السفير رياض منصور يرأس إجتماعات تنسيق المرافعات الشفهية لفلسطين في محكمة العدل الدولية
كتب : أحمد عبد الحليم
بدأت اليوم في لاهاي إجتماعات التنسيقية الأخيرة لوفد الحكومة الفلسطينية برئاسة الوزير السفير الدكتور رياض منصور سفير فلسطين في منظمة الأمم المتحدة بنيويورك، لمناقشة أعضاء فريق المحاميين القانونين لدولة فلسطين أمام محكمة العدل الدولية حول المرافعات الشفهية لفريق الدفاع الفلسطيني في قضية طلب الرأي الاستشاري من المحكمة بشأن ماهية الاحتلال الإسرائيلي والتبعات القانونية لإحتلال الأراضي الفلسطينية، بشأن الآثار المُترتبة على إنتهاكات إسرائيل المُستمرة لحق الشعب الفلسطيني بتقرير المصير والتي ستبدأ يوم الإثنين القادم في القاعة الرئيسية لمحكمة العدل الدولية بقصر السلام في لاهاي.
وقال السفير الدكتور رياض منصور، إن الهدف من الإجتماعات المُستمرة علي مدى يومين، اليوم وغدًا البحث والتنسيق وتوزيع المهام والتشاور بين أعضاء الفريق القانوني لدولة فلسطين، وإستكمال النقاش حول النقاط التي سيرتكز حولها دفاع الوفد القانوني لفلسطين أمام محكمة العدل الدولية.
وأضاف السفير، أن الجمعية العامة للأمم المتحدة بناءًا علي طلب الحكومة الفلسطينية في نهاية عام ٢٠٢٢، وقبل إندلاع أحداث ٧ أكتوبر كانت قد قررت أن تحيل إلى محكمة العدل الدولية، طلب فتوى إستشارية حول سؤالين رئيسيين ينطويان على عدة أسئلة، بما فيها الإنتهاكات إسرائيل للقانون الدولي في ثلاث نقاط في غاية الأهمية، هي إنتهاكات حقوق الشعب الفلسطيني في موضوع ضم أراضيه، في القدس وغيرها، ويرتبط ذلك ببناء وتوسيع الإستيطان، وثانيًا في حرمان الشعب الفلسطيني ممارسة حقوقه الوطنية الثابتة، بما فيها الحق في تقرير المصير، وسيادة وإستقلال دولته، وعاصمتها القدس وحرمان اللاجئين حقوقهم. والمُسألة الثالثة تتعلق بسنّ قوانين إسرائيلية ترسخ نظاماً تمييزيًا عنصريًا، ومن ثم ما المُترتبات القانونية عن مثل هذه الإنتهاكات التي تغير الإحتلال من طبيعة مؤقتة إلى ضمّ بفعل الأمر الواقع، وبفعل القانون (كما حدث بإعلان إسرائيل لضمّ القدس) ،ومن المُنتطر ان تتناول الفتوى الخطوات المترتبة عن هذه الأفعال غير القانونية، وما المطلوب أن تقوم به الدول والأمم المتحدة كذلك في هذا الشأن.
وأضاف السفير منصور أن قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب الرأي الإستشاري من المحكمة، صوتت لصالحه أغلبية الدول الأعضاء بالمنظمة.
وفي هذا السياق من المعروف أن 87 دولة صوتت لصالح القرار، فيما صوتت إسرائيل والولايات المتحدة و 24 عضوا آخرون ضد القرار بينما إمتنع 53 عضوا عن التصويت.
وقد أعلنت المحكمة فتح باب المرافعة الشفوية يوم الإثنين ١٩ فبراير، وأوضحت أن 52 دولة و3 منظمات دولية ستشارك في جلسات الإستماع “المرافعات”.
وكانت الحكومة الفلسطينية قد تقدمت مُتمثلة في وزير خارجية فلسطين رياض المالكي بمذكرات الدفاع القانونية المدونة الأولي في يوليو الماضي للمحكمة، أعقبها تقديمها لمذكرة الدفاع الثانية لبلده للمحكمة العدل الدولية في لاهاي في ٢٥ أكتوبر الماضي طبقًا لإجراءات المحكمة، وأكد المالكيً حينذاكً على أهمية المسار القانوني، والمُساءلة خاصة في هذه الظروف التي تقوم بها إسرائيل، كسلطة الاحتلال غير الشرعي، بإنتهاك كافة قواعد القانون الدولي .
الجدير بالذكر أن فريق القانوني للحكومة الفلسطينية في رام الله يضم باقة من ثمانيةً خبيرًا قانونيًا لكبار محاميين القانون الدولي في العالم ويشمل الإستعانة بمدارس فكرية قانونية دولية مختلفة ومتنوعة من أفريقيا وبريطانيا وفرنسا وأمريكا و كندا وألمانيا. وقد حضر الإجتماع اليوم في لاهاي وفد وزارة الخارجية الفلسطينية السفير عمار حجازي مساعد وزير الخارجية الفلسطينية للعلاقات متعددة الأطراف، والسفير عمر عوض الله مساعدي وزير خارجية فلسطين، والسفيرة روان سليمان سفير فلسطين في لاهاي ، والسفير إبراهيم خريشي سفير فلسطين في سويسرا، والسفير ماجد بامية، والسفير فداعبد الهادي نائبي رئيس البعثة الفلسطينية في نيويورك.
