المصريون يقتسمون فرحة العيد مع أمواتهم
كتبت / داليا عزت
إعتاد كثير من المصرين زيارة ذويهم من الموتى فى الأعياد والمناسبات يحملون فطائر وفواكة الرحمة ، يقتسمون معهم فرحة العيد البعض يرى المشهد شديد القتامة ، والبعض الأخر يراه وفاء ، والحقيقة انها عادة مصرية فرعونية اصيلة توارثها المصريون ، سجلتها النقوش والرسومات على جداريات مقبرة الملك رمسيس الثالث ، حتى ان فطائر الرحمة كانت تصنع على هيئة قرص الشمس وهى رمز للعقيدة المصرية ، وان توزيع هذه الأقراص المصنوعة من الدقيق والماء قربان للألهة الموتى لتغمد الفقيد الرحمة فى العالم الأخر ، هذه العادة التى لحقت بالمصرى القديم مازالت قائمة خاصة فى القرى الصغيرة والمناطق الشعبية .
سكينة محمد ربة منزل تقول اعتادت امى قبل وفاتها اصطحابنا الى المقابر فى اول يوم العيد لزيارة شقيقى المتوفى وبعد وفاتها حرصنا على هذه العادة نأخذ طعامنا وشرابنا ونقضى اليوم فى حوش المدفن حتى نثبت لهم اننا لم ننساهم وان العيد لا يكون بدونهم .اسراء محمد ربة منزل تقول فى الشرقية يقوم اهل البلدة بزيارة القبور عقب صلاة العيد نقرأ لهم بعض سور القرأن ونمضى لبيوتنا مستكملين باقى طقوس العيد عادة توارثناها من جدود الجدود .
منار فتحى ليسانس اداب منذ صغرى وتحرص امى وخالتى على زيارة قبور اهالينا ، كنت اصطحب لهم الزهور وكانت امى تصنع لهم فطائر العجوة وتوزعها على الفقراء فى المدافن وتوصى كل شخص بالدعاء للمتوفى ، ورغم مرور السنين مازلنا نحرص على هذه العادة ولا نشعر ابدا انها تنتقص من فرحة العيد بل على العكس تكملها ، ولكن لم نعد نصنع الفطائر اصبحنا نوزع نقود كنوع من انواع الرحمة والصدقة .
وتعلق فاطمة موسى الداعية الدينية بوزارة الأوقاف ، ان المصرين من اكثر الشعوب التمسك بدينهم ولأن ثبت فى السنة المؤكدة زيارة القبور فقد اوصى رسول الله بها وقال ( زوروا القبور فأنها تذكركم الأخرة ) وكان الرسول يعلم الصحابة قراة السلام على الموتى فمن هذه المنطلق يحرص المصرين على زيارة القبور اما مسالة توقيت العيد فهو غير منهى عنه ولا مصرح به فهو امر اختيارى ، وحول زيارة النساء للقبور ، اوضحت انه لا مانع دينى فى ذلك والدليل عندما رأى النبى امرأة تبكى على احد القبور ، نصحها بالصبر وتقوى الله ولم ينهاها عن زيارة القبر ، كما كان يسمح للسيدة عائشة بزيارة قبر اخيها
وترى فاطمة موسى ان زيارة الموتى بها صلة رحم والشاهد فى ذلك ان الموتى يتواصلون مع الاحياء اثناء زيارتهم لهم ، وروى عن النبى قائلا عن الميت ( انه ليسمع خفق نعالهم اذا انصرفوا ) ، وقد تحدث النبى مع شهداء بدر فى قبورهم فندهش عمر وقال كيف يسمعوا وانى يجيبوا وقد جيفوا فقال النبى (والذى نفسى بيده مانت باسمع لما اقول منهم ، ولكنهم لايقدرون ان يجيبوا )
ويحلل الظاهرة دكتور محمد خطاب رئيس قسم علم النفس بجامعة عين شمس ، ان زيارة القبور فى المجتمع المصرى من الموروث الثقافى والأجتماعى والدينى نجدها تظهر فى الريف والصعيد والاحياء الشعبية وهو شىء محمود يعكس مدى الترابط الأسرى ومعانى البر وصلة الرحم وزيادة قيمة الأنتماء ، حتى الصدقات هى برهان العرفان بالجميل .، ويحذر دكتور خطاب من الخوف من اندثار تلك العادة خاصة فى الطبقات الاجتماعية العليا وبين جيل التيك توك لان معنى فقدها يترتب عليه فقد الهوية ، ويعرض الشخص للاضطراب النفسى والانانية وعدم المبالاة ومن ثما سيخرج ذلك فى صورة اسرة مفككة وبالتالى مجتمع ممزق .