نميرة نجم : قتل ١٣ ألف طفل فلسطيني مازالت تعتبره إسرائيل أضرار بسيطة لدفاعها عن النفس
كتب : أحمد عبد الحليم
قالت السفيرة د. نميرة نجم الخبير والمحامي القانون الدولي، أن إستمرار الإدعاء بأن إسرائيل تدافع عن نفسها بقتل المدنيين والأطفال إدعاء سياسي مَغلوط ولا أساس له في القانون الدولي، وإستمرار الدفع به في وسائل الإعلام يهدف إلى تضليل الرأي العام العالمي للحيدة عن كشف حقيقة ما يحدث في غزة من إبادة جماعية ضد الفلسطينيين، وأن الممارسات الإسرائيلية لم تتوقف عند مجازر غزة ولكن عنف المستوطنين في الضفة الغربية يؤكد إننا أمام نكبة جديدة، وأن إستمرار التركيز على أن ما يحدث ما هو إلا رد فعل لأحداث ٧ أكتوبر ما هو إلا ذريعة لإستكمال عملية الإبادة أو طرد الفلسطينيين من أراضيهم وذلك أثناء لقاءها بأساتذة و طلاب و الدارسين والباحثين في القانون الدولي بكلية الحقوق في جامعة ليستر بإنجلترا.
وأشارت السفيرة نجم، في اللقاء إلى أن إدعاءات إسرائيل المَغلوطة التي روجتها منذ أحداث ٧ أكتوبر بكونها في حالة دفاع النفس تتكشف تدريجيًا أنها غير حقيقية أمام الرأي العام العالمي و أن هي المُعتدي وليس المُعتدي عليه، و هي التي تقوم بعدوان دائم و مستمر علي الشعب الفلسطيني منذ عام ٤٨ وليس العكس، ولإثبات ذلك قانونيًا حتى يكون حجة علي الجميع، فكان لابد من اللجوء إلى محكمة العدل الدولية مرتين حديثًا، وقد بدأ بالفعل هذا مبكرًا ومنذ نهاية عام ٢٠٢٢، وقبل أحداث ٧ أكتوبر عندما طلبت الجمعية العامة للأمم المتحدة الرأي الإستشاري من محكمة العدل الدولية في شرعية الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، وبعد ٧ أكتوبر عندما تحول الأمر إلى إبادة جماعية للفلسطينيين في غزة طلبت دولة جنوب إفريقيا دعوى أخرى برأي إستشاري من محكمة العدل الدولية بأن إسرائيل تقود عملية حرب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة.
وأكدت السفيرة نجم، أن اللجوء إلى الإجراءات القانونية الدولية أمام محكمة العدل هو أحد وسائل الضغط وإرشاد الرأي العام العالمي لوقف الحرب الهجمية والمذابح والمجازر اليومية التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني بتمويل أمريكي أوروبي ليس فقط لإبادة الشعب الفلسطيني في غزة و لكن للتخلص منهم وإرهابهم لدفعهم للهجرة قسريا لمصر وإبتلاع والإستيلاء علي باقيا الأرض الفلسطينية في غزة .
