«القاهرة جاهزة للحرب .. تدعو الجميع للسلام.. تمتلك قدرات عسكرية متطورة وقادرة على الردع».. هذا عنوان ما شهدته مصر خلال الإحتفالات بالذكرى الـ51 لانتصار 6 أكتوبر 1973، كما أن الرئيس السيسي سواء في حفل تخرج طلاب كليات الأكاديمية العسكرية أو تفتيش حرب الفرقة السادسة بالجيش الثاني حرص على أن يبعث رسائل للجميع، رسائل قد تساهم في وقف التصعيد أو على الأقل تخبر الكيان وحلفاؤه أن أرض الكنانة خط أحمر.. وأن التنمية والبناء أفضل كثيراً للبشرية من الحرب والقتل والدمار.
جاءت ذكرى انتصارات أكتوبر، هذا العام، في ظل ظروف غاية في التعقيد، تمر بها منطقة الشرق الأوسط، بالتزامن مع مرور عام على عملية طوفان الأقصى، التي نفذتها حركة حماس ضد إسرائيل بهدف إفساد خطة نتنياهو بإعادة احتلال كامل فلسطين وتهجير شعبها إلى مصر والأردن، من أجل إقامة دولة الرب من النهر إلى النهر، وإقامة الهيكل المزعوم، وتصورت حماس أن الحصول على ورقة الأسرى يساعدها على مساومة تل أبيب واجبارها على عدم تنفيذ الحرب والإفراج عن الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، هكذا كشف ابوعبيده الناطق باسم حركة حماس بعد عام من عملية 7 أكتوبر 2023، إلا أن خطوة حماس لم تمنع الحرب بل دفعت أمراء الحرب في الكيان إلى التصعيد وتنفيذ خطتهم الموضوعة مسبقاً بـ«إشعال الحرب في قطاع غزة» مما تسبب في استشهاد أكثر من 42 الف وإصابة 97 الف فلسطيني، ثم التحرك شمالاً وفتح جبهة جديدة مع حزب الله في لبنان تمهيداً لإشعال الحرب الشاملة ذات البعد العقائدي…
«من يمتلك المعلومة يسبق الجميع .. من يمتلك المعلومة يكون قراره أكثر تأثير».. لذا نجحت مصر، خلال العام الماضي، في تقديم نفسها باعتبارها لاعب محوري لا يمكن الاستغناء عنه، ولا يمكن تجاهله في حسابات منطقة الشرق الأوسط المعقدة، بداية من نجاح القاهرة في إجهاض مخطط تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى سيناء، وتحذير الجميع أن أي خطأ في هذا الملف سوف يشعل حرب مباشرة بين القاهرة وتل أبيب، وعلى مدار عام فوجئ الجميع خاصة في عواصم الحلف الصهيوامريكي بجاهزية القوات المسلحة المصرية، وظهور الجيش المصري بكثافة في كامل مسرح العمليات بسيناء، بشكل أثبت عبقرية المفاوض المصري، فقد أصبحت إتفاقية كامب ديفيد عبارة عن ورقة من الماضي، وأن الواقع الجديد، يؤكد أن القاهرة رقم صعب في معادلة الشرق الأوسط، رقم لا يمكن تجاهله.. وأنه كما أكدت أغلب التقارير المخابراتية عن المنطقة: «لا حرب بدون مصر ولا سلام بدون مصر» .. والمؤكد أن ما تملكه مصر كثير وكثير جداً، وسوف يظهر في الوقت المناسب.
