سارة السهيل تصدر قصة “اللؤلؤ والأرض” وتهديها لأطفال فلسطين
كتب / محمود الداوود
في قصتها التي صدرت حديثا والموجهة للأطفال “اللؤلؤ والأرض” تبدع الكاتبة والقاصة سارة السهيل في تقديم حكاية للأطفال والفتيان في مشهدية عالية، ومعان جميلة، وفي بساطة لغوية جذابة وسلسة ومتسلسلة.
لم ترتكز السهيل في قصتها على الخيال كثيرا لكنها ارتكزت على أمرين، الأول: السردية المتلاحقة، والثاني: المشهدية، وكلاهما مبنيان على الواقعية مع الذهاب إلى المقاصد المبطنة، فالهدف ليس في القصة بحد ذاتها، إنما فيما تذهب إليه من هدف يتلخص في النهاية في أن الحق لا بد أن يعود إلى أهله، ففي القصة مقصد بشكل من الأشكال بأنها تحكي عن قضية فلسطين بهذا القالب القصصي الممتع، وهي استخدمت هذا الأسلوب الذكي، حتى تبتعد عن النص المباشر، وهنا تبدع السهيل بأن المقصود يأتي بين السطور والمقصود في القصة أمور كثيرة.
حملت القصة التي جاءت في 30 صفحة ملونة بالحجم الوسط عدة قضايا تربوية جاءت في سياق الحكاية دون اقحام، إنما أوجدتها الأحداث بتتابعها المتزن، فهي مثلا تحدثت في القضايا الأتية:
– الأشغال اليدوية وتطريز الملابس هي مهنة الأجداد لكنها متواصلة وهي تعني التراث والأصالة والإبداع.
– احترام الكبير وتوقيره من خلال احترام رغبة (الجد) في تحديد مواعيد الطعام والالتزام بها.
– الاحترام المتبادل بين أفراد الأسرة، وذلك اتضح من خلال انتظار الجد والجدة والأب والأم لابنتهم التي كانت ما تزال في الحقل ولم يتناولوا الطعام إلا بعد حضورها.
– احترام آداب الطعام بالدعاء لله شكرا وحمدا في بداية الطعام وبعد الانتهاء منه، فيما في ذلك من تعاليم دينية وأخلاق عالية.
– أنه مهما بلغنا من العلم والمعرفة والكبر في العمر إلا أننا نبقى نتعلم ممن هم أكبر منا، وهذا لا يعيبنا، من خلال طلب (سعاد) من والدتها تعليمها طريقة إعداد نوع ما من الطعام ورد ذكره في القصة.
– حرص الزوجة على تعلم نوع معين من الطعام يأتي من أجل إعداده لزوجها من باب الحرص على إرضائه وتقديم كل ما هو جميل له، ويعكس الحب والمودة التي من المفترض ا، تحتويهما الحياة الزوجية.
– أنك إذا أردت أن يصدقك الآخرون فإنه لا بد أن يسبق الفعل القول، واتضح ذلك من خلال اصطحاب الطفلة (زينة) لجدها إلى الحقل لتريه أمرا ما كان ليصدقه إلا إذا رآه، وبالتالي كانت الرؤية خير مصدق لما أرادت قوله.
– أن التربية الحسنة تورث الأخلاق الحسنة، باحترام الطفلة لجدها، وبالثقة التي قدمها الجد لحفيدته لقوله لها بأنه أحسن تربية أبنائه فجاءت هي ذات تربية ملتزمة وسامية.
– تقديم معلومات ولو من خلال قصة يرويها الجد داخل القصة الأصلية، يزيد من حالة الامتاع، ويحقق بعض المعلومات المفيدة للطفل.
– إظهار بشاعة الظلم والأنانية وبالمقابل إظهار الإصرار على العطاء وبذل الجهد من أجل ايجاد حياة كريمة لأسرة من يعمل مهما بلغ الظلم من بشاعة.
– أن العبد بمقدار عطائه وصبره على الابتلاء فإن الله يجازيه بالخير ولو بعد حين، ويعوضه على صبره وتعبه في الوقت المناسب الذي قد لا يدركه المرء إلا في حينه.
– الحب اساس العلاقات بين الناس بدءا من الأسرة، من الأصل إلى الفرع، من الجد للأب فللأبناء الذين هم أحفاد أيضا، وإذا ما انعكس الحب بين أفراد الأسرة انعكس على المجتمع.
– أن العدل هو أساس التعامل بين الحاكم والمحكوم أو المسؤول وعامة الناس، ومن سار في طريق الظلم فإن عقابه من الله، وأن من صبر على الظلم كافأه الله ولو بعد حين.
ولا بد من الإشادة بجودة الطباعة، فالقصة صادرة عن دار يافا العلمية للنشر والتوزيع، وكانت الرسومات للفنان محمود البوليس ومن تنسيق وإخراج فني للأديب والفنان عماد المقداد، وجاء الغلاف معبرا عن محتوى القصة بالربط بين الأرض والسماء متضمنة خارطة فلسطين، وفي الغلاف الخلفي وضعت الكاتبة سارة السهيل سيرتها الذاتية المليئة بالإنجازات.
تعتبر هذه القصة (اللؤلؤ والأرض) إضافة جديدة لمكتبة الطفل العربية التي تميزت فيها الأديبة سارة السهيل فهي كتبت العديد من قصص الأطفال والعديد من الأبحاث والمقالات التي تخص الطفل فقد كتبت للطفل وعن الطفل، بالإضافة إلى كتاباتها المسرحية والاجتماعية والسياسية.
وفي الإهداء قدمت السهيل القصة إلى البراعم والأزاهير، وإلى أرواح الطفولة التي غادرت أرض فلسطين طيورا إلى السماء وإلى أطفال فلسطين الذين عاشوا بصبرهم تحت نير الحصار والألم والمعاناة، وإلى الشعب الفلسطيني الصامد المناضل.
وأما المقدمة فقد جاء فيها: أقدم بين يدي أحبائي الأطفال هذه القصة ضمن السلسلة القصصية المتنوعة بموضوعاتها وأغراضها، وأهدف فيها إلى تعريف الطفل القارئ وتنوير بصيرته بالمبادئ الخلقية التي يحتاج إليها، ويستشف منها سبل سعادته، ويقيمها نصب عينيه، ليشق طريقه في هذه الحياة بالكفاح المزدهر والعطاء البناء.