصرية مؤخرًا من جمع 2.63 مليار دولار من بيع حصص في شركات القطاع العام في شهري يوليو وسبتمبر، وهي في طريقها لبيع حصص وأصول عامة أخري تزيد عن 2 مليار دولار بحلول نهاية يونيو 2024.”
وأضافت: ” تحول ميزان المدفوعات إلى فائض قدره 882 مليون دولار في السنة المالية 2022/2023 ونتوقع أن يتراجع هذا الفائض إلى 529 مليون دولار في السنة المالية 2023/2024: سجل ميزان المدفوعات المصري فائضًا إجماليًا قدره 882 مليون دولار في السنة المالية 2022/2023، مقارنة بعجز قدره 10.5 مليار دولار في العام السابق، ويرجع ذلك في الأساسً إلى تراجع عجز الحساب الجاري بسبب انخفاض الواردات وتحسن إيرادات السياحة وقناة السويس. ولنفس الأسباب، نتوقع أن يسجل ميزان المدفوعات فائضًا إجماليًا قدره 529 مليون دولار في السنة المالية 2023/2024. ونتوقع أن يتحول عجز الحساب الجاري إلى فائض قدره 1.31 مليار دولار في السنة المالية 2023/2024 (حوالي 0.4% من إجمالي الناتج المحلي)، بالمقارنة بعجز قدره 4.71 مليار دولار في السنة المالية 2022/2023، مقابل تقديرات صندوق النقد الدولي للعجز البالغة 8.63 مليار دولار (2.41% من إجمالي الناتج المحلي)، وذلك بسبب تراجع عجز الميزان التجاري، طبقا لتوقعاتنا. وفيما يتعلق بالدين الخارجي لمصر، والذي بلغ 165 مليار دولار بنهاية يونيو 2023، تشير تقديراتنا إلى أن الحكومة سددت حوالي 33.9 مليار دولار في السنة المالية 2022/2023 وقامت بترحيل حوالي 24.0 مليار دولار (معظمها ودائع لدول مجلس التعاون الخليجي)، وهو ما يمثل 41٪ تقريبًا من إجمالي مستحقاتها للسنة المالية 2022/2023 إلى جانب مبلغ مستحق قيمته 24.7 مليار دولار للسنة المالية 2023/2024. ونتوقع زيادة معتدلة في الدين الخارجي للسنة المالية 2023/2024، متأثرة بتخفيض التصنيف الائتماني لمصر من قبل موديز، استنادرد اند بورز وفيتش وقدرتها على الوفاء بالديون، الامر الذي دفع مصر للجوء إلى الأسواق الآسيوية لإصدار سندات باندا وسموراي بقيمة حوالي 979 مليون دولار وإمكانية التوجه للسوق الهندية. ونتوقع أن يتقلص فائض الحساب المالي بنسبة 13% تقريبًا على أساس سنوي ليسجل 7.82 مليار دولار في السنة المالية 2023/2024 مع تسجيل محفظة الأوراق المالية صافي تدفقات استثمارية بقيمة 0.18 مليار دولار مقابل صافي خروج استثمارات بقيمة 3.77 مليار دولار في السنة المالية 2022/2023. كما ارتفع صافي التزامات القطاع المصرفي من العملة الأجنبية، بما في ذلك البنك المركزي، بنسبة 36% على أساس سنوي إلى 27.1 مليار دولار في يونيو 2023، ونتوقع أن تتراجع بنسبة 6% تقريبًا على أساس سنوي إلى 25.5 مليار دولار بحلول يونيو 2024، على أثر تحسن تدفق العملات الأجنبية، بما في ذلك عائدات برنامج الطروحات الحكومية وتحسن الاستثمار الأجنبي المباشر في قطاع الخدمات، وبالاخص قطاع العقارات والتمويل وتكنولوجيا المعلومات. وفي أعقاب تأخر مراجعة الاصلاحات الاقتصادية من قبل صندوق النقد الدولي خلال شهري مارس وسبتمبر 2023، والذي تمت الموافقة عليه في ديسمبر 2022 بقيمة 3.0 مليار دولار، تأرجح مؤشر مبادلة مخاطر الائتمان لمصر لمدة عام على مدار الاحدي عشر شهرا من عام 2023، لتصل إلى 1122 نقطة أساس حاليًا مقارنة بـ 499 نقطة أساس في يناير بعد استئناف برنامج الطروحات الحكومية. ومن وجهة نظرنا، فإن التزام مصر ببرنامج إصلاحات صندوق النقد الدولي، إلى جانب تحقيق تكافؤ الفرص مع القطاع الخاص، أمر ضروري لجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة مرة أخرى وزيادة سيولة مصر من العملات الأجنبية.”
اختتمت هبة منير توقعاتها: ” نتوقع أن يتسع عجز الموازنة إلى 7.1% من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية 2023/2024 بشكل أساسي بسبب ارتفاع تكلفة الفائدة: وصل عجز الموازنة إلى 6.1% من إجمالي الناتج المحلي في السنة المالية 2022/2023، مشابها لمستواه في السنة السابقة له في 2021/2022، بينما نتوقع أن يتسع عجز الموازنة إلى 7.1 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2023/2024، والذي يعكس عجز نقدي يبلغ 810 مليار جنيه، وهو أقل بنسبة 5٪ تقريبًا من تقديرات الحكومة البالغة 849 مليار جنيه. ونتوقع نمو إجمالي إيرادات الموازنة بنسبة 54% على أساس سنوي لتبلغ 2.13 تريليون جنيه للسنة المالية 2023/2024، وذلك تماشيًا مع تقديرات الحكومة (-1%)، بسبب ارتفاع إيرادات الضرائب بنسبة 25% على أساس سنوي تقريبًا وزيادة الإيرادات غير الضريبية بمقدار 2.87 مرة على أساس سنوي. ونتوقع أن ترتفع اجمالي نفقات الموازنة بنحو 44% على أساس سنوي إلى 2.94 تريليون جنيه، والتي تعد أقل من تقديرات الحكومة الاولية بنحو 2%. وفي هذا الصدد نتوقع أن ترتفع مصروفات الفوائد بنسبة 29% تقريبًا على أساس سنوي إلى 757 مليار جنيه في السنة المالية 2022/2023 وبنسبة 55% تقريبًا على أساس سنوي إلى 1.17 تريليون جنيه في السنة المالية 2023/2024 وهو ما يمثل 37% و40% تقريبًا من إجمالي المصروفات في السنة المالية 2022/2023 والسنة المالية 2023/2024 على التوالي والذي يعد أعلى من متوسط هذه النسبة على مدار الخمس سنوات الماضية بنسبة 36% تقريبًا، ويرجع ذلك في الأساسً إلى زيادة أسعار الفائدة بمقدار 1100 نقطة أساس منذ بداية عام 2022.”