السفير مصطفي الشربيني : يصدر أول موسوعة عربية لقياس البصمة الكربونية
كتب : أحمد عبد الحليم
أكد الخبير الدولي في الإستدامة وتقييم مخاطر المناخ والمراقب باتفاقية باريس لتغير المناخ بالأمم المتحدة، السفير مصطفى الشربيني، على الإهتمام المُتزايد بقياس البصمة الكربونية وتقليصها عالميًا من المستويات الصناعية للفردية، نظرًا لأن مفاهيم البصمة الكربونية وتغير المناخ جديدة على العالم.
وقال السفير الشربيني، بمناسبة إصداره موسوعة البصمة الكربونية وإدارة الإنبعاثات والتحقق منها، إن الثورة الصناعية الخضراء ودخول العالم حقبة جديدة من الإستدامة والنمو الأخضر لتحقيق أهداف التنمية المُستدامة صار الشغل الشاغل للعالم أجمع لإستعادة الكوكب ومُكافحة مخاطر تغير المناخ والتنوع البيولوجي والتلوث، مُضيفًا أن تلك الموسوعة العلمية لإدارة الإنبعاثات الكربونية تشتمل على 7 كتب منفصلة في 3000 صفحة نستعرض فيها دليل البصمة الكربونية للشركات، ودليل البصمة الكربونية للمنتج ودليل التحقق والإفصاح عن إنبعاثات الغازات الدفيئة ودليل آلية تعديل حدود الكربون ودليل الكربون الأزرق ودليل مشروعات تعويض الكربون ودليل أسواق الكربون والطريق إلى الإقتصاد الأخضر وجميع مجالات إنبعاثات الغازات الدفيئة، بشكل شامل ومُفصل، بما في ذلك العناصر العلمية والجوانب المنهجية والتكنولوجية والمعايير ودراسات الحالة الصناعية وتوصيل نتائج البصمة الكربونية وذلك تحت إشراف ومُراجعة علمية لفريق دولي من الخبراء، وتركز على المنهجية و النمذجة ودراسات الحالة.
وتابع الشربيني، أن محاسبة البصمة الكربونية للمنظمات والشركات تساعد على فهم إنبعاثات الكربون لديها حتى تتمكن من تحديد النقاط الساخنة، مما يمكنها من بدء جهود الحَدّ من الإنبعاثات بإجراءات ذات تأثير كبير، مُشيرًا إلى أن تلك الكتب تصف جوانب النمذجة وحسابات البصمة الكربونية في المنظمات والمنتجات ومشروعات الكربون الأزرق وأسواق الكربون.
وأوضح الخبير الدولي في الإستدامة، أن الموسوعة تؤكد على أهمية تحديد مصادر الطاقة غير المُلوثة وكذلك الإستدامة، كما تقدم ثروة من المعلومات حول الممارسات والأساليب في الكشف عن البصمة الكربونية ومُعالجتها وإصدار شهادات الكربون؛ إذ إن تلك الموسوعة هي الأولى عربيًا وتُعدّ رائدة على مستوى العالم كمرجعًا مهمًا يناقش بالتفصيل البيانات الأساسية لتقييم البصمة الكربونية وتعويضها وتخفيضها وتستخدم دراسات الحالة حول الأساليب والممارسات من مواقع مختلفة حول العالم، وتوضح أن مشكلات البصمة الكربونية عالمية بالفعل، وكيف يمكن مُعالجتها في عدد لا يحصى من مجالات الحياة، من الصناعة إلى الزراعة والطاقة والنفايات الصلبة.
وحول محاسبة الغازات الدفيئة أو بصورة أخرى ما هي البصمة الكربونية، قال الشربيني إن المحاسبة الكربونية هي طريقة لحساب كمية الغازات المسببة للإحتباس الحراري التي تنبعث من شركة أو منظمة ما، فكما هو الحال بالنسبة للمحاسبة المالية، فإن المحاسبة الكربونية تقيس تأثير الأنشطة للمنظمة أو الشركة وتُعرف المحاسبة الكربونية باسم “محاسبة الغازات المسببة للإحتباس الحراري”، وتستخدم لتقدير البصمة الكربونية للشركات والحكومات وحتى الأفراد.
وقال الشربيني: “حتى عندما تنجح شركة أو منظمة ما في خفض إنبعاثاتها الكربونية قدر الإمكان، فإن حساب بصمتها الكربونية سيساعدها على تقدير إنبعاثاتها المتبقية، ومن ثم تستطيع المنظمة إستخدام الإستثمار المناخي لتعويض إنبعاثاتها المتبقية، وإستكمال رحلتها نحو صافي الصفر كربون، وقد ترغب المنظمات أو الشركات في مشاركة تقدمها مع أصحاب المصلحة مثل العملاء والمستثمرين والموظفين أو قد يُطلب منها حتى الإبلاغ عن إنبعاثاتها بموجب القانون، حيث تمكن المحاسبة الكربونية الشركات من الإبلاغ عن تأثيرها المناخي”.
