حنان البشلاوي تكتب : حرب فلسطين ١٩٤٨ ٠٠والتحرر من الإستعمار الأوروبي بالقومية العربية
مصائب قوم عند قوم فوائد ٠٠٠هذه المقوله تنطبق على ما حدث في حرب فلسطين عام ١٩٤٨ من مصائب كان فائده لمصر والوطن العربي وسببا في تكوين تنظيم الضباط الاحرار وسببا في تغيير الأوضاع السياسيه ليس في مصر وحدها بل الوطن العربي كله ٠٠فكانت البداية من ثورة ١٩٥٢ والقضاء على النظام الملكي الفأسد.. ثم القضاء على الاستعمار في مصر والوطن العربي.. وتدريجيا ظهرت القوميه المصريه ثم القوميه العربيه التي نادى بها الزعيم جمال عبد الناصر وصاحب مقولة ما اخذ بالقوه لا يسترد إلا بالقوه.
القوميه العربيه التي نادى بها الزعيم جمال عبدالناصر لم تكن وليدة لحظه بل هى المرحله الاخيره لعدة مراحل تطورت على أيدي نماذج من رجال مصريين وطنيين عظماء اسهموا في تطور مفهوم القوميه في اطارها الضيق لتشمل القوميه العربيه٠٠٠ فالمصريون هم اول من صنعوا القوميه المصريه في ثورة ١٩١٩ بقوة إرادتهم وانطلقوا منها كنقطة بدايه لتحقيق هدف اكبر وهو القوميه العربيه التي نادى بها الزعيم جمال عبد الناصر
ولما كانت مصر اهم جزء في العالم العربي وأشد تاثيرا فيه سياسيا وعسكريا وصاحبةاقدم حضاره منذ آلاف السنيين فكان من الضروري أن تحارب من أجل استقلالها أولا ومن أجل استقلال الدول العربيه القابعه تحت الاحتلال فكانت القوميه المصريه هى نقطة البدايه الحقيقيه لبناء دوله مستقله بعد الانفصال عن الدوله العثمانيه وبعد هزيمتها في الحرب العالمية الأولى من عام ١٩١٤
في عام ١٩١٨ سقطت فكرة الجامعه المصريه التي دعت لها الدوله العثمانيه وحل محلها فكرة القوميه المصريه بان يكون المصريون أمه واحده مستقله لا يحكمها سوى حاكم مصري من ابناء الشعب المصري وليس حاكم اجنبي وهكذا تكونت الحركه الوطنيه التي نادت بانهاء الإحتلال البريطاني لمصر واستقلالها فكان الملاذ الاول للمصريين في تحقيق الاستقلال هو مؤتمر الصلح فكانت الصدمه باعتراف الدول الكبرى بالحمايه البريطانية على مصر٠٠ فكان لزاما على المصريين بعد المؤامره التي حدثت من الدول الكبرى تجاه مصر بمؤتمر الصلح أن يتم تفعيل القوميه المصريه لتحريرها من المحتل فاشعلوا ثورة ١٩١٩ بقيادة سعد زغلول لرفض إنجلترا السماح للمصريين بعرض قضيتهم على مؤتمر الصلح وكانت هذه الثوره هى اول ثوره قوميه في تاريخ مصر المعاصر وبداية لظهور الدوله المدنيه الحديثه التي تقوم على القوميه المصريه ظهر فيها المصريين امه واحده أذهلت بريطانيا وجعلتها تعيد كل حساباتها بل ورضخت لمطالب المصريين لعجزها عن إخماد الثوره وتأكدت فكرة القوميه المصريه من خلال ثورة ١٩١٩ والفت اول وزاره شعبيه منتخبه دستوريه في تاريخ مصر عام ١٩٢٤ برئاسة سعد زغلول وبذلك تتنامى القوميه المصريه بصورها المختلفه تدريجيا حتى ثورة ١٩٥٢ كانت بمثابة تجسيد حقيقي وبدأت تتسع لتشمل القوميه العربيه ٠٠وكانت البذره الاولى لها هى هزيمة الجيوش العربية في حرب فلسطين عام ١٩٤٨ وما حدث في هذه الحرب من مصائب واهمال وفساد واستهانه بالجيوش العربيه كان سبب رئيسي لتكوين تنظيم الضباط الاحرار السري ٠٠٠هذا التنظيم مشكل من ضباط وطنيين ذاقوا مرارة الهزيمة والذل في حرب فلسطين أدت هذه الهزيمه إلى تكوين رابطه وطنيه اكثر وعيا وادراكا بخطورة المستعمر وبفساد حاشية الملك تجمع التنظيم بشكل سري حتى لا يتعرضوا للمساءله القانونيه حيث إن اللوائح العسكريه كانت تمنع اشتغالهم بالسياسة٠؟ ٠٠ وبدأ الصراع الخفي بين الضباط الأحرار وحاشية الملك حتى نجح التنظيم في كسب ثقة الجيش حتى أصبح ولاء الجيش للشعب وليس للملك
وظهر نفوذ الضباط الأحرار ومدى قوة تأثيره على الرأى العام وسيطرته الكامله على الجيش حتى حظيت بتأييد شعبي عارم كل هذه أسباب قويه لقيام ثورة ١٩٥٢ ونجحت الثوره بجداره وحققت كل مبادئها وإنجازاتها السياسيه والاقتصاديه و الاجتماعيه وحققت كل أهدافها في المجال العربي وساعدت الشعوب العربيه على التحرر من الاستعمار بالقوميه العربيه التي سرت في روح كل الشعوب العربيه.
مصر دعمت كل حركات التحرر من الاستعمار الذي قسم الوطن العربي إلى أجزاء منفصله واقام الحواجز التي منعت الاتصال بين العرب ٠٠٠ساندت الجزائر في ثورتها ضد الاستعمار الفرنسي عام ١٩٥٤ ودعمتها ماليا وعسكريا واعلاميا حتى حصلت على استقلالها عام ١٩٦٢ ولكن مصر دفعت الثمن غال حينما شاركت فرنسا في العدوان الثلاثي انتقاما من مصر بسبب مساندتها للثوره الجزائريه ٠٠٠وحصلت تونس والمغرب على استقلالهما عام ١٩٥٦ بالدعم المصري و العربي ٠٠وحصلت موريتانيا وجيبوتي على استقلالهما عام ١٩٦٠ والثانيه عام ١٩٧٧ ٠٠٠وساندت مصر الحركه الوطنيه الليبيه ضد إيطاليا بكل صرامه حتى نالت ليبيا استقلالها عام ١٩٥١ ودعمت السودان والخليج العربي وجنوب اليمن وثورة العراق حتى نالوا استقلالهم
ورأى عبدالناصر ان تحرير مصر لن يكتمل الا بتحرير أفريقيا من الإستعمار الأوروبي لذلك وقفت مصر بجانب الشعوب الافريقيه وساندتهم ماليا وعسكريا وسياسيا حتى نالت ٢٧ دوله افريقيه استقلالهم واحده تلو الأخرى منهم الصومال وكينيا وأوغندا وتنزانيا ونيجيريا وغانا الكونغو.