900
900
مقالات

دكتور محمد كامل الباز يكتب : المصير

900
900

بينما كنت أشاهد تقرير عن وفاة الفنان صلاح السعدني رحمه الله، إذ بالريموت ينقلني لمسلسل أرابيسك؛
شعور غريب إنتابني، إحساس غريب جداً لم أشعر به، على بعد عدة قنوات تجد السعدني يصول ويجول، يضحك ويغضب، يحب ويكره، يكلم أخوه تارة ووالدته تارة أخرى، ثم رجعت للقناة الأساسية لأجده قد فارق تلك الحياة، ذهبت تلك الانفاعلات والضحكات وأصبح غير موجود فى عالمنا، لحظة بل أقل من لحظة قد تفرق أحد منا عن حياته لتنقله لعالم آخر، عالم مختلف تمام الاختلاف عن ذلك الذي كان يعيش فيه، عالم يكون هو فيه مُشاهد ومُحَاسب، لا يملك من أمره شىء ولا يستطيع أن يقدم شىء، فات الوقت وتم سحب ورقة الامتحان وعليه إنتظار النتيجة التى لن تؤهله لكلية أو معهد، بل ستدخله مقام دائم فى جنة أو نار،
عندما أفتح تطبيق الفيسبوك وأدخل للرسائل واقلب فيها أُصاب بالذعر والرعب، البعض من الأصدقاء كان يتكلم معي منذ سنوات ولكنه الآن في تعداد الأموات، كان يحلم ويتمني، كان ينوي ويسوف ولكن فجأة أصبح ليس موجود وأصبح الاكونت الشخصي له مجرد ذكري؛
أمر غريب ويدعو لتوخي الحذر والاستعداد فبديل تلك الحياة التي نموت من أجلها هو المكان النهائي لنا الذي لن يتغير ستعيش فيه حياة أبدية دون موت سيكون هو الخلود لك،

هل سألت نفسك في أى مرة ما هو معنى الخلود ؟
كيف لوضع مهما كان سواء حسن أو سىء أن تستمر عليه إلى مالانهاية!! كلمة لا نهاية أصلا تشعر وكأنها كلمة غريبة وغير حقيقة ولكن للأسف تلك هى الكلمة الحقيقية الوحيدة فى حياتنا
بل هل مر فى ذهنك ذات مرة فكرة الأبدية واللا نهاية وأنك ستظل فى مكان لن تتركه وسيبقى وضعك به دائم؟
هل فكرت أن هناك حياة سرمدية بعد الموت ؟

لو اخذت مع نفسك حسبة بسيطة لعدد أيام سنين حياتك والتى تتراوح بين ستين لسبعين عام وتم محو سنين ماقبل البلوغ والتكليف وأيضاً أوقات النوم بالإضافة لفترات الأكل والعمل ستجد أن حياتك الفعلية بالسنين لا تتجاوز العشرون عاما.

هذا لمن تجاوز الستين من عمره وهناك كثير يعيش أقل من ذلك
بالله عليك …
هل تستحق هذه السنوات أن تكون مخلدا في عذاب وجحيم وتعاني من عقاب أليم ؟

هل تستحق هذه السنوات القليلة أن تكذب وتغش ؟ تخون وتحقد ؟ تكره وتقتل ؟ هل فى عمرك الكثير كي تُغضب الله ؟

رأيت أحد المفكرين الدائم هجومهم على الإسلام يوصى قبل موته بعدم قراءة آيات القرءان عليه بعد الموت متهكما على كلام الله، بعد فترة توفي ذلك المفكر !! نعم مات وواجه من كان يسخر من كلامه!! مات وترك الدنيا وفقد ثناء اقرناءه، فقد اللقب الذي كان يسعده ويثلج صدره ( متنور) فقد كل النياشين والجوائز وبقي معه شىء واحد فقط، عمله الذي اقترفه ليواجه توابع ذلك العمل إن كان خيراً فخير أو غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه؛
هل تستحق تلك الفترة الوجيزة المسماه ( حياة) أن تدفع الثمن بالخلود فى الجحيم ؟؟
هل تستحق أن تعق والديك، تقطع رحميك، تجف اقرباؤك ؟

هل تستحق أن تظلم زوجتك أو أبناؤك ….؟

هل من عاقل يجيب ؟
بالمعلومات الرقمية والله لا بالعقل والمنطق أبدا لا تستحق…
الكيس الفطن من اشترى الكثير بالقليل وضحى بالأدنى لينال الأعلى وزرع فى دنياه كى يحصد فى أُخراه، فمهما طالت حياتك وتشعبت طموحاتك فيجب أن تعلم أن لكل شىء نهاية، مهما طالت أمانيك وتعددت مساعيك فعليك بتقوي الله حتي تجد مصيرا يرضيك
كل ناع فسيُنعي كل باك فسيُبكي
كل مذخور سيفني كل مذكور سيُنسي
ليس غير الله يبقي من علي فالله أعلي.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى