900
900
مقالات

د. عادل القليعي يكتب :الإغتيالات السياسية ليست حلا لمعاناة الشعوب !

900
900


هل إغتيال القادة السياسيين الذين يترأسون دولا أو حركات سياسية ، أو منظمات ، هل إغتيالهم هو الحل لإيقاف مدهم ونشاطهم السياسي ومناصرتهم بقضايا أوطانهم وحقوقهم المشروعة فى الحياة.؟!

اعتقد أن الإجابة ستكون بالنفي ، لماذا ، لأن مثل هذه الدول وهذه الحركات مؤسسية لديها كوادر مدربة على العمل السياسي (صف ثان)، فما أن يحدث إغتيال لزيد أو عمرو ، على الفور سيتم تصعيد الصف الثاني عن طريق التعيين أو الانتخاب الحر المباشر فى الأوضاع الطبيعة أما في حالات الحرب فيكلف من يقوم بتسيير الأعمال إلى حين انتخاب آخر من الكوادر السياسية المحترفة.
هذا هو الأمر الطبيعي ، أما أن تنتهج بعض الدول والكيانات سياسات الغدر والإغتيالات السياسية للقادة ، فهذا لا ولن يفلح ولن يسمن ولن يغني من جوع.
لماذا أيضا لأن في ذلك تأجيج للنيران أكثر فأكثر خصوصا إذا كان القائد أو الرئيس محبوبا من شعبه ومن ذراعه العسكري “جيشه”، فإن ذلك سيكون ذريعة إلى التصعيد العسكري أكثر فأكثر وسيظل القتال والتناحر مستمرا بل من الممكن أن تتسع دائرته إقليميا ودوليا.
هذه واحدة ، أما الثانية فقد يكون هذا الرئيس أو القائد أو أيا ما كانت شخصية وصفة المغتال ، قد يكون محنكا سياسيا ولديه القدرة على التفاوض والجلوس على طاولة المفاوضات بغية تحقيق سلام للجميع ووقف التصعيد ضد جميع الأطراف ، وقبول رأي الوسطاء والدخول في مفاوضات ومشاورات ، وقد يكون لينا هينا مقنعا لبني جلدته.
ففي اغتياله هدم لهذه المفاوضات ، وقد يكون الطرف الآخر لا يبغي صلحا أو تفاوضا فيمارس ألاعيبه الشيطانية لوضع العراقيل في سبيل الوصول إلى حل ، فإذا ما أخفق يلجأ إلى تصفية خصمه ، تصفية قذرة عن طريق اغتياله أيا كانت الطريقة ، بصاروخ ، بطائرة مسيرة ، بحادث سير.
وإذا ما تتبعنا تاريخ الإنسانية سنجد العديد والعديد من الإغتيالات التي ترتب عليها خطورة أكبر وبلايا ورزايا أشد.
فماذا ترتب على إغتيال سيدنا عثمان بن عفان ، ترتب فتنة كبرى وصراع استمر لسنوات طويلة بين معاوية بن أبي سفيان وسيدنا علي بن أبي طالب.
وصراع بين الدولة الأموية والدولة العباسية وغيرها من الصراعات التي ظلت تنخر في جدار الدولة الإسلامية ، بل واقعدت الدولة عن الفتوحات وازدادت الفتن وانتشرت الفوضى في البلاد وساد اليأس بين العباد وزهد الناس في الحياة واعتزلوا في بيوتهم وفي صوامعهم.
وإذا ما أردنا أن نتحدث عن أنواع وطرق الإغتيالات فهذه رؤيتي.
أنواع الإغتيالات السياسية وطرقها
أما بالنسبة لأنواعها ، فقد تكون إغتيالات محلية
وإغتيالات إقليمية ، وإغتيالات دولية وهي أشد هذه الأنواع خطرا ، لماذا ، لأنه إذا ما تحقق الهدف وتمت التصفية قد يحدث ذلك قلاقل بين دولتين دولة المغتال ودولة من وقع طرفهم حادثة الإغتيال.
أما الاغتيالات السياسية المحلية فتتمثل في التنافس على السلطة من أدناها إلى أعلاها خصوصا إذا ما كان المتنافسون مجموعة منهم مرغوب فيها ولديها الحنكة السياسية وقد تفوز فى الانتخابات فتمارس ضدهم كل الحيل وإذا لم يستجيبوا تنفذ ضدهم سياسة الإغتيالات.
