“الحشاشين” وإستعادة عرش الدراما التاريخية
صناعة لا تتم بعشوائية بل بهندسة واعية.. وهذه أسباب هجوم قوى الشر على صُناع العمل
بقلم / المهندس أحمد الفقي
إستشاري الذكاء الإصطناعي بمؤسسة بيدو
عودة الدراما التاريخية المصرية للشاشة من جديد إنجاز مهم وخطوة في المسار الصحيح، لأن من المؤكد أن للدراما التاريخية فوائد جمة ومكاسب متعددة وضرروة حتمية لمساهمتها في بناء الصورة الذهنية للمجتمعات، وإنتاجها لا يكون بهدف التسلية والمتعة بقدر دورها في تحقيق وتعزيز الوعى وإثراء الحياء الثقافية للشعوب، فقولا واحدا وبعيدا عن أي نقد أو ملاحظات حول مسلسل الحشاشين نحن أمام عمل إبداعى بامتياز فيكفيه أنه أعاد عرش الدراما التاريخية المصرية من جديد بعد غياب طويل وبعد قيام دول باستغلال هذا الفراغ بما يناسب أهدافهم.
الرسالة والهدف من المسلسل
وبعيدا عن حوار اللغة والجدل الدائر حولها، أعتقد أن كارهى المسلسل ضخموا من الأمر واعتبره مبررا للهجوم، تاركين الرسالة والهدف من وراء هذا العمل، ويكفى أن المسلسل يحذر من خطورة الاستغلال المنحرف للدين، وهو ما أكد عليه خلال حلقاته حتى الآن من التحذير من خطورة استغلال الدين والتفسيرات الخبيثة للتأثير على البسطاء ودفعهم لارتكاب أعمال الاغتيال والتخريب، فهل ينكر أحد أن من تسبب في بث الفرقة في العالم الإسلامي وتسبب في زيادة التقسيم والصراعات كانت تلك الجماعات التي اتخذت من الدين ستارا ونفذت أجندات خاصة، وفتحت الباب أمام القوى الأجنبية من استغلال حالة الوهن والضعف للاستعمار والاحتلال، وتدمير العالم الإسلامي في الماضى.
لذلك فإن تسليط الضوء على هذه الجماعات وتلك الأفكار للجيل الجديد يُحصنها ويعزز مفاهيم الوعى لديهم ويحميهم من براثن التطرف، خاصة أنه لا زالت تلك الأفكار يتم الدفع بها لتهديد الحاضر والمستقبل أيضاً.
أسباب رعب قوى الشر من المسلسل
وظنى، أن زيادة الهجوم على “الحشاشين” أن قوى الشر أرعبها هذا المسلسل، لأن هناك حالة من الشبه بين جماعة الصباح وبين جماعتهم، فكلتا الجماعتين يتفقان على مبدأ العمل السرى، والاعتماد على سياسة الاغتيالات للوصول إلى الأهداف، والأخطر أنهما يتفقان على شرعنة العنف والتطرف لتحقيق الأهداف، غير التشابه في مبادئ السمع والطاعة ومفهوم التقية للتخفى.
لذلك، كان الهجوم على مسلسل الحشاشين كبيرا وضخما، ما دفعهم لاستخدام كافة الأدوات للطعن والتقليل في العمل، فتارة يتحدثون عن اللغة وتارة يتحدثون عن تزييف الأحداث التاريخية وتارة ثالثة يسخرون من الممثليين وأدائهم، لكن في حقيقة الأمر نجاح المسلسل ومشاهدته العالية ومتابعته من كل الأطياف أصابهم بالرعب والذعر.
بل أن أسباب الهجوم نفسها تحولت إلى أسباب للنجاح، فبعد عدة حلقات باتت اللغة واللهجة المصرية سببا رئيسيا في انتشار المسلسل ومتابعته من قبل الأجيال الجديدة وفقا للنقاد ووفقا لاستطلاعات الرأي..
مقومات نجاح المسلسل
وحقلة وراء أخرى، بات الجميع يتحدث عن الإبداع في الإخراج والتصوير، وباتت النخبة تتحدث عن عبقرية الحوار والأداء، والأهم أن نسبب المشاهدة أضحت في تصاعد وهو ما يعنى اقتناع وتأثير ونجاح.
ويؤكد أيضا أن الفن صناعة لا تتم بعشوائية بل بهندسة واعية لبناء الوعى وتشكيله من خلال حبكة فنية بجودة عالية.