900
900
مقالات

د. محمد كامل الباز يكتب : كل هذا الحب !!

900
900

بينما كنت أبحث فى كلاسكيات السينما كي أجد مفهوم حقيقى للحب، أُصبت بالحيرة، هل يوجد بالفعل قصص حب كما شاهدنا فى الأفلام، نجد البطل يضحي بحياته وسعادته لأجل حبيبته ؟ هل ماكان يروي لنا عن عنتر وعبلة أو قيس وليلى أو حتى روميو و جوليت كان حقيقياً أم تُراه مبالغة ودرب من دروب الخيال؟ هل توجد بالفعل امرأه من الممكن أن تضحي بكل شىء فى سبيل إسعاد الرجل الذي تحبه مثلما فعلت شادية فى ( أغلى من حياتى ) وهل من الممكن أن يتنازل رجل عن الارتباط بفتاة أحلامه من أجل توفير حياة أفضل لها كما فعل نور الشريف مع بوسي فى ( حبيبى دائما) ؟
الحقيقة أنها أسئلة صعبة ويبدو الإجابة عليها أصعب فى ظل متغيرات العالم المادي الذي أصبحنا نعيشه الأن والذي تقريبا لم يعد لكلمة حب مكان فيه، أصبح البديل ( مرتب -شقة سيارة -مركز إجتماعي) لذا أعتقد أن الدراما والسينما أخذت الناس والمجتمع طيلة العقود الماضية فى مصطلح وهمي وكلمة خيالية لم يجدها أحد فى في حياته العملية؛
باتت السينما فى واد والواقع فى واد آخر، لكن هل اختفى الحب، هل هي مجرد كلمة جوفاء بلا مضمون أو برهان ؟

الحقيقة أن الحب مازال موجود وهناك أمثلة كثيرة عن الحب الحقيقي الذى لم يشوبه أى ضرر أو ولا تخالطه أي أهواء أو مصالح، بل لأول مرة عندما أخذت أبحث فى معاني الحب الأشمل والتى لم تتوقف عند حب الرجل للمرأه أو العكس بل كانت قصص واقعية حدثت بالفعل، ذهبت لأبعد ما ذهبت له السينما والدراما بل تفوقت عليها لأنها بالفعل حدثت وكانت حقائق ؛

فى يثرب ومنذ قرون من الزمان طُرق الباب على عمر الفاروق رضى الله عنه، كان صديق له من الأنصار وكانا قد اتفقا على أن ينوب كل واحد فى الحراسة يوم ( يدافع عن حدود الدولة) وأيضاً تعلم الوحى من مجلس رسول الله مقابل أن يتجه الاخر فى نفس اليوم للتجارة وهكذا بالتبادل …
الوقت كان متأخر بالفعل، فزع عمر وفتح وجد صديقه وهنا أزداد فزعه،
قال صديقه فاجعة يابن الخطاب،
احمر وجه عمر من القلق وأول ماجال بخاطره أن صديقه فى نوبة الحراسة فقال هل هجم غسان …( هل جاء الروم) هل تعرضنا للغزو ؟
رد الصديق لا والله بل حدث أكثر من ذلك حيث قال قد طلق النبي ازواجه !!!
انقلبت المدينة رأسا على عقب
تغير حال أصحاب النبي،
فزع أبوبكر وعلى وعمر وعثمان
النبى قد طلق !!
عندما قرأت الرواية للوهلة الأولى ظننت أن عمر قد فزع وجزع لأن بنته حفصة قد طُلقت، أب حزن عند طلاق ابنته، تدرج معي الشعور وتغير، من الممكن أنه حزن على فقدان نسب المصطفى إذ أن أي أحد يحلم بالكلام مع أعظم الخلق فما بالك بمصاهرته ولكن الاندهاش والمفاجأة كانت فى ذروتها عندما علمت سبب حزن وفزع الفاروق وهو نفسه سبب صدمة الصحابة كلهم بل هذا ما جاء بالصديق فى آخر الليل فزعا وجعل ابن الخطاب يظن أن الروم قد هجموا ذلك السبب وهذا الشىء هو ( تعكير صفو النبي صلى الله عليه وسلم) !!
متخيل عزيزى القارئ أن مجرد ظن الصحابة بوجود شىء ينغص حياة المصطفى ويضيق صدره، ماذا حدث لهم ؟
لم يحزن عمر لطلاق ابنته ولم يفكر فى حزنها، لم يكن باله مشغول بفلذة كبده وهل هى على ما يرام أم لا، كان باله مشغول فقط بحبيبه الأول وقدوته المصطفى كل ما كان يشغله كيف حاله الأن وهل هو سعيد أم لا،
انقلبت المدينة وخيم الحزن على ارجاءها لمجرد سماع خبر قد يؤثر على نفسية قائدهم، عم الحزن والضيق فى يثرب لاحساسهم بحزن حبيبهم …ما هذا الذي نسمعه وأين نحن من هؤلاء القوم … لمن يريد تعلم الحب يقرأ فى سيرة هؤلاء العظماء هؤلاء الذين اتبعوا منهج قائدهم واحبوه أكثر من أولادهم بل أنفسهم أيضا، استحقوا مكانة مختلفة وتبؤوا أرفع الدرجات، سيطر هؤلاء الرجال على الخريطة العالمية، أصبحوا العامل الأساسى فى المعادلة السياسية، تجنبهم الفرس وعمل لهم الروم ألف حساب، هذا لم يكن وليد الصدفة بل كان نتاج إتباع وحب المصطفي، كان حب بالبرهان والافعال ليس مجرد إدعاء بالكلام والاقوال مثلما نعيش الأن، حب حقيقى تعلم منه كل الناس بل اندهش منه الأعداء وقتها وظهر ذلك حين قال عنهم سهيل بن عمرو فى أثناء صلح الحديبية عندما وجد الصحابة كيف تُجّل النبى صلى الله عليه وسلم. وقال ( والله لقد جالست الملوك ملك ملكاً شاهدت النجاشي وقيصر وكسر ما رأيت ملك يعظمه أصحابه كما رأيت أصحاب محمد يعظمون محمدا ).

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى