900
900
مقالات

دور المسؤولية الإجتماعية (CSR) في تنمية المجتمع وتحقيق أهداف التنمية المستدامة

900
900

بقلم / دكتورة نرمين توكل الليثي
دكتوراه في علم الإجتماع

تُعد المسؤولية الاجتماعية (CSR) corporate social responsibility واحدة من أحدث استراتيجيات الإدارة حيث تحاول الشركات توفير تأثيرٍ إيجابي للمجتمع أثناء ممارسة الأعمال التجارية ، وعرَف كلا من “لورد هولم وريتشارد واتس” المسؤولية الاجتماعية في منشور مجلس الأعمال العالمي للتنمية المستدامة الذي حمل عنوان «التحلّي بحُسن الإدراك للأعمال التجارية» على أنها «الالتزام المستمر للأعمال التجارية بسلك سلوكٍ أخلاقي والمساهمة في التنمية الاقتصادية وفي الوقت ذاته تحسين نوعيّة حياة القوى العاملة وأسرهم وكذلك المجتمع المحلي والمجتمع ككل».

وتكتسب المسؤولية الاجتماعية للشركات في مصر أهمية بالغة باعتبارها حجر الزاوية، وأداة مهمة للتخفيف
من سيطرة العولمة ، حيث يمثل القطاع الخاص والشركات الجزء الأكبر والأساسي في النظام الاقتصادي الوطني وعليه أصبح الاهتمام بالمسئولية الاجتماعية مطلبًا أساسيًّا للحد من الفقر من خلال التزام المؤسسات الاقتصادية ( شركات محلية أو مؤسسات دولية ) بتوفير البيئة المناسبة، وعدم تبديد الموارد، والقيام بعمليات التوظيف والتدريب ورفع القدرات البشرية، وتمكين المرأة ورفع قدراتها ومهاراتها بما يؤهلها للمشاركة في عملية التنمية المستدامة، ومساندة الفئات الأكثر احتياجًا ، ونجاح قيام الشركات بدورها في المسؤولية الاجتماعية يعتمد أساسا على التزامها بثلاثة معايير هي : الاحترام والمسؤولية تجاه العاملين وأفراد المجتمع .. ، ودعم المجتمع ومساندته ،وحماية البيئة سواء من حيث الالتزام بتوافق المنتج الذي تقدمة الشركة للمجتمع مع البيئة، أو من حيث المبادرة بتقديم ما يخدم البيئة، ويحسن من الظروف البيئية في المجتمع ويعالج المشاكل البيئية المختلفة.
وبالرغم من أن كل شركة لديها أهداف مختلفة للمسؤولية الاجتماعية لكن تتفق في الدافع الرئيسي لها ، حيث أن جميع الشركات لديها جدول أعمال يتكون من نقطتين :
– “النقطه الأولى ” هي التحسين من الناحية النوعية (إدارة الأفراد والعمليات) والكمية (التأثير على المجتمع).
– و”النقطة الثانية” تحظى بذات القدر من الأهمية التي تحظى بها النقطة الأولى وأصحاب المصلحة في كل شركة يُولون اهتمامًا متزايدًا بـ «الدائرة الخارجية» ، وأنشطة الشركة وكيفية تأثيرها على البيئة والمجتمع. ، والدافع الآخر وراء ذلك هو أنه لا ينبغي على الشركات التركيز على تعظيم الأرباح لمساهميها ، والا أن تقتصرالمسؤولية تجاه الاقتصاد القومي فقط ، ولكن تمتد لتشمل البيئة والعاملين واسرهم وفئات أخرى من المجتمع .
وترتبط المسؤولية الاجتماعية للشركات ارتباطاً وثيقاُ بمفهوم ” التنمية المستدامة” حيث تلعب المسؤولية الاجتماعية دورا حيوياً في تحقيق أهداف التنمية المستدامة التي وضعتها الأمم المتحدة والتي تتضمن (17) هدفاً ، وفيما يلي سيتم عرض كيف تسهم المسؤولية الاجتماعية في تحقيق هذه الأهداف وذلك في الآتي بعد :
– مساهمة الشركات في التنمية الاقتصادية بخلق فرص عمل عادلة ومستدامة مما يسهم في تحقيق الهدف الأول من أهداف التنمية المستدامة ” القضاء على الفقر” الهدف الثامن ” العمل اللائق والنمو الاقتصادي ”
– والاستثمار في البينية التحتية وتطوير مدن مستدامة وتقديم منتجات وخدمات تلبي احتياجات المجتمع
– مشاركة الشركات في المبادرات المجتمعية مثل “التعليم والصحة ومشاريع التنمية المحلية وتوفير برامج التدريب والتطوير المهني ، وعمل الشركات مع المؤسسات التعليمية لتحسين جودة التعليم واتاحة فرص التعليمية للجميع ويمكن أن تشمل هذه المشاركة ” التبرعات المالية ، التطوع ، والشركات مع المنظمات الغير حكومية فلا يمكن تحقيق المسؤولية الاجتماعية دون شراكة حقيقية مما يسهم في تحقيق الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة “الصحة الجيدة والرفاهية” ، الرابع “التعليم الجيد” والهدف السابع عشر “الشراكات لتحقيق الأهداف” .
– مساهمة الشركات في طرح وتطوير حلول مبتكرة تلبي الاحتياجات المجتمعية والبيئية مما يعزز من دورها في تحقيق التنمية المستدامة وذلك يسهم في تحقيق الهدف التاسع “الصناعة والابتكار والهياكل الأساسية ” .
– مساهمة الشركات في التقليل من التأثير السلبي لنشاطها على البيئة من خلال اعتماد ممارسات صديقة للبيئة مثل تقليل انبعاثات الكربون والتشجيع على إعادة التدوير والحفاظ على الموارد الطبيعية وتقليل النفايات ودعم السياسات البئية مما يسهم في تحقيق الهدف الثالث عشر “العمل المناخي” والهدف الثاني عشر “الإستهلاك والأنتاج المسؤولان”
– تبني الشركات “اخلاقيات العمل” كالشفافية والنزاهه واحترام حقوق الإنسان والمعاملة العادلة للموظفين والعملاء ومكافحة الفساد وتعزيز سيادة القانون من خلال ممارسات الحوكمة الرشيدة مما يسهم في تحقيق الهدف السادس عشر “السلام والعدل والمؤسسات القوية .

