وزيرة البيئة تُطلق نتائج تقرير تحليل البيئة القطري في مصر بالتعاون مع البنك الدولي في يوم البيئة العالمي 2024
كتب : أحمد عبد الحليم
إفتتحت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، ورشة عمل إطلاق نتائج تقرير تحليل البيئة القطري في مصر بالتعاون مع البنك الدولي في إطار الإحتفال بيوم البيئة العالمي ٢٠٢٤، تحت شعار “أرضنا مستقبلنا.. معًا نستعيد كوكبنا”، والذي يُعدّ الأول من نوعه منذ عام ٢٠٠٥، وذلك بحضور السيد ستيفن جمبيرت المدير القطري للبنك الدولي والدكتور علي أبو سنة رئيس جهاز شئون البيئة، والدكتور إسلام أبو المجد رئيس الهيئة القومية للإستشعار عن بعد، والمهندسة داليا لطيف مدير الفريق الفني بالبنك الدولي والدكتور عماد عدلي رئيس جمعية المكتب العربي للشباب والبيئة، وممثلي البنك الدولي وعددا من مُمثلي الهيئات والمنظمات والجهات المعنية.
وأثنت الدكتورة ياسمين فؤاد وزيرة البيئة، على جهود فريق عمل البنك الدولي وفريق وزارة البيئة على الجهود المبذولة في إعداد التقرير لرصد الوضع البيئي في مصر، والعمل على الخروج بتقرير متوازن يضع الدولة على المسار الصحيح، ويرصد الجهود المبذولة والتحديات المطلوب مُواجهتها.
وأعربت الدكتورة ياسمين فؤاد، عن سعادتها بالخروج بتقريرين هامين حول الملف البيئي للدولة المصرية خلال هذا العام، صدرا من منظمات دولية ذات منهجية واضحة، تناولت مختلف وجهات النظر من أصحاب المصلحة، وهما تقرير مُراجعة سياسات النمو الأخضر في مصر بالتعاون مع منظمة التعاون الإقتصادي والتنمية OECD، وتقرير تحليل البيئة القطري بالتعاون مع البنك الدولي، واللذان تشابها في تناول موضوعات الإقتصاد الدوار والنمو الأخضر في مصر، وتسليط الضوء على السياسات التي إتخذتها الدولة وتوفير المناخ الداعم، كما اتفق التقريران في التعرض لآليات إشراك أصحاب المصلحة، كما وثقا المنظور المؤسسي لملف البيئة في مصر، على مستوى قطاع البيئة ككل، حيث وثقا رحلة تغيير الحوار حول البيئة لتصبح محفزًا للإستثمار والتنمية بدلاً من إعتياد النظر لها كمعرقل.
وأكدت وزيرة البيئة، أن رحلة التحول الأخضر في مصر كانت مفيدة لكل الأطراف الشريكة على مختلف الأصعدة، من خلال الربط بين السياسات وتطبيقها على الأرض، حيث أن ملف الإقتصاد الأخضر يحتل مرتبة مُتقدمة على أجندة القيادة السياسية، مُوضحة أن خلق المناخ الداعم يتطلب التواءم مع طبيعة الدولة المصرية ككل وطبيعة كل محافظة على حدى، وأن إشراك المجتمعات المُستفيدة من التحول يخلق عملية تشاركية ذات ربحية مشتركة للجميع.
كما توجهت وزيرة البيئة، بالشكر للبنك الدولي على التعاون الحثيث في تنفيذ مشروع إدارة تلوث الهواء وتغير المناخ في القاهرة الكبرى كأحد أكبر المشروعات التي تربط بين تحديين مهمين لأي دولة، مُشيرة إلى ما رصده تقرير سياسات النمو الأخضر في مصر من تحقيق خفض في تلوث الهواء بنسبة ٢.٥٪، يُؤكد أن الدولة تستطيع تحقيق مخططها للحَدّ من تلوث الهواء، مثل إنهاء الصرف الصناعي على خليج السويس وتوفيق أوضاع ١٧ مُنشأة بترولية به، وإستكمال العمل على كفاءة إستخدام المياه.