وفيما يتعلق بالإجراءات الخاصة للمحاسبة البصمة الكربونية، أوضح الشربيني أن المحاسبة الكربونية تتطلب أمرين؛ هما: جمع البيانات ومُعالجتها، ولكي تتمكن الشركات من المحاسبة عن إنبعاثاتها بفعالية، يتعين عليها أن تضمن أن تكون عملية جمع البيانات التي تقوم بها شاملة، وأن تكون منهجية معالجة البيانات التي تتبعها سليمة حيث تعتمد محاسبة الكربون على مجموعتين من البيانات: بيانات نشاط الأعمال وتصف الأنشطة التي تقوم بها الشركات وبيانات عوامل الإنبعاثات التي تحدد كمية إنبعاثات الغازات المسببة للإنحباس الحراري وبمجرد جمع كل البيانات المطلوبة، يمكن ترجمتها إلى تقديرات للإنبعاثات.
وأشار الشربيني، إلى أن بروتوكول الغازات المسببة للانحباس الحراري العالمي، هو المعيار الأكثر إستخدامًا لحساب البصمة الكربونية، وتعتمد دقة هذا التقدير على شمولية مصادر الإنبعاثات المحسوبة، وجودة مُدخلات بيانات الإنفاق والنشاط، ودقة عوامل الإنبعاثات المُستخدمة.
وردًا على سؤال “لماذا يجب على الشركات إستخدام محاسبة البصمة الكربونية”، قال الشربيني، إن حساب البصمة الكربونية أساسية لأية شركة تريد تقليل بصمتها الكربونية؛ بالإضافة إلى أنها تسهم في مُكافحة تغير المناخ، فهي تساعد الشركات أيضًا على جذب العملاء والمستثمرين والموظفين؛ نظر لأن حساب إنبعاثات الكربون هي الخطوة الأولى نحو تقليل الإنبعاثات، مما يتيح للشركات التحول إلى أنشطة أو مواد منخفضة الكربون، لكن حساب الإنبعاثات الخاصة بسلسلة القيمة، يمكن أن تكون مهمة صعبة، حيث يتضمن جمع العديد من أنواع البيانات من العديد من المصادر ثم ترجمة هذه البيانات إلى إجمالي الإنبعاثات؛ حيث تشكل إنبعاثات سلسلة القيمة، جزءًا كبيرًا من البصمة الكربونية للشركة، لكنها لا تنشأ مباشرة من الشركة؛ مما يجعل حسابها وتقليلها أمرًا صعبًا، وتواجه الشركات التجارية، التي يبلغ عدد الموردين فيها الآلاف، صعوبات خاصة في حساب إنبعاثات سلسلة القيمة.
وكشف الشربيني، أنه باستخدام منهجية هجينة، تستطيع الشركات إجراء تقدير لبصمة الكربون على أساس الإنفاق للحصول على نظرة عامة أولية على مصادر الإنبعاثات في سلسلة القيمة الخاصة بها، ثم تحسين التقدير من خلال جمع البيانات القائمة على النشاط من أكبر الجهات المسببة للإنبعاثات لديها.
وعن أهمية الحد من الإنبعاثات وحساب البصمة الكربونية، نوه السفير مصطفى الشربيني، إلى أن إعداد التقارير المتعلقة بالإستدامة صار متطلبًا قانونيًا لدى العديد من الشركات في أنحاء العالم؛ إذ يتيح محاسبة البصمة الكربونية للشركات تلبية متطلبات الإبلاغ عن التأثير المناخي لهذه التشريعات الحالية والمستقبلية وكلما بدأت الشركة مُبكرًا، كلما كانت العملية أكثر سلاسة.
ولفت الشربيني، كذلك إلى الحصول على مزايا تنافسية، حيث تكتشف الشركات التي تستخدم محاسبة البصمة الكربونية فوائد تجارية غير متوقعة وغير مستغلة بشكل كاف، وتشمل هذه الفوائد تقليل المخاطر، وبناء قيمة العلامة التجارية، والحَدّ من عدم الكفاءة، إلى جانب أن المحاسبة الكربونية يمكن أن تكون بمثابة البوابة إلى الإقتصاد الدائري للشركة وأيضًا تقليل المخاطر الخاصة بالتضليل البيئي من جانب بعض الشركات التي تحاول خداع المستهلكين وإقناعهم بأنها صديقة للبيئة في حين أنها في الواقع تلحق الضرر بهم لذلك فإن الإمتثال والحَدّ من المخاطر يشكلان القوى الدافعة للعديد من الشركات لإستخدام المحاسبة الكربونية.