نميرة نجم لأول مرة تعلن من لشبونة مُتطلبات إفريقيا لإستراتيجيات الهجرة بالإتحاد الأوروبي
كتب : أحمد عبد الحليم
أكدت السفيرة د. نميرة نجم مديرة خبيرة القانون الدولي و مديرة المرصد الإفريقي للهجرة AMO، أهمية تعزيز التعاون بين إفريقيا وأوروبا من خلال نهج شامل لتنقل المهارات، من خلال إنشاء مسارات مُبتكرة قائمة على العدالة والمُساواة والمُعاملة بالمِثل، مُشيرة إلى أن الإختيارات التي نتخذها اليوم سوف تحدد ما إذا كان النمو السكاني في إفريقيا سيصبح عائدًا ديموجرافيًا أم فرصة ضائعة، والآن هو الوقت المناسب للإستثمار في شبابنا بإعتبارهم المستقبل، ويتطلب هذا المضي إلى الأمام كأساسًا متينًا قائمًا على التعليم والمعرفة والمهارات المُحسنة في القطاعات التي تحتاج إليها القارتان.
أن أعظم ثرواتنا في إفريقيا تَكْمُن في شعبنا، فعندما تتدفق المواهب بحرية، مدعومة بالقدرة على الحركة، فإنها تغذي الإبداع والتنمية والإزدهار، ولا يكفي مُجرد جذب المواهب؛ بل يتعين علينا أن نضمن أن حركتها تُساهم في كرامة وتقدم كل المعنيين، وأن رحلات شعوبنا وتطلعاتهم ومُساهماتهم وحماية حقوقهم الإنسانية وإنقاذ حياتهم هي المقاييس الحقيقية لنجاحنا، ومن خلال تمكينهم سنبني عالمًا أكثر عدالة وحيوية وترابطًا، وعندما يتعلق الأمر بإفريقيا فثروتنا هي شبابنا، كما أن توفير الفرص من شأنها أن تساعدنا في مساعينا نحو التقدم والتنمية، و ديناميكيات هجرة العمالة الحالية في إفريقيا، والحاجة إلى إنشاء مسارات مُتوازنة لتنقل المواهب، وضمان حماية حقوق الإنسان.
جاء ذلك في كلمة السفيرة د. نميرة نجم، تحت عنوان “حول جذب المواهب وتنقل المهارات: منظور إفريقي” أمام الإجتماع المُشترك رفيع المستوى لعملية الخرطوم وعملية الرباط تحت عنوان “مسارات مُبتكرة لتعزيز التعاون بين الإتحاد الأوروبي وإفريقيا من أجل تنقل المهارات”، والذي نظمه المركز الدولي لتنمية سياسات الهجرة لمدة ثلاثة أيام في عاصمة البرتغال لشبونة.
وتحدثت السفيرة نجم، في كلمتها عن الأبعاد الإجتماعية، وحماية حقوق الإنسان وحماية المُهاجرين من التمييز، مُشيرة إلى مقولة بان كي مون، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، “الهجرة هي تعبير عن التطلعات الإنسانية للكرامة والسلامة ومستقبل أفضل” ، مُؤكدة أن الهجرة هي أكثر بكثير من مُجرد عملية إقتصادية؛ فهي تؤثر بشكل عميق على الأبعاد الإجتماعية وحقوق الإنسان، فيجب علينا توفير الحماية للمُهاجرين طوال رحلتهم بأكملها من المُغادرة إلى الإستقرار أو العودة وضمان تمتعهم بجميع حقوقهم الإنسانية، ومن حيث أنها كمحامية، يجب أن تؤكد على التمييز الذي يرسمه القانون الدولي بين المُهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء، و كمواطنة إفريقية، يجب أن تدافع عن إحترام هذه الحقوق على أساس هذا التمييز وذكرت الجميع بمبدأ عدم الإعادة القَسرية، فتأثير الهجرة ليس فقط على الأفراد ولكن على الأسر والعائلات بأكملها، وتتشابك مع النسيج الإجتماعي والإقتصادي الأوسع، ولهذا السبب، لابد أن تصبح الأُطر الداعمة لم شمل الأسرة جانبًا بالغ الأهمية من سياسات الهجرة، فالخسائر العاطفية والمالية المُترتبة على إنفصال الأسرة وخاصة على الأطفال المُهاجرين مُوثقة جيدًا، ومن الأهمية بمكان ضمان بقاء الأسر مُتحدة، أو تمكنها من لم شملها أو خلقها من جديد من أجل التماسك الإجتماعي والرفاهة على المدى الطويل، و تعزيز الوعي العام، والمشاركة المجتمعية، وبرامج التكامل الإجتماعي أمر ضروري لتعزيز الإحترام للمُهاجرين وأسرهم.