وأوضحت السفيرة نجم، أن اللجوء إلى المحكمة رسالة تحذير وتنبيه للعالم، لأن ما يحدث على الأرض في غزة ليس قانونيًا فقط ولكن ليس أخلاقيًا وإنسانيًا، كما تتدعي آله الإعلام الإسرائيلية وحلفائها في العالم، وأنه من الناحية القانونية ليس دفاعًا عن النفس كما تُكرر إسرائيل والولايات المتحدة و إنما العكس صحيحًا، خصوصًا وأن كل هذه الأساليب السياسية التي إتبعتها إسرائيل والولايات المتحدة أصبحت مفضوحة للجميع اليوم مع خلطهما للمفاهيم، فلا يمكن أخلاقيًا وقانونيًا وسياسيًا تحت أي ظرف أو تبرير قتل ١٣ ألف طفل فلسطيني غير المفقودين في أقل من خمس شهور إستنادًا علي مبدأ الدفاع عن النفس الذي تم إستخدامه في غير موضعه وعكس الغرض منه وسَلب الحق من الضحية في الدفاع عن نفسه ومنحها إحتكاريًا فقط للجاني والترويج لهذا الفهم الخاطئ المُتعمد إعلاميًا ما هو إلا مبررًا لإستمرار الإعتداء علي غزة و إستمرار التمويل والفيتو الأمريكي لهذا الإعتداء، بينما لا يزال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يريد أن يقنع العالم بالخداع اللفظي أنه يتجنب قتل المدنيين في غزة عكس ما يحدث علي أرض الواقع من إنهيار شلالات الدم اليومية في غزة، بل أنه يقول أن قتل إسرائيل كل هذا العدد من الأطفال والذي تعدى ١٣ ألف طفل وفي زمن قياسي مجرد “ضرر بسيط” حسب زعمه؟! فمن المُفترض أن العالم تغير و أصبح مهيأ اليوم بالقدر الكافي لعدم الإنصياع التلقائي والثقة في الأقوال المُرسلة لمن أجرموا في حق الشعوب بعد أن كشفت الممارسات علي الأرض وبالأرقام وزهق الأرواح والدم والإفتراء والتضليل.
ونوهت السفيرة نجم، إلى أن المشكلة لا تكمن فقط في التصريحات السياسية، ولكن المُثير للدهشة وغير مفهوم أن تطالب الحكومة الأمريكية من الحكومة والجيش الإسرائيلي مجرد التحقيق في إحداث مُتبعثرة وتوخي الحذر وتجنب قتل المدنيين بالأسلحة التي وردتها لها، وهو منطق سياسي لا ينحاز فقط للقاتل و لكن يمنحه سلطة التحقيق والإفلات من العقاب ولا يبرئه فقط ولكن يمنحه الغطاء و رخصة لإستمرار ذات أساليب العدوان والقتل المُتعمد والمُتكرر للمدنيين حتى الجوعي وهم يركضون وراء المساعدات.
وردًا علي سؤال للسفيرة نميرة نجم، عن الفريق الدفاع القانوني الفلسطيني أمام محكمة العدل الدولية فذكرت أنه يتكون من ثمانية محاميين دوليين تشرفت أن تكون هي السيدة المُسلمة والعربية و الإفريقية الوحيدة فيه و أنها إنضمت إليه بدافع أخلاقي ووطني بدون أجر، وتشرفت في هذا الفريق بزمالة إثنين من المحاميين اليهود من كبار المحاميين في العالم و هما أستاذها البروفسير فيليب ساندز أستاذ القانون الدولي في جامعة لندن و الذي أشرف علي رسالة الدكتوراه التي حصلت عليها من الجامعة ذاتها، والأستاذ بول رايشلر الشريك السابق في شركة فولي هوج الأمريكية للمحاماة الدولية في واشنطن العاصمة، ورغم إنها طلبت منه الإمتناع عن الإنضمام الفريق دفاع فلسطين إلا أنه إنفصل عن شركة المحاماة وإنضم بالفعل لفريق الدفاع الفلسطيني وترافع في اليوم الأول للمرافعات أمام المحكمة العدل الدولية .
وعن سؤال كيفية ترشيحها للإنضمام لفريق الدفاع الفلسطيني أمام محكمة العدل أشارت السفيرة نجم، إلى أن مجتمع المحاميين الدوليين صغيرًا، وأن أغلب المحاميين الدوليين معروفين لبعضهم البعض وللدول والمحاكم الدولية أيضًا، وأنها سبق وعملت مع فلييب ساندز، وبول رايشلر أثناء الرأي الإستشاري من محكمة العدل الدولية في الدفاع عن إستعادة جزر تشاجوس لدولة موريشيوس من الإستعمار البريطاني عندما كانت ترأس فريق الدفاع عن منظمة الإتحاد الإفريقي، وكان كلا المحاميين هما أعضاء الرئيسين في فريق دفاع دولة موريشيوس أمام محكمة العدل الدولية عام ٢٠١٨، ولم يكن جديد أن يعملوا معًا مجددًا في قضية مدي شرعية الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية أمام محكمة العدل الدولية، وكلا المحاميين الدوليين رشحوها للدولة الفلسطينية للعمل معهم في القضية، وقد فوجئا أن الدولة الفلسطينية كانت إختارتها مُسبقًا بالفعل كعضو بالفريق القانوني لفلسطين قبل طرحهما للاسم .
وكانت كلية الحقوق في جامعة ليستر بإنجلترا قد أصدرت بيانًا عن زيارة السفيرة الدكتورة نميرة نجم، مدير المرصد الإفريقي للهجرة، إحدى الوكالات المُتخصصة التابعة للإتحاد الإفريقي، أكدت فيه على الإستفادة من خبرتها في جامعة ليستر، حيث إلتقت بالموظفين والطلاب وإطلعت على عملهم .
وأشارت الكلية في بيانها، إلى مسيرة السفيرة نجم المهنية المميزة كمحامية ودبلوماسية بارزة وأنها كانت أول إمرأة تعمل مستشارة قانونية للإتحاد الإفريقي بالإضافة إلى عملها بوزارة الخارجية المصرية، والبعثة المصرية لدى الأمم المتحدة، نيويورك، وفي سفارة مصر لدى هولندا، وكسفيرة سابقًا لمصر لدى رواندا.
وأوضحت كلية الحقوق جامعة ليستر، أن السفيرة كانت المستشارة الرئيسية للفريق القانوني للإتحاد الإفريقي أمام محكمة العدل الدولية في الرأي الإستشاري لشاجوس، والمحكمة الجنائية الدولية في إستئناف الأردن في قضية البشير (السودان)، وعضو في الفريق القانوني لفلسطين في الرأي الإستشاري بشأن عدم شرعية الإحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، من بين حالات أخرى، مُؤلفة العديد من الكتب والمقالات، من بينها كتاب بعنوان “مقدمة لمعاهدات الإتحاد الإفريقي البيئية”، والذي تم إطلاقه في الجامعة خلال زيارتها.
وأفادت الكلية، أن زيارة السفيرة للجامعة تضمنت جولة في كلية الحقوق في ليستر، حيث تعرفت السفيرة نجم على الأبحاث التي تجري حاليًا هناك، و تحدثت إلى الطلاب والموظفين والجمهور الدولي المدعو عبر الإنترنت، عن “مرصد الهجرة الإفريقي: أداة أساسية للهجرة في إفريقيا” بالإضافة إلى المشاركة في محادثة مائدة مُستديرة مع جمعية القانون بجامعة ليستر، وجمعية القانون الإفريقية حول “الأهمية الحاسمة للقانون والمحامين على المستوى الدولي والدبلوماسية” والذي قدمها الطالب من موريشويس بصفته رئيس جمعية طلاب كلية الحقوق بالجامعة .
وأنهت جدول أعمالها لهذا الأسبوع من خلال التواصل الطلابي مع عيادة الإستشارات القانونية بالجامعة، حيث إلتقت السفيرة نجم، بطلاب من مشروع تعويضات Pro Bono وWindrush (الهجرة) ، حيث تدير عيادة الإستشارات القانونية بكلية الحقوق في ليستر خدمة مجانية ويقوم الطلاب، تحت إشراف محامين، بمساعدة أولئك الذين يرغبون في المساعدة القانونية من المجتمع ولا يستطيعون تحمل أتعاب المحاماة.
وقالت السفيرة د. نميرة نجم، “لقد سَعدت للغاية بلقاء محامين واعدين في طور الإنشاء – فهم يزودوننا بالطاقة الإيجابية وأعتقد أن العالم سيكون مكانًا أفضل مع تحقيق تطلعاتهم”، “لقد كانت زيارة ممتعة ورائعة” .
وقال الدكتورة إيكي أوموروغبي من كلية الحقوق في ليستر، “لقد كان شرفًا عظيمًا أن نستضيف السفيرة د. نجم في كلية الحقوق في ليستر، وإنها شخصية مُلهمة حقًا، وإستمتع الأكاديميون والطلاب بمحادثاتها الثاقبة حول قضايا القانون الدولي ذات الأهمية الخاصة للمنطقة الإفريقية، وبمشاركتها الحماسية معنا جميعًا”.