وفي النهاية ولتفعيل مبدأ المسؤولية الاجتماعية يمكن الاهتمام بالآتي بعد :

– ضرورة وجود إدارات متخصصة للمسؤولية الاجتماعية داخل الشركات تتولى تخطيط وتنفيذ البرامج والتنسيق مع الجهات ذات العلاقة ، على أن تتبع الإدارة العليا مباشرة ، تعمل على تبادل الخبرة والتجارب العملية فيما بينها والتعرف على نقاط القوة والضعف لتطبيق أفضل الاساليب في مجالات المسؤولية الاجتماعية مما يسهم في بناء سمعة ايجابية للشركات وتعزيز العلاقات مع العملاء والمجتمع وتوفير بيئة عمل أفضل للموظفين ونجاح طويل الأمد للشركات والمجتمع ككل .
– تعزيز الوعي بثقافة المسؤولية الاجتماعية بين الموظفين والادارة بالشركات مع تشجيع الموظفين على المشاركة في الانشطة التطوعية والمبادرات المجتمعية مع ضرورة اهتمام وسائل الإعلام بالتوعية بنشر هذه الثقافة ومبادئها الصحيحة والمجالات المرتبطة بها والعائد على كل المنسآت المؤدية لها وعلى المجتمع ككل .
– تحديد معايير أداء للمسؤولية الاجتماعية ، ومنح جوائز للتميز في أداء المسؤولية الاجتماعية لإذكاء التنافس بين الشركات في تحقيق وتوسعة نطاقات المسؤولية الاجتماعية .
– قيام الجهات المعنية بتوفير البنية التحتية اللزمة لاداء الشركات للمسؤولية الاجتماعية وعلى وجه الخصوص الأنظمة وتوفير الدراسات والمعلومات بالاحتياجات الفعلية للمجتمع .

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى