حنان البشلاوي تكتب : الكمال الداخلي لا يتحقق إلا بالنضوج الفكري والعقلي
قال تعالى (وإنك لعلى خلق عظيم ) ..
قال النبي صلى الله عليه وسلم(ما من شئ أثقل في ميزان العبد المؤمن يوم القيامه من حسن الخلق.. وأن الله يبغض الفاحش البذئ )..
يقول الشاعر إنما الامم الأخلاق ما بقيت فإذا ذهبت أخلاقهم ذهبوا٠
قالوا ( الدنيا ساعه.. فاجعلها طاعه.. والنفس طماعة فألزمها القناعة).
قال تعالى (( من يتق الله يجعل له مخرجا)).
نبي الله عيسى كان ينطق بالمثاليات ويدعو الناس إلى أرقى درجات الكمال ٠٠إذن فالكمال درجات ونقطه لن يصل إليها ألا من يتصف بالرضا والقناعه والاستغناء٠٠٠الرضا والقناعة هى مرحلة إدراك ووعي ونضوج فكري وعقلي من وصل إليها تحرر من كل القيود والمظاهر المجتمعية العبثية ٠٠٠٠٠٠
الكثير من الناس يسعى للكمال .. ولكن لا أدرى أي كمال يسعون إليه هل هو الكمال الخارجي بوضع مستحضرات التجميل على الوجه والسياره الفارهه وأفخم الثياب .. أم الكمال الداخلي أي التكوين الداخلي للإنسان الذي يحدد قيمته داخل مجتمعه.
المؤسف الغالبيه تسعى للكمال الخارجي االذي يكلف أكثر حتى زادت الفجوه الإجتماعيه وزادت المسافات والطبقيه وأصبح مجتمعنا يعاني من غربه وتشويه بالإستغناء الذي لا يتصف به إلا الأقوياء ٠
يستطيع الوصول للكمال النسبي القوي فقط من يستغني عن أشياء يتمناها غيره ٠٠٠ القناعه والرضا تجبرك علي الإستغناء الذي يحررك من كل القيود ومن مظاهر المجتمع الخداعه التي ترهقنا نفسيا وفكريا وماليا ٠
أعلموا أن الجمال الحقيقي والرقي ينبعان من الداخل و بدون تكلفه ٠٠الكمال الداخلي يحتاج للوقت أكثر من المال ويحتاج لنضوج فكري وأخلاقي.. فالشخص الناضخ فكريا وأخلاقيا صاحب العقل المستبد هو الأنجح في الحياة والأكثر تأثيرا وحياء .. لذا فهو شخص لا يقلد و يصعب تقليده وليس له بديل..
فالعقل المستبد قيادته أأمن بكثير من قيادة القلب لكونها موضوعيه بريئه من الهوى .. فالعقل يدقق ويفحص قبل اتخاذ القرار ويسهل التمييز بين الجيد والردىء٠٠٠ الشخص الناضج فكريا لا يقترب إلا من العقول العميقة الراقيه التي لا تكذب ولا تتجمل.. لديه جرأة في التفكير وجرأه في التنفيذ لا يستشير في كل أمر من أمور حياته.. يقتصد في علاقاته يضع الخطوط الحمراء حتى لا يخترق أحد حياته٠٠٠يعرف الفرق بين التواضع والتنازل ٠٠٠وأن التنازلات دائما لها ثمن ٠٠تجعل الوصول للانسان سهلا ومحطه لكل من هب ودب.. مشاكله لا يتعامل معها غيره إحتراما لخصوصيته وآدميته ٠٠٠يستطيع تجاوز أى عقبه ٠٠٠٠لا يعرف المستحيل ٠٠٠وقته ثمين لا يعطيه إلا لمن يستحق.. حياته لا تقف على شخص و ليست مشاع ولا حدوته للتسليه مهما كانت قسوة ظروفه او صعوبتها.
الأخلاق الحميدة هي الضمانه الاكيده والحصانه الوحيده لمجتمع رصين.. يحتاج إلى عدة مقومات حتي يكون مجتمع قوي متماسك متحضر يواكب متطلبات العصر٠٠ولا يرتقي أي مجتمع الا بالصدق والأمانة والإخلاص والحياء والعمل والقدوة الحسنه حتى يتحقق الكمال الداخلي وتتحقق القيمه من ألحياة ٠٠٠ القدوة قد تكون في الاسرة أو في المدرسة أو في الجامعه.. وقد تكون في العمل أو في أي مكان نتواجد فيه بحكم طبيعة الحياة ٠٠كنت أقتدي بأي نموذج فريد يتعامل بطريقه مثاليه وأخلاقية مختلفه.. القدوه في حياتنا هي أحد اسباب بناء الشخصيه٠٠ و مهما كانت الصعوبات والعقبات فلا تصنعنا سوى القدوه كنت ابحث دائما عن قدوه أشبهها فكانت شخصية الخليفه عمر بن الخطاب التي قامت ببنائي داخليا حتى صرت لا أحد يشبهني ٠٠ ثم أبي و بعض المقربين أصحاب العقول العميقه المثقفون المخلصون الايجابيون أينما وجدوا تركوا بصمات ٠٠٠ما جمعني بهم ليست القرابه أو صلة الدم فقط بل الحب والموده والصدق والتلقائيه٠٠اهدتني الحياة أما ثانيه وصديقه عظيمه هادئه جميله أنيقه مميزه قويه ثابته أمام تقلبات الحياة وصعوباتها فكانت هى العوض لي٠٠ تبعث في روحي السلام ٠٠تصحبني للسعاده٠٠حديثها راق وموضوعي أطمئن في الحديث معها وكأنني أحدث نفسي٠٠٠ أنا معها كتاب مفتوح لا أكذب ولا أتجمل٠٠تدافع عني وتدعمني إذا تعثرت وخذلتني الظروف ٠٠تفتخر بي وتمدحني أحيانا وتلومني أحيانا أخرى إذا خيبت ظنها ٠٠هي قدوتي ومصدر قوتي مثل أبي لا أحد يشبهها ٠٠سلاما عليكم أينما حللتم وأينما وإرتحلتم ٠٠
وخلاصة تجاربي في الحياة التي ليست باليسيره أكدت أن الناس ليسوا بالشهادات بل بمجموعة من السلوكيات والأخلاق كما علمني أبي٠٠٠٠٠٠النقاء والرقي والبراءه والتلقائيه والعفويه ليسوا سذاجة أو غباء كما يدعى البعض.. بل طهاره وعفه داخليه تكشف الكذب من أول وهله ٠٠الشخص الذي تركيبه الداخلي أكثر جمالا هو الشخص الذي يحمل الخير والسلام والحب والإحترام بداخله
وأخيرا٠٠٠تتحدد قيمة الانسان الحقيقيه بإختيار المكان المناسب والأشخاص٠٠ وعندما يخطئ الإنسان في إختيار المكان المناسب والأشخاص المناسبه سيكون حتما أهدر قيمته وفقد هيبته.