التهديد الصامت: الذكاء الاصطناعي.. ثورة تكنولوجية أم كابوس أمني؟
بقلم /المهندس أحمد الفقي
إستشاري الذكاء الإصطناعي بمؤسسة بيدو
منذ بدايات الحضارة الإنسانية، حلم البشر دائمًا بامتلاك قوة عقلية فائقة تتجاوز حدود العقل البشري المحدود. وفي القرن الحادي والعشرين، أصبح هذا الحلم حقيقة واقعة مع ظهور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي المتفوقة. فقد تخطت هذه التقنية الثورية حدود الخيال العلمي لتصبح جزءًا أساسيًا من حياتنا اليومية، حيث نستخدمها في كل شيء من المساعدات الصوتية إلى السيارات ذاتية القيادة.
ومع ذلك، فإن هذا التقدم الهائل ينطوي على مخاطر جسيمة قد تهدد أمن بلادنا واستقرارها بشكل لم يسبق له مثيل. ففي رؤيتي الشخصية، أرى أن الذكاء الاصطناعي يمثل سلاحًا فتاكًا إذا ما وقع في أيدي جهات خبيثة أو متطرفة. مع قدرته الهائلة على التعلم والتكيف والاختراق، يمكن استغلاله لشن هجمات إلكترونية مدمرة ضد البنية التحتية الحيوية لدولتنا، بما في ذلك شبكات الكهرباء والاتصالات والنظم المالية.
تخيل معي سيناريوهًا مروعًا: مهاجم إلكتروني متطرف يمتلك أحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي ينجح في اختراق أنظمتنا الدفاعية وتعطيل شبكاتنا الحساسة. قد يتسبب ذلك في انهيار اقتصادنا وفوضى عارمة تهدد أمننا القومي بشكل جدي وخطير للغاية. هذا السيناريو المرعب ليس من نوع الخيال العلمي، بل هو تهديد محتمل قد يصبح حقيقة واقعة في أي لحظة.
لكن التهديدات لا تقتصر على الجانب الأمني فحسب، فالذكاء الاصطناعي أيضًا يمثل خطرًا على مستقبل العمل والبشر أنفسهم. إذ يمكن لقدرته الفائقة على أتمتة المهام التي كانت تُنجز سابقًا من قبل البشر أن تؤدي إلى فقدان ملايين الأشخاص لوظائفهم في جميع أنحاء العالم. وهذا من شأنه أن يزيد بشكل كبير من معدلات البطالة والفقر والاضطرابات الاجتماعية، ناهيك عن التأثيرات النفسية السلبية على الأفراد نتيجة فقدانهم مصدر رزقهم.
ولا ننسى المخاوف المتزايدة من فقدان السيطرة على هذه التقنية فائقة الذكاء. فما الذي سيحدث إذا تمردت الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي وبدأت في اتخاذ قرارات خطيرة بشكل مستقل دون رقابة أو توجيه من البشر؟ هذا السيناريو المخيف يبدو للوهلة الأولى وكأنه مقتبس من رواية أو فيلم خيال علمي، لكن العديد من الخبراء يحذرون من أنه قد يصبح حقيقة واقعة في غضون العقود القليلة القادمة.
ولذلك، فإن الوقت قد حان لبذل المزيد من الجهود لضمان أمن بلادنا واستقرارها في عصر الذكاء الاصطناعي هذا. فيجب علينا وضع قوانين وبروتوكولات أمنية صارمة لمراقبة استخدام هذه التقنية ومنع أي محاولات لإساءة استخدامها. كما أن الاستثمار في تدريب الكوادر البشرية المؤهلة للتعامل مع هذه التقنية بشكل آمن وفعال يعد أمرًا بالغ الأهمية.
ومن منظوري كاستشاري للذكاء الاصطناعي، أرى أن هذه التحذيرات والمخاطر المحتملة للتقنية الحديثة ليست جديدة على الإطلاق. فلطالما واجه البشر تحديات مماثلة عند ظهور أي ابتكار تكنولوجي كبير، سواء كانت الآلة البخارية أو الكهرباء أو الإنترنت. ومع ذلك، فإن التاريخ يُظهر لنا أن البشرية كانت قادرة دائمًا على التكيف مع هذه التغييرات الجذرية والاستفادة منها لتحسين حياتهم وتقدمهم.
وبالمثل، فإنني أعتقد أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، على الرغم من مخاطرها المحتملة، يمكن أن تكون قوة إيجابية هائلة إذا تم التعامل معها بشكل صحيح. فهي يمكن أن تساعدنا في حل بعض أكبر التحديات التي تواجه البشرية، مثل الأمراض والفقر وتغير المناخ. كما يمكن أن تحرر البشر من الكثير من المهام الروتينية والشاقة، وتتيح لهم التركيز على المهام الإبداعية والمثيرة للاهتمام.