ومن المنتظر أن يلقي رياض المالكي وزير الخارجية الفلسطيني أن الكلمة الإفتتاحية لفلسطين في بداية مرافعات الفريق القانوني لدولته بعد غد الإثنين.
وكان الوزير السفير رياض منصور، قد ناشد المجتمع الدولي يوم الإثنين الماضي إلى إتخاذ إجراءات لحماية الشعب الفلسطيني من عدوان الإبادة الجماعية الإسرائيلية والمحاولات التي لا تنتهي لتطهيره عرقيًا وإستعمار أراضيه، وقد بعث منصور 3 رسائل مُتطابقة إلى كل من الأمين العام للأمم المتحدة، ورئيس مجلس الأمن لهذا الشهر (جوايانا)، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة، بشأن ضرورة إتخاذ إجراء دولي عاجل لوقف حرب الإبادة الجماعية التي يشنها المحتل الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني.
وحذر من التهديدات الإسرائيلية بشن هجوم على رفح، جنوب قطاع غزة، التي لجأ إليها أكثر من 1.4 مليون مواطن نازح، إلى جانب ربع مليون من سكان المدينة، وإن هناك إجماعًا عربيًا ودوليًا بشأن خطورة الأوضاع في مدينة رفح جنوب قطاع غزة.
وأشار السفير الفلسطيني إلى أنه في ظل شلل مجلس الأمن المُستمر، شن المحتل الإسرائيلي هجومه على رفح، ما أسفر عن إستشهاد أكثر من 164 فلسطينيًا وإصابة مئات آخرين في غضون اليومين الماضيين، وقال: إنه منذ السابع من شهر أكتوبر الماضي، إستشهد ما لا يقل عن 28،340 فلسطينيًا (طفل وامرأة ورجل وشاب ومسن)، إضافة إلى المسعفين والعاملين في المجال الإنساني والصحفيين، وأصيب أكثر من 68 ألفًا في قطاع غزة.
وأشار في رسائله إلى أن الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، إستشهد بها 390 فلسطينيًا، من بينهم 102 طفل، إضافة إلى إصابة 4500 آخرين على أيدي جيش الإحتلال وميليشيات المُستعمرين، بالإضافة إلى إعتقال آلاف الفلسطينيين، معظمهم من الرجال والفتيان، في جميع أنحاء غزة والضفة الغربية، وتجريدهم من إنسانيتهم، وتعذيبهم وسجنهم، وإعدام العشرات منهم.
وتساءل المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة كيف يمكن تبرير الحاصل للحياة البشرية والإبادة الجماعية؟ وكيف يمكن لأي شخص تبرير ذبح أكثر من 12.300 طفل يفترض أنهم يتمتعون بالحماية بموجب القانون الإنساني الدولي وقانون حقوق الإنسان؟ وكيف يمكن لأي شخص أن يبرر الهجمات المُستمرة على المستشفيات، بما في ذلك مستشفى الأمل ومجمع ناصر في خان يونس، والهجمات على الأطباء والعاملين الطبيين، بما في ذلك أطباء الهلال الأحمر الفلسطيني؟ وطالب مجلس الأمن وجميع الدول بالتحرك بشكل فوري للإضطلاع بمسؤولياتهم قبل فوات الأوان، وقبل أن تتعرض الحياة في غزة لمزيد من الدمار، وقبل تمزيق القانون الدولي بشكل أكبر.
ودعا السفير منصور إلى إتخاذ إجراءات لحماية الشعب الفلسطيني من عدوان الإبادة الجماعية الإسرائيلية والمحاولات التي لا تنتهي لتطهيره عرقيًا وإستعمار أراضيه، وناشد في رسائله الدول المسؤولة بذل كل الجهود، سواء بشكل جماعي أو فردي، لوقف جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية التي يرتكبها المحتل الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني، وإنهاء هذا الاحتلال الاستعماري ونظام الفصل العنصري.
يذكر ان رياض منصور عين بمنصب سفير ومراقب دائم لفلسطين لدى الأمم المتحدة في نيويورك في عام 2005، وبعدما صدّقت الجمعية العامة على عضوية فلسطين كدولة مراقبة في 2012، أصبح منذ 29 نوفمبر 2012 سفيراً لدولة فلسطين إلى الآن، في 15 يناير 2019، ومع تولي فلسطين لرئاسة مجموعة الـ77+ الصين، رُقِّي منصور إلى درجة وزير، بمرسوم من الرئيس الفلسطيني محمود عباس.
ويشغل منصور كذلك منصب سفير غير مقيم في كوستاريكا والدومينيكان وشغل منصب نائب المراقب الدائم لفلسطين في الأمم المتحدة من 1988 إلى 1994، وكان قبل ذلك نائب المراقب الدائم لمنظمة التحرير الفلسطينية في الأمم المتحدة من 1983 إلى 1988، ومنذ 2002 حاضر كأستاذ في جامعة “سنترال” فلوريدا، وحصل على الدكتوراه في الفلسفة من جامعة “آكرون” في ولاية أوهايو الأميركية عام 1977
وقد إنتقل والد منصور إلى الولايات المتحدة في الخمسينيات كلاجئ وأصبح عاملاً في صناعة الصلب في ولاية أوهايو، وأرسل فيما بعد في طلب أبنائه السبعة من الضفة الغربية، ومن بينهم رياض، الذي ولد في رام الله في 21 مايو 1947، وعاشت عائلته لاجئة في رام الله، في الأراضي الفلسطينية المحتلة.