الجزء ٢١ ” هناك في شيكاجو”
بقلم / هناء عبيد
كنت في موقف حرج منك، خشيت أن تكون قد لاحظت نظراتها الفاحصة. كان بودّي أن أقوم لأوبّخها. كنت أختلس النّظر إليك بين الحين والآخر محاولة إخفاء ابتسامتي الّتي تفضح سعادتي الشّديدة.
استأذنت، وتوجّهت إلى المطبخ مع نور، تهامسنا وضحكنا. كانت نور تحمل سعادتي وربّما أكثر. تحدّثت لي عن إعجابها بك وبحديثك رغم قصره، استرعى انتباهها أدبك الجمّ. حاوَلْتُ الاستماع إلى حديثك مع والدي، لكنّ صوتكما كان منخفضًا. تقدّمت نور بأطباق الحلوى، فتبعتها بأكواب العصير، لم نستغرق وقتًا طويلًا لنعود ثانية إليكم. حينما دخلت إلى الصّالة شعرت بانقباض غريب في قلبي بعد أن رأيت ملامح ضجرة تملأ وجه أمي، وملامح غامضة تغلّف وجه والدي.
اختلطت مشاعري ببعضها، أحسست بالفرح والخوف في آن واحد، هجرتني الطّمأنينة، ولم أستبشر خيرًا.
بدوت لي مرتبكًا بعض الشّيء، لا أدري هل طبيعة الحديث الّذي دار بينك وبين أبي كان السّبب في هذا التّوتّر الّذي بدوت به؟ تداخلت مشاعري معك، حاولت أن تتجاوز مشاعرك لتتحدّث إلى والدي.
ربّما حدّثتكم نسرين عن سبب زيارتي لكم. من خلال الجامعة تعرّفت على نسرين وعلى أخلاقكم الطيّبة، ولي أمنية أتمنّى تحقيقها، وهي طلب يدها إن لم يكن هناك مانع.
ما زلت أذكر عبارات والدي جيّدًا، لا يمكن أن أسقط منها حرفًا.
تحدّث بحزم شديد لم أتعوّده منه.
شكرًا لأخلاقك الطّيّبة، لكن سأكون صريحًا معك. أنت ما زلت في بداية حياتك، ونسرين أيضًا ما تزال في الجامعة. بالتّأكيد مشروع خطبة مبكّر سيكون عائقًا لدراستها. أنا أرى أنّ الوقت ليس مناسبًا حاليًّا، والمستقبل ما زال طويلًا أمامكما. أتمنّى أن تقابل من تناسبك أكثر.