كتب /مصطفى ياسين
واصل ملتقى البيئة الساحلية الثاني عشر، والذي ينظمه الاتحاد العربي للشباب والبيئة، بمدينة الغردقة بالبحر الأحمر، تحت عنوان “التغيرات المناخية.. قضية الجميع الاقتصاد الأزرق.. وفرص لاقتصاد مستدام”، فعالياته لليوم الثاني على التوالي، بزيارة جزيرة الجيفتون، للتعرف عن قرب على أحد كنوز وثروات محافظة البحر الأحمر من الجزر والمحميات الطبيعية.
وترجمة لهدف الاتحاد العربي للشباب والبيئة من تنظيم ملتقياته ومؤتمراته المتعددة، بغرس القيم الدينية والوطنية لدى النشء والشباب، تم تأهيل مكان لإقامة صلاة الجمعة على جزيرة الجفتون، خطب خلالها الشيخ سامى أبو زيد، من علماء الأزهر، حول الإسلام والحفاظ على البيئة، مؤكداً أن الإسلام أمر بحماية كل المخلوقات والكائنات على البسيطة باعتبارها من خلق الله لخدمة وإسعاد خليفته على الأرض وهو الإنسان، لذا حرم قتل الإنسان أو الحيوان أو النبات حتى فى أوقات الحرب، فالمسلم مأمور من سيدنا رسول الله بألا يقتل شيخاً ولا امرأة ولا طفلاً ولا يقتلع شجرة ولا يهدم بيتا ولا دور عبادة.
واستشهد الشيخ أبو زيد، بقوله تعالى “ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدى الناس…”، مطالباً الإنسان عامة والمسلم خاصةً بعدم الإضرار بالبيئة والاستخدام الأمثل والمعتدل للثروات الطبيعية وشكر الله على نعمائه بالاعتدال فى استهلاكها، وهى ذات مبادئ وبنود التنمية المستدامة التى أدركتها البشرية مؤخراً.
شباب متميز
من جانبه أوضح د. ممدوح رشوان، أمين عام الاتحاد، أن الحرص على الالتزام والاستقامة والتمسك بالقيم والمبادئ الدينية، لكل الأديان السماوية والمبادئ الإنسانية بفطرتها السوية، من أسس وأركان منهج الاتحاد العربي للشباب والبيئة، لإيماننا بأن هذا هو الأساس في إعداد وتأهيل شباب متميز الديه انتماء وطنى ومخلص فى عمله وهدفه لخدمة المجتمع.
أكد د. رشوان أن جميع فعاليات الاتحاد تهدف لتنشئة الأجيال الجديدة على حب الوطن، وصقل مهاراتهم من خلال تبادل الخبرات والتجارب العلمية والعملية والحياتية مع الخبراء والعلماء الذين يحرصون على تواجدهم الفاعل وسط الشباب.
ترسيخ القيم الوطنية
وأشار د. منصف بن منصور، رئيس الاتحاد العربي لبيوت الشباب، إلى أن تقاطع هذه الأهداف الإنسانية النبيلة فيما بين الاتحادين العربيين “للشباب والبيئة ولبيوت الشباب” كان سبباً رئيسياً في تعميق وتوثيق العلاقات خدمة للشباب العربي، وإسهاما فى تعميق وترسيخ القيم الوطنية لدى الشباب تجاه أوطانهم، خاصة وأن الشباب العربي يمثل أكثر من ٦٠ بالمائة من القوة البشرية العربية، وعليهم يتوقف مستقبل العالم العربي، وهذا ما نعول كثيرا عليه فى بناء المجتمع والمستقبل العربي الذي ننشده جميعا.
المحميات الطبيعية
ورغم الإرهاق الشديد الذى أصاب الشباب من الجولة البحرية طوال اليوم الجمعة، إلا أن إدارة المنتدى لم تفوت الفترة المسائية دون عقد جلسة علمية، حيث نظمت حلقة نقاشية حول “الجزر والمحميات الطبيعية في البحر الأحمر”، ومقررتها د. ضحى احمد على، جامعة ٦ اكتوبر، وأدارها د. سعيد رمضان، استاذ علم الاجتماع بجامعة الجزائر، المتخصص فى شئون الحياة البحرية، الذى دعا لتحويل وتغيير النظرة للجزر والمحميات الطبيعية من كونها نظرة جمالية جذابة فقط، إلى جعلها مناطق لدعم الاقتصاد الوطني وجذب السياحة، أى نظرة استثمارية بطريقة مستدامة كدخل قومي للوطن، مستفسرا عن التجربة المصرية فى التعامل مع تحدى مواجهة السكان المحليين المقيمين على أرض الجزر والمحميات الطبيعية؟
وأبدع خبير المحميات الطبيعية د. أحمد غلاب، مدير المحميات البحرية بالجزر الشمالية بالبحر الأحمر، فى شرح وتفصيل ما يتعلق بالمحميات الطبيعية، بإيجاز غير مخل، موضحاً أنها محميات بحرية وتراث طبيعى ونباتية للتنوع الكبير ، مؤكداً أن البحر الأحمر أهم ممر ملاحى عالمى، ومن أهم البحار العالمية للتنوع البيولوجي والثروة السمكية به، معددا كثرة المحميات الطبيعية في البحر الأحمر واهمها: محمية جبل علية وبها نباتات نادرة، محمية جبال حماطة مأعلى تصنيف طبيعي، مشيراً إلى أن البحر الأحمر به ٤٤ جزيرة منها ٢٢ جزيرة أصبحت محمية، منها الجفتون وحولها مجموعة جزر، وتتنوع انشطة كل جزيرة مثل الغوص والسباحة وغيرها، محمية ابو منقار، مجاويش، شعاب الفانوس، وبها تنوع بيولوجى نادر، والجزر البعيدة، موضحاً أن الشعاب المرجانية أهم نظام بيئي ونفقد أجزاء منه سنوياً بسبب ارتفاع درجة الحرارة التى وصلت إلى درجة فى السنوات الأخيرة، وهناك شعاب مرجانية صلبة ولينة، ولدينا ٢٥٠ نوعاً من الشعاب، وألف ومائة نوع اسماك، ٤٣ نوعاً من سمك القرش، ونبات المانجروف الوحيد فى مصر، وهو نوعان افيزينا ومارينا، ومحمية نبق، وتنتشر لدينا الحشائش البحرية ١٢ نوعا، ونوعان من السلاحف البحرية فى البحر الأحمر، فلدينا تنوع نادر وعالى جدا، وهناك كائنات مهددة بخطر الانقراض، ونمتلك مخزونا من ثروة التنوع بيولوجي مطلوب الحفاظ عليها. فالشعاب المرجانية مسئولة عن توفير الغذاء للأسماك، إذا فقدناها نفقد التنوع البيولوجي والثروة السمكية، مقدرا قيمة سمك القرش بأنه يدر دخلاً قيمته ١٢٠ ألف دولار سنويا كاقتصاد سياحى، ومليون دولار قيمة الدولفن، فى مناطق صمداى، مؤكداً أن الـ١٤ هدفاً للتنمية المستدامة، تتجسد في رؤية مصر ٢٠٣٠ والقائمة على تحقيقها من خلال مكافحة الفقر وتحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للمواطنين.
أشار د. غلاب، إلى وجود تحديات كبيرة في سبيل الحفاظ على الجزر والمحميات الطبيعية منها: وجود ٢٥٠٠ مركب سياحى، ٢٠٠٠ مركب صيد فى مياه محافظة البحر الأحمر، ولتخفيف أضرارها نستخدم “الشمندورة” في الصيد لعدم إصابة الشعاب المرجانية، وفى هذا السياق صحح معلومة عن محافظة البحر الأحمر مشيراً إلى أنها لا تنتج أسماكا، فهى اسماك مهاجرة، فكانت تنتج ١٢٠ الف طن تراجع الى ٢٠ ألفا فقط نتيجة وقف الصيد الجائر وتحويله إلى الصيد المستدام. وقدم الشكر لوزيرة البيئة د. ياسمين فؤاد التى دعمت المحافظة بمراكب تمنع الصيد الجائر، من خلال برنامج الدوريات، وبرامج رصد حالة الشعاب المرجانية، ورصد تعشيش السلاحف، ةخريطة لقاء وتنسيق الأنشطة لحماية التنوع البيولوجي والثروة السمكية فى البحر الأحمر، بجانب نشر التوعية فى المدارس.