ولفتت وزيرة البيئة، إلى ضرورة النظر في ضوء نتائج تقرير تحليل البيئة القطري إلى جهود مصر في ملف تغير المناخ وإطلاق الإستراتيجية الوطنية للمناخ ٢٠٥٠، وتوفير الحوافز لإنتاج الطاقة الجديدة والمُتجددة مثل الهيدروجين الأخضر، وجهود الحد من التلوث الناتج عن قطاع الصناعة من خلال برنامج التحكم في التلوث الصناعي بمراحله الثلاثة، والتحول من فكر التفتيش ورصد المُخالفات إلى التحفيز على التوافق البيئي، وتحقيق مكاسب إقتصادية من إتباع آليات كفاءة إستخدام الموارد مثل إعادة إستخدام مياه التصنيع، وإستخدام الطاقة المُتجددة.
وأشارت الدكتورة ياسمين فؤاد أيضًا إلى ما حققته الدولة في ملف إدارة المُخلفات، خلال رحلة ظهرت بشائر ثمارها بدءًا من البنية التحتية حتى التشغيل وإشراك القطاع الخاص، فمنذ ٤ سنوات كانت المنظومة تقوم على عدد ٢ مدفن، وصل عددهم حاليًا إلى ٢٣ مدفن و٦٣ محطة وسيطة و ١٧ مصنع تدوير مُخلفات، ١٩ عقد للقطاع الخاص لتخرج الدولة من عمليات الجمع والنقل والتدوير والتخلص الآمن، والأهم كان التركيز على المورد البشري بتوفيق أوضاع القطاع غير الرسمي العامل في منظومة المُخلفات الصلبة بالتعاون مع الوزارات والجهات الشريكة، حيث تم منحهم مسمى وظيفي في بطاقة الرقم القومي وترخيص مزاولة المهنة، وتأمينات صحية وإجتماعية.
وقالت وزيرة البيئة، “إن لدينا طاقات وأفكار وقدرات هائلة تمكننا من تحقيق التحول الأخضر، تقوم على تغيير ثقافة المواطن إلى الإيمان بالإستخدام الرشيد للموارد الطبيعية، للحفاظ عليها مع الإستمتاع بها، ونجد أمثلة في السياحة البيئية ومشروعات الشباب، وتغيير النظرة للمحميات الطبيعية كوجهة للإستمتاع والتعلم”.
وشددت وزيرة البيئة، على أن تقرير تحليل البيئة القطري سيساعد في رسم المستقبل، مُعربة عن تطلعها لإعلان تشكيل مجموعة عمل من الخبراء والجهات المعنية ومنظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص تعمل على توصيات التقريرين، لرسم خارطة طريق تدفع الإستمرار في التحول الأخضر من أجل مصلحة الأجيال القادمة.
ومن جانبه، أشاد السيد ستيفن جيمبرت المدير الإقليمي للبنك الدولي في مصر واليمن جيبوتي، بإلتزام مصر نحو البيئة سواء على المسار الإستراتيجي والسياسي وأيضًا على مستوى الإجراءات، مما شجع البنك الدولي على التعاون مع الحكومة المصرية في مجال البيئة على عدة مستويات، ومنها إعداد التقرير القطري البيئي للدولة باعتباره أداة تحليلية إستراتيجية ينفذها البنك بالتعاون مع الدول لتقييم أولويات التنمية البيئية للدولة، والآثار البيئية للسياسات الكلية والقطاعية الرئيسية، وتحليل القدرة المؤسسية لمُعالجة الإهتمامات البيئية ذات الأولوية، حيث تعاون البنك مع الحكومة المصرية في رصد جهودها على مدار السنوات الماضية في مجال البيئة.
وأكد السيد ستيفن، أن التقرير يركز التحليل على ثلاثة مجالات ذات أولوية، وهي الإقتصاد الدوار وإدارة التلوث، وما يمكن أن يحققه من تعزيز للإستثمار وتوفير فرص عمل وحماية البيئة، والإقتصاد الأزرق والبيئة البحرية والذي يشمل عدة محاور ويؤثر بشكل مباشر على تحقيق الإستدامة للسكان المحليين خاصة للصيادين، وعلاقته بتغير المناخ، أما المحور الثالث فهو التمويل الأخضر، الذي يُعدّ من الملفات التي تزايد الإهتمام بها في الفترة الأخيرة لأهميته في مُواجهة التحديات وتعزيز الإستثمارات وإشراك القطاع الخاص، مما يسلط الضوء على ضرورة النظر في آليات التمويل الأخضر وكيفية دعم الحكومة المصرية في هذا الشأن.
في حين أكد الدكتور على أبو سنة الرئيس التنفيذي لجهاز شئون البيئة على تنامي مفهوم الإقتصاد الأزرق في الآونة الأخيرة وإستحواذه على الإهتمام العالمي من قبل الكثير من المنظمات وإهتمامهم بتنفيذ استراتيجيات تتعلق بالإقتصاد الأزرق، لافتًا إلى إهتمام مصر ووزارة البيئة بموضوع الإقتصاد الأزرق لأهميته وإرتباطه بالعديد من المجالات، حيث إستعرض تقريرًا حول جهود مصر في مجال الإقتصاد الأزرق، المجال الذي شهد صياغة العديد من الإستراتيجيات كالإستراتيجية الوطنية لإدارة المناطق الساحلية، والإستراتيجية الوطنية للإقتصاد الأزرق، والكثير من الأنشطة التي يتم تنفيذها، مُؤكدًا على ضرورة ترجمة كل هذه الجهود إلى إستراتيجية وطنية واضحة.
وأوضح أبو سنة، أن مصر لديها موارد ساحلية كثيرة تدخل ضمن الإقتصاد الأزرق كالبحيرات والبحار التي تتمتع بها الأراضي المصرية، وترتبط بقطاعات كثيرة، حيث يُمثل هذا الإقتصاد أهمية كبيرة يقوم عليها حوالي 60% من إقتصادات العالم، مُؤكدًا على ضرورة تحقيق التوازن بين التنمية والحفاظ على هذه الموارد كأماكن التنقيب عن البترول ووجود شعاب مرجانية في تلك المناطق، لافتًا إلى إحتياج الأمر إلى دراسات كثيرة، مع البناء على الدراسات والإستراتيجيات السابقة، والعمل على تصميم خطة وطنية لفهم وإدارة هذا المفهوم بحيث يتم دراسته من كافة جوانبه.
وأعرب رئيس جهاز شئون البيئة عن سعادته بالإقتراحات التي قدمها تقرير البنك الدولي، مُقدمًا الشكر لأعضاء بعثة البنك الدولي وللقائمين على المشروع ولجميع المشاركين.
وإستعرضت السيدة سوكي يوشيما كبير أخصائي البيئة بالبنك الدولي تقرير تحليل البيئة القطري، بدءًا من التقدم المُحقق منذ عام ٢٠٠٥ حتى ٢٠٢٤، حيث لم تعد حماية البيئة والتغير المناخي تقتصر على وزارة الدولة لشئون البيئة، ليصبح على نطاق أوسع مع الوزارات والجهات التي تتقاطع تخصصاتها مع البيئة مثل وزارات التخطيط والتعاون الدولي والمالية، وكانت مسئوليات الوزارة تقتصر على حماية البيئة والرقابة، لتتحول لعد ذلك وزارة الدولة للبيئة إلى وزارة البيئة ذات نطاق موسع تقع تحت مظلتها وكالات متخصصة، مثل جهاز تنظيم إدارة المُخلفات (WMRA)، وفي ٢٠٠٥ كانت وزارة البيئة تمتلك ٨ فرع إقليمي، إرتفع عددها إلى ١٨ فرع يغطي المحافظات الـ ٢٧، كما كان رصد جودة الهواء والماء والرصد اللحظي يغطي مصانع الأسمنت فقط في ٢٠٠٥، ليصبح في ٢٠٢٤ لدينا ١١٦ محطة لرصد جودة الهواء، و٨٨ محطة مراقبة إلكترونية للمُنشأة الصناعية، و٢٠ محطة لجودة المياه على نهر النيل، و٣ محطات صناعية لمياه الصرف الصحي في المُنشآت الصناعية، وفي مجال إدارة المُخلفات أصبح هناك لأول مرة قانون لتنظيم إدارة المُخلفات، إلى جانب إنشاء وحدات التنمية المُستدامة في الوزارات المعنية.
وأضافت أن تقرير التحليل البيئي القطري ٢٠٢٤، ركز على محاور الإقتصاد الدوار في مجال التلوث الصناعي وإدارة المُخلفات، خاصة في قطاعات الصناعة والغذاء، وجهود الحَدّ من التلوث وتحقيق كفاءة إستخدام الموارد، وتوصيات التقرير في هذا المحور ومنها إنشاء المناطق الصناعية الصديقة للبيئة ووضع معايير وطنية للمنتجات الخضراء، أما في محور الإقتصاد الأزرق سَلط التقرير الضوء على أهميته حيث يمثل أكثر من ٢٠٪، من الناتج المحلي لمصر، والتحديات التي تواجهه، والتوصيات الخاصة بتعزيزه ومنها الإستثمار في الحلول القائمة على الطبيعة، كما عرضت المحور الثالث الخاص بالموضوعات المُتعلقة مثل حوكمة البيئة والتمويل الأخضر وبناء القدرات ورفع الوعي.
واستعرضت المهندسة داليا لطيف خبيرة البيئة ومدير الفريق الفني بالبنك الدولي، مفهوم الإقتصاد الأزرق بما يشمله من حماية للبيئة البحرية أو أنشطة إستخراج البترول أو النقل البحري، حيث تم الإتفاق مع الحكومة المصرية على الإستمرار فى تقديم الدعم الفني فيما يتعلق بالإقتصاد الأزرق وهو مفهوم يتعلق بالإستدامة والتكامل بين القطاعات الإقتصادية المطلوبة والحفاظ على البيئة و رأس المال الطبيعي، والعمل على توفير فرص عمل، وتنفيذ أنشطة بها تنمية إقتصادية، ويشمل مجموعة من التحديات تتعلق بالبحث والتنمية و إعادة الحياة الطبيعية، مُؤكدةً على ضرورة التفكير بشكل جماعي والعمل على تحقيق التعاون بين كافة القطاعات بدلاً من التفكير الأفقي و تعامل كل قطاع على حدى، مُشيرة إلى ضرورة الأخذ في الإعتبار كافة الإعتبارات الإقليمية والعالمية والإتفاقيات الدولية.
وأعرب الدكتور عماد عدلي رئيس المكتب العربي للشباب والبيئة، عن أهمية مشروع تحسين هواء القاهرة كمشروع واعد في تحسين البيئة بالقاهرة الكبرى، وعن أهمية الشراكة بين البنك الدولي والحكومة المصرية وخاصة وزارة البيئة، لافتاً إلى إختلاف مفهوم البيئة لدى الكثير عن المُعتقد السائد قديمًا، حيث كان ينظر لها كمُعوق للتنمية أما اليوم فأصبحت البيئة داعم للتنمية بل تُساهم في حل المشكلات التي تواجه العمليات التنموية، وتحسن الأداء وتوفر فرص عمل وتقلل من المشكلات الإجتماعية الموجودة، وأصبح هناك توجه نحو الإستثمار في هذا القطاع الهام، نظراً للعائد الإقتصادى الكبير الذي يحققه.