ومن أهم الرسائل التي أكد عليها الرئيس السيسي في كلمته: «أن القوات المسلحة المصرية دائمًا على أهبة الاستعداد؛ لحماية حدود الدولة والحفاظ على سيادتها، وهي المهمة الأكثر شرفًا للقوات العسكرية – بحسب تعبيره، مشيراً إلى أن مصر تعتمد السلام كإستراتيجية دائمة منذ حرب أكتوبر 1973، معتبراً أن الحرب استثناء بينما السلام هو الأساس، وأن جيش مصر مركز الثقل الحقيقي لأمن المنطقة حيث تمتلك مصر قوة عسكرية هي الأضخم والأكثر تحديثاً، ولدينا قوة ضاربة نعرف متي وأين وكيف نستخدمها.. تأكيد قوة الجيش المصري، وتجديد العهد من القوات المسلحة للشعب بالجاهزية للدفاع عن الوطن، وتشديده على أن مصر لا تملك أجندات خفية تجاه أي دولة، وأنها تسعى لتحقيق الاستقرار والسلام في المنطقة، وأن إرادة مصر في الحفاظ على سيادتها وأمنها لن تتغير، مجدداً التأكيد على الموقف الثابت لمصر تجاه القضية الفلسطينية، ودعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة، كجزء من الحل العادل والشامل».. وجميعها رسائل تثبت وضوح الموقف المصري مما يجري في المنطقة.
عزيزي القارئ.. في حرب أكتوبر 1973 كانت ملحمة بناء بطاريات صواريخ الدفاع الجوي المصري أسطورية في كيفية ظهورها المفاجيء من تحت الأرض أمام أعين اليهود من فوق خط بارليف بعد المناورة بـ«بطاريات خشبية» كان يضربها طيران العدو، وحسمت الرادارات المصرية معركة العبور قبل أن تبدأ بواسطة عزل طائرات الفانتوم، ولو كان مدي هذه الصواريخ والرادارات طويلاً لدخل الجندي المصري حدود إسرائيل، وبعد 2013 وثورة تموضعات الجيش المصري في سيناء لمواجهة الإرهاب، قوبل الاختراق الإسرائيلي لكامب ديفيد بإختراق مصري مضاد في سيناء .. لذا أصبحت إسرائيل غير قادرة على نقل الحرب إلى سيناء لتطبيق نظرية الحدود الآمنة لأنها ستواجه جحافل بلا نهاية لجيش مصر فوق وتحت الأرض.. وباتت إسرائيل تواجه الحرب داخل حدودها.
وبعد فشل مشروع التهجير والذي كان من أهم الأهداف الإسرائيلية منذ 7 إكتوبر 2023، بقيت ورقة عسكرية واحدة في يد إسرائيل هي التفوق في السيادة الجوية بطائرات F35، لذا كانت رسائل الردع المصرية في عرض الأكاديمية العسكرية مهمة وفاصلة في حسابات الحرب الشاملة التي يريدها الحلف الصهيوامريكي في المنقطة، حيث كشفت القاهرة قدرتها على رصد وإسقاط طائرة F35 بشبكة الرادارات والدفاعات المصرية المتقدمة.. وتحييد فخر صناعة الطيران الأمريكية مثل صدمة في تل أبيبب وواشنطن.. كما اعلنت مصر امتلاكها لمنظومة الدفاع الجوي IRES-T والتي تستطيع كشف الأهداف الجوية المختلفة بمدي يصل إلى 250كم ويوفر تغطية تصل لـ350 درجة، كما يستطيع إكتشاف وتتبع 1500 هدف جوي في آن واحد، ويشتبك مع الأهداف من مدى 40 كم.
ولأن الحرب الإسرائيلية الإيرانية المحتملة هي بروفة لحرب إسرائيلية مصرية – حرب كل الحروب – كانت النتائج علي الأرض، سهولة الوصول لمطارات إسرائيل العسكرية كقاعدة نيفيتيم، واستهداف طائرات F35 الاسرائيلية على الأرض، كما إستطاعت الدفاعات الجوية الإيرانية روسية الصنع كشف 4 طائرات F35 وتحيدها، وكان هذا من أهم تداعيات إلغاء الخطة العسكرية لضرب إيران في ذكرى 7 أكتوبر.
مراقبون أكدوا أن التصوير الجوي لـ«الاوكتاجون» مقر وزارة الدفاع المصرية الجديد في العاصمة الإدارية، وظهور النسر محلق فارد أجنحته فوقها يؤكد أن مصر لن تكون رد فعل إذا حاول الكيان الاعتداء على المقدرات المصرية وأن مصر تمتلك كما قال الرئيس السيسي: «قوات مسلحة رشيدة لكنها قوية وقادرة على الردع».. وما قاله رئيس الأكاديمية العسكرية: «نحن إمتداد لجيل أخذ حقه بالقوة».. وكشف العرض أنه تم تدريب طلاب الكليات العسكرية على تدمير الدبابة الميركافا الإسرائيلية وتدمير الطائره F35 الامريكية، باستخدام صاروخ يصنف من الصواريخ القصيرة والمتوسطة المدى، سهل الحمل، صغير الحجم، له قدرة تدميرية عالية، وفرصة النجاة منه تكاد تكون منعدمة، ويعمل به كمائن فوق الجبال أو المباني أو علي الارض وصعب جداً اكتشافه، وتطورت اجياله من عين الصقر إلى الضبع الأسود وايجلا 1 و2 و3 و4، وسبق أن فازت مصر بالمركز الأول والميدالية الذهبية في المسابقة العسكرية بالصين، بعد أن تفوقت علي مصنعي السلاح أنفسهم في دقة الرماية، فرسالة القاهرة للجميع: «لدينا من القدرات البشرية المحترفة والقدرات الصاوخية التي تمكنا من إسقاط أقوي الطائرات حتى لو حاولت الهروب والطيران تحت الكشف الراداري بارتفاعات منخفضة ومنخفضة جداً».
عزيزي القارئ .. شاهدت طائرة الإنذار المبكر E2C المحاطة تحت حماية طائرات الميج 29 الروسية الصنع ثم انفصالهم عنها للاشتباك مع 2 طائرة معادية F16 الأمريكية الصنع؟!.. طائرة الانذار مهمتها مراقبه الاجواء ليل نهار وتقديم المعلومات والاحداثيات عن قوات العدو، ومجهزة برادار قادر علي تتبع أكثر من 2000 هدف بري وبحري وجوي في وقت واحد ويصل مداه الأقصى إلى 640 كيلومتر، ويستطيع كشف الطائرات من مدي يصل إلى 550 كيلومتر و يوفر قدرة كشف كاملة بزاوية قدرها 360 درجة و هو رادار محصن ضد عمليات التشويش و قادر على تغطية 25 مليون كم في المسحة الجوية الواحدة.. ووفق خبراء هذه رسالة من القاهرة لاعداءها: «سوف نهاجم بقوة وبحدة ما نراه خطر حقيقي علي أمننا القومي ولن نكون رد فعل لهجوم منكم».
كما شاهدت عرض قوات الصاعقة ودورها في مكافحة الارهاب والقتال داخل المدن وحضور قوات الشرطة العسكرية بألياتها في إعلان لجاهزية الحرب والاستعداد لمواجهة أي عمل إرهابي، وشاهدت الغواصة SDV، أكثر الغواصات خبثاً وسرعة، ومخصصة لنقل الضفادع البشرية بكامل اسلحتهم وبتستخدم في عمل عمليات بحرية داخل قوات العدو البحرية والاستطلاع وجمع المعلومات عن العدو البحري و تستطيع العمل في المناطق الضحلة جداً التي لا تصل لها الغواصات العادية، ولأنها تتحرك في صمت وصغيرة الحجم يصعب اكتشافها رادريا حتي وهي تزرع الغام بحرية، وتعد غواصو القوات الخاصة البحرية لتنفيذ الاعمال السرية جدا بدون اكتشاف فاعلها.. وهذه الأسلحة وغيرها التي ظهرت أثناء تفتيش الحرب حملت رسالة واضحة للجميع أن مصر مستعدة للحرب في أي وقت وأنها تملك القدرة على عقاب من يفكر في إلحاق أي ضرر بها.
عزيزي القارئ..اصطفاف تفتيش حرب هي أعلى درجات الجاهزية، ويعني أن تلك القوات جاهزة فوراً للتحرك للقيام بعمليات عسكرية، وقرع طبول الحرب يعني تجهيز الجيوش ورفع درجة استعدادها للحالة القصوي لمواجهة حرب وشيكة الحدوث .. وكأن مصر بتقول للجميع: «انا مستعده بكامل قواتي، لحرب أرى نارها تشتعل ولن انتظر أن تبدؤا الهجوم ولكن أنا من سأحدد الزمان والمكان في اللحظة التي استشعر فيها بخطر داهم علي الأمن القومي».