الطلاق الصامت
بقلم : الدكتورعاطف البنا
دكتوراه فى الإرشاد النفسى
” البيوت البائسه ” لفظ دارج فى اللغه العاميه المصريه وتعنى البيوت التى إنتهت بالطلاق وهذا ليس صحيحا .. وإنما “البيوت البائسه ” هي بيوت مازالت – إكلينيكيا – على قيد الحياة ولكنها ماتت إجتماعياً وعاطفياً ونفسياً..
وإذا نظرنا للواقع نجد ان المظهر من الخارج أسره سعيدة كمثل أى أسره تعيش حياه إجتماعيه هادئه .. ” الأولاد يلبسون ويتعلمون “.. الزوجة تغتصب الضحكات أمام الناس.. الزوج يرتدي قناع الإجتماعيات خارجياً ويحصر تعاملاته داخل البيت بين الماديات والخلافات..
ويصل الزواج فى تلك الحالات إلى منطقه رمادية خانقة وتشبه مرحله الحرب الباردة بينهم .. وبالتالي يكون تم تفريغ الزواج فيها من أحشائه السمينة وترك هيكل هش لكي يراه الناس..وهنا يطرح التساؤل؟
لماذا يستسلم معظم الأزواج لهذه الحالة من الترهل فى حياتهم والتى تكون اشبه من مقوله اللا سلم واللا حرب؟
والإجابه ان طرق الحل تكون باهظه الثمن.
الحل الأول – البديهي وهو الإصلاح، وهذا يستلزم مجهود حقيقي ومستمر من الزوجين، ويستلزم قبل المجهود طاقة..
وعادة في هذه المرحلة تكون الطاقة في حالة الصفر الجليدي.. بل قد تتجاوز الصفر الجليدي إلى الكراهية والنفور الصريح.. ويكون الزوجان قد استنفذا جميع الأساليب التقليدية في الإصلاح حتى نضبت طاقتهما تماماً ووصل كلا منهما إلى قناعات قاتمة وراسخة عّن الطرف الاخر..
قد يكون الإصلاح ممكناً، ولكنهما يعرضان عنه لعدم رغبتهما في الإصلاح بعد أن استهلك كلا منهما مخزون الود والحب والرحمة لدى الآخر..
أما الطريق الثاني – وهو الطلاق – فيلزمه فهم أصيل وصحيح لحكمته وطرقه وتبعاته.. وهذا للأسف تم طمسه في مجتمعاتنا واستبدال ذلك بوصمات العار والفشل.. إلا قليلاً..
من ناحية الزوجة، هناك الخوف مِن المستقبل المجهول، الخوف من مظهرها كأنثى فاشلة لم تستطع الحفاظ على بيتها، الخوف من الرجوع تحت إمرة أهل يرونها- وأطفالها – مسئولية ثقيلة وسمعة سيئة لأخواتها والعائلة، الخوف على الرزق إن لم يكن لها مصدر دخل، الخوف على أطفالها من فقدانهم أو من آثار سلبية، الخوف من الوحدة، الخوف من الفتنة، والعديد من المخاوف الاخرى التي تصيبها بحالة مزمنة من الشلل والاستسلام للهيكل القشري لزواج خالي من كل مضامين الزواج..
ومن ناحية الزوج، هناك الخوف من تبعات الطلاق المادية، هناك الخوف مِن مشاكل الطلاق مع أهل الزوجة، الكسل عّن الطلاق في حال كان الزوج يقضي احتياجاته النفسية أو الجسدية أو كليهما مع امرأة – أو أكثر – خارج نطاق الزواج..
ولهذه الأسباب، يحذف العديد من الأزواج إختيار الطلاق من قائمة اختياراتهما ويستسلما لمنطقة اللا سلم واللا حرب..أما إن تجاوز الزوجان كل هذه المخاضات
فيقعوا في الطلاق مباشرة .. وهؤلاء هم القلة التي تقع في الطلاق بعد ان استنفذوا كل طاقتهما في السلم والحرب.