وكذلك الأمر بالنسبة للإغتيالات السياسية الإقليمية وغالبا ما تقع بين دول متتاخمة حدوديا وقد يكون الصراع متمثلا في فعل الكينونة نكون أو لا نكون كالإغتيالات التي تمت على يدي الصهانية معترفين متباهين بذلك كإغتيالاتهم لقادة حماس في لبنان زاعمين أنهم قاموا بعمليات ناجحة.
واغتيال أمين عام حزب الله في لبنان.
أما طرق الإغتيالات فاذكر منها ما يلي.
الإغتيال المعنوي وهو بمثابة إماتة بالبطئ للخصوم عن طريق التشهير بهم وإثارة الشبهات حولهم وأنهم كذا وكذا وحياكة الأباطيل والأكاذيب حولهم وقد تكون حقائق لكن تم الاحتفاظ بها لوقتها وما أن يحين الموعد تخرج في أسوأ صورها وقد لا يصمد الخصوم ويتركون الساحة.
أما النوع الثاني ، وهو التصفية الجسدية فإذا ما فشلت كل الحيل لا يبقى إلا الاتجاه إلى التصفية الجسدية.
لكن السؤال الذي يطرح نفسه هل الإغتيال هو الحل للمشكلات السياسية، هل من الممكن أن تدار الدول المؤسسية بالإغتيال والتخلص من المعارضين والخصوم.؟!
هيا نحتكم إلى العقل دون النقل ، لماذا .؟! لأن رأي الدين معروف في هذه القضية فكل الأديان والشرائع أقرت بحرمة الدم للحفاظ على بقاء الجنس البشري وعدم إهدار آميته.
لكن هيا نحتكم إلى العقل ، فلا عاقل يقر بالقتل وسلب الحياة من الإنسانية مهما كانت الدوافع والأهداف فكل المشكلات ومهما ظن الظآنون أنها ليست لها حلول فيمكن بكثير من الجهد والجد والاجتهاد والمفاوضات إيجاد حلولا لها.
وهذه الثانية ، أما الثالثة فلماذا لا يحتكم المتنافسون على الكراسي إلى العقل ويعطوا بعضهم البعض الفرص ويتركوا شعوبهم تختار اختيارا حرا نزيها عن طريق صناديق الإقتراع بعيدا عن الالعيب القذرة.
أما الرابعة فبقليل من العقلانية لماذا لا نعيش جميعا في سلام ، لماذا لا يقبل بعضنا البعض ، لماذا لا نرفض العنصرية وسياسة القطب الأوحد ، لماذا تستخدم ما يسمى بالدول العظمي اذرعا لها في بلاد العرب والمسلمين ، لماذا لا يتنازل المحتل ويتراجع عن عناده ويترك الأرض لأصحابها .
منطق العقل يقول أن الغطرسة والعناد لا يولدان إلا عنادا ولا يخلفان إلا مزيدا من الخراب والدمار ولا يمكن أن يهدأ الجميع ويبيت آمنا مطمئنا.
إن تاريخ القضية الفلسطينية ودفاع الفلسطينيين عن أرضهم تاريخا مريرا ، ألم يسأل بنو صهيون أنفسهم وإن كنت أشك في ذلك فقد سألوا حكمائهم وحاخامانتهم مراراً وتكرارا عن حقهم في هذه الأراضي ، وكانت الإجابة أنهم ليس لهم أرضا وهذا ما اعترف به المعارضين من اليهود أنفسهم.فبدلا من استعطاف واسترضاء أصحاب الأرض أن يتركوهم يعيشون بجوارهم ، يمعنون فيهم القتل مستقوين بالأمريكان ودول الغرب الأوروبي.
رحم الله شهداء الأمة العربية والإسلامية الذين سالت دمائهم الزكية وروت الأراضي الطيبة المباركة
وليعلم الجميع أن الأرض لا ولن تشرب الدماء.
أستاذ ورئيس قسم الفلسفة بآداب حلوان
.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى