معالم وسمات الإقتصاد المعرفي وموقع الدول العربية منه
بقلم / عماد الدوماني
معالم وسمات الاقتصاد المعرفي وموقع الدول العربية منه
تتباين التعاريف المفسرة والموضحة للاقتصاد المعرفي بشكل كبير.. إلا أننا ولأغراض التبسيط نستطيع اختصار ذلك في تعريف واحد يساعدنا في إدراك ما يشير إليه مصطلح الاقتصاد المعرفي وهو: “الاقتصاد الذي تحقق فيه المعرفة الجزء الأكبر من القيمة المضافة”.. فالاقتصاد المعرفي قائم بشكل أساسي على رأس المال الفكري والمعلوماتي على عكس الاقتصاد التقليدي القائم على عناصر الإنتاج النمطية المعروفة.
أهم سمات ومعالم الاقتصاد المعرفي
تتضح سمات الاقتصاد المعرفي من خلال توضيح المفاهيم والعناصر الرئيسية المميزة له كالتالي:
* مفهوم القيمة: المعلومات والمعرفة عنصراً أصيلاً من عناصر الإنتاج في الاقتصاد المعرفي وليست مجرد عامل إضافي لرفع كفاءته، لذا فأهمية وقيمة المعلومات أكبر مما هي عليه في الاقتصاد التقليدي، لكن يجدر الإشارة أنها أهمية نسبية تختلف بحسب المستخدم ووقت الاستخدام، فالمعلومة الهامة لتخصص ما قد لا تهم غيره، والمعلومة المفيدة الآن قد لا تفيدنا إذا انقضى وقت الحاجة لها.
* مفهوم الملكية: تقوم الملكية في الاقتصاد المعرفي بشكل أساسي على الملكية الفكرية وليست المادية فقط وقد تضاعفت أهميتها بشكل كبير، وفي الوقت ذاته زادت تحديات هذه الملكية وخاصة في جانب التوثيق والحماية بسبب احتمالية النسخ والتحويل والتحوير والتعرض للاختراقات والقرصنة عبر الشبكات المستخدمة مما يزيد من الأهمية الحيوية لحقوق النشر وبراءات الاختراع لحماية الملكية الفكرية.
* مفهوم العرض والطلب: تزداد قيمة المنتج المعرفي كلما شاع وتوافر وانتشر استخدامه مثل البرامج والتطبيقات الحاسوبية وغير ذلك من المنتجات الخدمية المعرفية، على عكس المنتجات التقليدية التي تزداد قيمتها بسبب ندرتها وقلة شيوعها، بما يعني أن آليات سوق الاقتصاد المعرفي تعمل بدافع الطلب لا بدافع العرض كما في الاقتصاد التقليدي.
* مفهوم النمط الإنتاجي: هناك فرق بين الاقتصاد الصناعي القائم على نمط الإنتاج من الصفر، والاقتصاد المعرفي القائم على نمط إعادة الإنتاج دون الحاجة إلى المرور بمراحل التصنيع من الصفر حتى تمام المنتج، فأغلب ما ينتجه الاقتصاد المعرفي قابل للنسخ أو إعادة الإنتاج مع وجود بعض الاستثناءات بكل تأكيد، لذا يمكننا القول إن اقتصاد المعرفة قد عكس قاعدة العلاقة بين الموارد واستهلاكها، فبينما تنضب الموارد المادية باستهلاكها، تنمو الموارد المعرفية كلما زاد معدل استهلاكها.
* مفهوم مؤشر التقييم الاقتصادي: يقاس أداء مؤسسات الإنتاج الصناعي بمؤشرات محسوسة مثل الطاقة الإنتاجية وحجم الأسواق أو قيمة المخزون السلعي وغيرها، أما مؤسسات الاقتصاد المعرفي فتقاس بناء على القدرة العلمية والمعرفية وقابليتها للتوسع والاندماج مع التكنولوجيا الأخرى ومدى توافر البنية التحتية من شبكات اتصالات وبحوث وتطوير وليس على عوامل مادية مثل خطوط الإنتاج ومنافذ التوزيع.
* مفهوم نمط الإدارة والتنظيم: يتسم النمط الإداري في الاقتصاد المعرفي بطابع ديناميكي يرتكز على العنصر الابتكاري وهو نمط يختلف تماما عما كان سائدا في الاقتصادات التقليدية من تنظيمات مركزية هرمية جامدة ولقد ابتكر الاقتصاد المعرفي نمطا إداريا وتنظيميا جديدا يقوم على لامركزية الإنتاج والتوزيع واستفاد من مركزية السيطرة الإدارية واتخاذ القرار وطورها وطبق منها ما يتوافق مع النمط المبتكر.
مؤشر “اقتصاد المعرفة السنوي”
بمطالعة مؤشر “اقتصاد المعرفة السنوي” الذي أطلقه برنامج الأمم المتحدة الإنمائي عام 2017 بالمشاركة مع مؤسسة محمد بن راشد آل مكتوم للمعرفة والذي شاركت فيه 138 دولة حول العالم، تخبرنا النتائج المنشورة للمؤشر في عام 2020 أن الدول العربية ليست في المراكز العشرين المتقدمة من تصنيف المؤشر باستثناء دولة وحيدة وهي الإمارات العربية المتحدة والتي احتلت المركز الخامس عشر عالميا وهو أمر ممتاز بكل تأكيد خاصة أنها تقدمت على عديد من الدول الكبيرة والمتقدمة، وبمتابعتنا لبقية المراكز نجد بعض الدول العربية في مراكز متوسطة كقطر والتي جاءت في المركز 39 والمملكة العربية السعودية في المركز 42 بينما جاءت بقية الدول العربية لاحقا في مراكز متباينة تقع بين المتوسطة والمتأخرة، بينما جاءت بعضها في مراكز متأخرة جدا كدولة موريتانيا والتي نجدها في المركز 136.
بعد هذا الاستعراض الموجز والسريع لسمات ومعالم الاقتصاد المعرفي ومحاولة عكس ذلك على واقع البلدان العربية وما تنتهجه وتتبعه من أنظمة اقتصادية متباينة ودراسة تصنيف وموقع الدول العربية من مؤشر “اقتصاد المعرفة السنوي|” يتبين لنا حجم التحدي الكبير الواقع على هذه الدول لمحاولة اللحاق بالركب المعرفي والمعلوماتي للعالم المتقدم، وما يستتبع ذلك من جهود مكثفة ومضنية لتقليص الفجوة وسد النواقص وتطوير اقتصاداتها وهو ما يستلزم دراسة مكونات الاقتصاد المعرفي وقطاعات وبنود و مؤشرات