ولأن محافظة البحر الأحمر هى قبلة السائحين، وتشهد نشاطاً ملحوظاً في الغوص، فالدراسات البيئية تحدد الغوص الأمن بـ٢٠ ألف غوصة لا تتعداها، فى حين أنها وصلت ٢٠٠ ألف غوصة، لذا خلقنا مناطق غوص جديدة،
بالإضافة إلى إعادة تأهيل واستزراع الشعاب المرجانية والتكاثر الطبيعي، الذى يتم فى ليلة واحدة خلال موسم الربيع، فنجد ملايين بويضات الشعاب المرجانية التى تحول المياه إلى اللون الأحمر، اخذناها ووضعناها فى معامل وحصلنا على شعاب مرجانية وهى فى بداية تجاربنا، او نكسر بعض الشعاب ونكثرها، ولكنها غير آمنة علمياً، وكلها مبادرات ذاتية بدأها د. محمود حنفى بجامعة قناة السويس. الدولة ممثلة فى وزارة البيئة توفر لنا الأدوات والتجهيزات والأجهزة المستخدمة فى ابحاثنا عن الغوص والمحميات الطبيعية.
وقال د. غلاب: وإذا كانت الدولة المصرية قد نجحت فى إنتاج الطاقة من الرياح، فإنها راعت حماية الطيور النادرة بإيقاف توربينات طاقة الرياح خلال موسم هجرة الطيور باعتبار البحر الأحمر مسار هجرة الطيور. فثلث أعداد طيور النورس في العالم موجود في البحر الأحمر.
ورداً على سؤال د. عبدالعزيز صلاح، وكيل كلية اثار القاهرة، بضرورة اتخاذ خطوات لتسجيل المحميات الطبيعية فى القائمة الدولية للتراث الطبيعي. حتى تصل المستوى العالمي كقائمة التراث العالمي؟ أكد د. غلاب، أن مصر لم تتأخر وسجلت سانت كاترين ووادى العلاقى وأخرى دخلت بالفعل التراث العالمي، ومحمية وادى الجمال نعدها حالياً لذلك. وهى مؤهلة وتستحق وسنعلنها قريبا.
الذكاء الاصطناعي
وعلق رمضان بن لولو، وكيل وزارة الشباب والرياضة الجزائرية بمحافظة سكيكدة، بالاشادة بالإخلاص والحس الوطنى فى تعامل المصريين مع قضايا الحفاظ على البيئة والمحميات الطبيعية، متسائلاً عن كيفية تحويل الاستفادة من وجود سمك القروش كبعد اقتصادى للثروة السمكية، وتفعيل دور الشباب في هذه الجهود؟
وتساءل د. سعيد رمضان، عن تسخير موقع الذكاء الاصطناعي فى الحفاظ على البيئة؟ وكيف تعاملتم مع السكان المقيمين في الجزر والمحميات الطبيعية عند إخلائها؟
فأجاب د. غلاب بقوله: لدينا عدد كبير من المراكب ويجب تدخل برامج الذكاء الاصطناعي لحماية الموارد الطبيعية والحفاظ على البيئة، مستقبلاً نعتمد عليها بشكل أكبر.
واستعرض تجربة د. مصطفى فوده، الذى وظف السكان المقيمين في مناطق المحميات الطبيعية فكانوا اكثر خرصا وحراسا وحفاظا على المحمية بدلا من كونهم مستهلكين ومستنزفين لموارد المحمية.
حول المنتدى
يذكر أن المنتدى يقام في الفترة من 1 – 5 أغسطس 2024، تحت رعاية جامعة الدول العربية، إدارة البيئة والشباب والرياضة بالجامعة، وزارة الشباب والرياضة. بالتعاون مع الأكاديمية العربية للنقل البحري. والمجلس العربي لِلمياه. والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والاراضي القاحلة (اكساد) ونقابة الزراعيين، ووزارة البيئة– قطاع حماية الطبيعة، ومحافظة البحر الأحمر. ويشارك فيه خبراء في مجالات البيئة الساحلية والاقتصاد الأزرق والتنمية المُستدامة.
بِمُشاركة 125 شابا وفتاة يمثلون وزارات الشباب والرياضة بالدول العربية بِواقع شاب وفتاة من كل دولة عربية وشباب الدول العربية والإفريقية الدارسين في مصر، ممثلين في اتحاد المهندسين الأفارقة والجامعات المصرية.