وأكدت السفيرة، أن المُهاجرين هم أكثر من مُجرد عمال، يل إنهم أمهات وآباء وبنات وأبناء، إنهم بشر يؤثرون على العديد من طبقات المجتمع، وينبغي لسياسات الهجرة أن تعزز حقوقهم مع ضمان إستقرار الأسر والمجتمعات التي هم جزء منها.
وقالت السفيرة، إننا بحاجة إلى تحدي الرواية السائدة المُحيطة بالهجرة الإفريقية حتى تستند إلى أرقام دقيقة وعادلة، وهذا هو جوهر دور مرصد الهجرة الإفريقية AMO، الذي يهدف إلى تعزيز قاعدة المعرفة القارية بشأن الهجرة لتعزيز السياسات القائمة على الأدلة والتي تتوافق مع بيانات ومعلومات الهجرة المُحسنة وتدعمها، وفي هذا المجال، أطلق المرصد، على هامش الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المُتحدة في نيويورك، سلسلتها الجديدة “تحدي الرواية”، ومن خلال هذه دعي إعادة تشكيل التصورات العالمية للهجرة الإفريقية من خلال توفير بيانات دقيقة وتعزيز ملكية إفريقيا و أولوياتها في إدارة حوكمة الهجرة.
وأثارت السفيرة، أن إفريقيا تهيمن الهجرة فيها داخل القارة، حيث يقيم حوالي 21 مليون مُهاجر إفريقي داخل القارة في عام 2022، وإستقر حوالي 19.6 مليون إفريقي في أوروبا وأمريكا الشمالية وآسيا ودول الخليج العربي طبقًا للبيانات منظمة الدولية للهجرة، وأن هذه الحركة مدفوعة إلى حد كبير بالفرص الإقتصادية وجهود التكامل الإقليمي والعوامل الديموغرافية والديناميكيات السياسية، بما في ذلك عدم الإستقرار وتغير المناخ والتنقل والصراعات، مما يدفع إلى الهجرة الطوعية والقَسرية، وعلى الرغم من التصورات السلبية الشائعة، فإن إفريقيا ليست قارة للهجرة الجماعية، والمُهاجرون الأفارقة بعيدون كل البُعد عن إكتساح القارات الأخرى، في الواقع، عاش 3٪ فقط من السكان الأفارقة خارج وطنهم في عام 2020، مُقارنة بـ 8.5٪ من السكان الأوروبيين .
وأشارت السفيرة، إلى أن العديد من البلدان الإفريقية تحافظ على علاقات قوية مع أوروبا ودول مجلس التعاون الخليجي، حيث تُساهم بأعداد كبيرة من العمال المُهاجرين الذين يُسدون فجوات حرجة في الصناعات مثل الرعاية الصحية والبناء والخدمات والزراعة، وهي المجالات التي يتردد العديد من الشباب الأوروبيين بشكل متزايد في دخولها بسبب طبيعة العمل والأجور المُنخفضة المُتصورة، و في عام 2019، كانت الزراعة أكبر قطاع يوظف عمال مُهاجرين أفارقة (27.5٪)، سواء داخل القارة أو في بلدان المَقصد في الخارج، وبعد الزراعة، شَكلت قطاعات مثل تجارة الجملة والتجزئة والنقل والإقامة وأنشطة الخدمات الغذائية 21.9%، كما عمل 21% آخرون من العمال المُهاجرين الأفارقة في الإدارة العامة والصحة والتعليم، مما أدى إلى سَدّ النقص في العمالة في البلدان المستقبلة.
وأوضحت السفيرة، أن هذه الأرقام تعكس الواقع المزدوج لتنقل العمالة الإفريقية سواء داخل القارة أو خارجها مما يوضح أهمية إفريقيا المُتزايدة في تلبية مُتطلبات العمالة عبر القطاعات العالمية المُتنوعة، وأن هذه حقائق نحتاج إلى مُعالجتها، و على الرغم من التأثير الإيجابي للتحويلات المالية ونقل المهارات، لا يزال هجرة الأدمغة يشكل تحديًا كبيرًا، حيث تؤدي هجرة المهنيين إلى إضعاف القدرات المحلية (تقرير البنك الدولي 2023 )، ولمُعالجة هذا، يجب علينا تطوير مسارات هجرة دائرية أكثر تنظيمًا تُمكن المهنيين المَهرة من العمل في الخارج مع الحفاظ على روابط قوية مع بلدانهم الأصلية، و لن يحدث هذا بدون بيانات وتحليلات مُوثوقة لضمان أن تكون سياسات الهجرة واقعية وتفيد الأفراد والدول عبر طيف التنقل.
و أضافت السفيرة، أن في المرصد AMO، نحن مُلتزمون بنهج قائم على البيانات لإدارة الهجرة بطريقة تعزز الإمكانات البشرية والتنمية المُستدامة، وتحويل تأثير هجرة الأدمغة إلى إكتساب مشترك للأدمغة مع الإعتراف بالدور الإيجابي للمهاجرين الأفارقة في القوى العاملة العالمية وتعزيزه.
ونبهت نجم، أن إفريقيا هي القارة الأكثر شبابًا في العالم، حيث يبلغ مُتوسط أعمار سكانها 19.7 عامًا فقط (تقارير الأمم المتحدة 2022)، ومن المُتوقع أن يتضاعف عدد سكاننا بحلول عام 2050، ليصل إلى ما يقرب من 1.75 مليار نسمة، وسيأتي جزء كبير من هذا النمو من الشباب، حيث أن أكثر من 60٪ من السكان تحت سن 25 عامًا، ولتحقيق إمكانات إفريقيا بالكامل، وخاصة مع مثل هذا السكان الشباب، لم يعد النهج المُتوازن لتنقل العمالة مُجرد خيار، بل أصبح ضرورة، و أن هذا الإرتفاع الديموجرافي يضع إفريقيا عند مُفترق طرق حاسم فيمثل هذا الإنتفاخ الشبابي فرصة لا مَثيل لها لدفع النمو الإقتصادي، وتغذية الإبتكار، ووضع إفريقيا كقائدة على الساحة العالمية، ومن ناحية أخرى، بدون الأطر المناسبة، فإنه يخاطر بأن يصبح مصدرًا للتوتر، حيث يواجه الملايين من الشباب تهديدات البطالة، و الإنخراط في الإرهاب والعنف و الجريمة مع نَقص العمل، والهجرة غير النظامية.
وشرحت السفيرة، انه يجب علينا إعطاء الأولوية للمسارات القانونية للتنقل مع الإحتفاظ بمواهب إفريقيا، فنحن بحاجة إلى زيادة مُساهمات المُهاجرين في بلدانهم الأصلية، وتعزيز الإبتكار، ورعاية الإستثمارات، ونقطة إنطلاقنا هي فهم إتجاهات الحركة الإفريقية، فتحدث مُعظم الحركة داخل القارة، في المقام الأول داخل مناطق الجماعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا، وشرق إفريقيا، وجنوب إفريقيا، و تتجاوز هذه الهجرة داخل القارة مُعدل الهجرة الخارجية بكثير، وهي مدفوعة في هذا السياق بالتكامل الإقتصادي والإتفاقيات الإقليمية بشأن حرية التنقل، و يتطلع عدد مُتزايد من المهنيين المَهرة إلى الهجرة الخارجية، الأمر الذي يتطلب إتباع نهج مُتوازن في إرسال المواهب والإحتفاظ بها.
وكشفت السفيرة، أنه في عام 2022، هاجر أكثر من 400 ألف عامل إفريقي ماهر إلى أوروبا، لمُعالجة النقص الحاد في العمالة في قطاعات مثل الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات والهندسة، وتفقد إفريقيا حوالي 70 ألف مُتخصص ماهر سنويًا، وخاصة في مجال الرعاية الصحية، حيث يؤثر إستنزاف المواهب هذا بشدة على القدرات المحلية.
و ركزت السفيرة، علي التكلفة الضائعة للإستثمار في التعليم من جانب الدول الأعضاء الإفريقية، رغم ما توفره التحويلات المالية من المُهاجرين الأفارقة، والتي بلغت 53 مليار دولار أمريكي في عام 2022، شريان حياة لبعض الإقتصادات الإفريقية وتتفوق بشكل كبير على الإستثمار المُباشر الأجنبي والمُساعدات الإنمائية الرسمية في العديد من البلدان، و قدم هذا الوضع فرصة مُزدوجة: يملأ المَهنيون الأفارقة فجوات العمل الحرجة في بلدان المَقصد، في حين تدعم التحويلات المالية التنمية بشكل مُباشر في الوطن، ومع ذلك، تظل هجرة الأدمغة و”تكلفة الأدمغة” المُرتبطة بها من المخاوف الخطيرة التي تتطلب إهتمامنا القوي.
وأكدت نجم، علي تحدي التصنيفات التقليدية للعمالة “عالية المهارة” و”مُنخفضة المهارة”، ومن الأهمية بمكان أن ندرك القيمة المُتساوية لجميع المهن في المُساهمة في النسيج الإجتماعي والإقتصادي للمجتمع، وهذا هو المكان الذي نحتاج فيه إلى تشجيع الهجرة الدائرية وتداول الأدمغة، وتسهيل التنقل السلس، نحن بحاجة إلى تطوير “أُطر تداول المواهب” لإفريقيا للإحتفاظ بفوائد التعرض العالمي وتنمية المهارات، وضمان مُساهمة هذه المواهب في الخارج وفي الوطن.
ودعت السفيرة، إلى تجنب هروب رأس المال البشري الإفريقي، كما دعت إلى خلق ما أسمته “سيناريو الفوز الثلاثي” الذي يعود بالنفع على الأفراد المُهاجرين، ودول المَنشأ، ودول المُستقبلة، من أجل ضمان أن تصبح الهجرة قوة دافعة للتنمية المُستدامة.
وأوضحت السفيرة، أن مع إنشاء مسارات قانونية لهجرة العمالة المَاهرة، فإننا نركز عادة على هجرة الأدمغة دون مُعالجة الخسائر الإقتصادية التي تتحملها إفريقيا، و غالبًا ما نتجاهل “تكلفة الأدمغة”، حيث يتم إستثمار مبالغ كبيرة من قبل الدول الإفريقية في تعليم وتدريب المهنيين، من المدرسة إلى الجامعة، وهو عامل إقتصادي غالبًا ما يتم تجاهله في مناقشات الهجرة، و تدريب طبيب واحد يمكن أن يُكلف ما بين 21000 دولار و 58000 دولار، ولكن عندما يُهاجر هؤلاء المهنيون، تُكلف مهاراتهم الإقتصادات الإفريقية الملايين، إن لم يكن المليارات، ومع ذلك، عند الهجرة، تضيع هذه التكاليف بالنسبة لإفريقيا بينما تستفيد منها الإقتصادات الأجنبية، ولا تؤثر هذه الخسارة على الرعاية الصحية فحسب، بل تؤثر أيضًا على قطاعات رئيسية مثل البحث والتكنولوجيا والتعليم، مما يزيد من إعتماد إفريقيا على الدعم الخارجي، إن رحيل هؤلاء الأفراد يؤثر على القارة بما يتجاوز مُساهماتهم المهنية، حيث تصاحبهم سنوات مُهدرة من الإستثمار في تعليمهم وتطورهم، إضافة إن الأفراد الموهوبين والمتعلمين للغاية يشاركون في وظائف أقل مما يكون مؤهلين لها أكثر من اللازم، وغالبًا ما يكون ذلك بسبب عدم الإعتراف بتدريبهم من بلدانهم الأصلية، في عام 2022، حدد يوروستات أن 39.4٪ من مواطني الدول الثالثة مُؤهلون أكثر من اللازم لوظائفهم، ومن المُرجح أن يؤثر هذا بشكل أكبر على المُهاجرات، ويجب أن يكون الإعتراف بالمؤهلات المُتبادلة جزءًا لا يتجزأ من مناقشاتنا.
وأوضحت نجم، أن الحل ليس كَبح المواهب ولكن خلق مسارات قانونية مَرنة تُمهد الطريق لتحقيق المنافع المُتبادلة، و في الواقع، ستشجع الهجرة الدائرية المهنيين على إكتساب الخبرة الدولية مع الحفاظ على روابط قوية مع بلدانهم الأصلية، ولهذا السبب فإن أُطر الحَوكَمة الدائرية ضرورية لتحويل هجرة الأدمغة إلى إكتساب الأدمغة، فالأُطر القانونية الإستراتيجية التي تقدم التأشيرات وتصاريح العمل والإعتراف بالمؤهلات الإفريقية يمكن أن تسهل وتمكن “سيناريو الفوز الثلاثي” الذي يقود التنمية طويلة الأجل، و ضمان التدريب المناسب والمُخصص والعادل بالنسبة للأفارقة العائدين إلى بلدانهم الأصلية، فإن التدريب الشامل والمُخصص أمر بالغ الأهمية لتحقيق النجاح، وتُظهِر الأبحاث أن العائدين الذين يتلقون الدعم المُخصص هم أكثر إحتمالاً بشكل كبير لتأمين فرص عمل أو بدء أعمال تجارية ناجحة.
وأضافت السفيرة نجم، أنه لتحقيق هذه الغاية، يجب تنفيذ برامج تدريبية قوية تبدأ قبل المُغادرة وتستمر بعد العودة لضمان عملية إعادة إدماج سِلسة، وينبغي أن تكون هذه البرامج مُتوافقة مع مُتطلبات سوق العمل الحالية ومُصممة وفقًا للظروف الإجتماعية والإقتصادية المُحددة لكل بلد، ويمكن للتعاون بين الحكومات والقطاع الخاص والمؤسسات التعليمية أن يقدم الدعم المُستمر، مما يضمن حصول العائدين على المهارات اللازمة للنجاح في مجالاتهم المعنية.
وأكدت نجم، أن تركيز AMO، يهدف إلى الرؤى القائمة على بيانات الهجرة ومُبادرات بناء القدرات إلى مُساعدة البلدان الإفريقية على تعزيز المعرفة بالهجرة من أجل سياسات وإستراتيجيات الهجرة القائمة على الأدلة، بما في ذلك إعادة الإدماج، و إن إنشاء مسارات للعائدين للوصول إلى الموارد المالية والتوجيه والشبكات من شأنه أن يساعد في تحفيز الإقتصادات المحلية والمُساهمة في التنمية الإقليمية طويلة الأجل، وهو حافز لهم للبقاء وعدم محاولة الهجرة (أو إعادة) الهجرة بشكل غير منتظم، ومن خلال القيام بذلك، يمكننا تحويل الهجرة إلى حافز للتنمية الإقتصادية في إفريقيا، وتحويل هجرة الأدمغة إلى إكتساب الأدمغة والعمل نحو التطلعات التي تصورتها إفريقيا من خلال أجندة 2063.
وقدمت السفيرة، عدة توصيات و مُقترحات وأساليب مُبتكرة لتعزيز التعاون في مجال المهارات وتنقل العمالة بين القارتين، ودعت باسم المرصد الإفريقي للهجرة AMO، للتبادل الشركاء المشاركة في البحث وتنفيذ المشاريع إنشاء وتعزيز مِنصات تبادل المهارات من قارة إلى أخرى وتطوير والإستفادة من المنصات الرقمية التي تربط العمال الأفارقة المَهرة بالفرص في كل من إفريقيا وأوروبا، باستخدام الذكاء الإصطناعي لمُواءمة المهارات مع إحتياجات السوق لتنقل العمالة المُستهدفة، وضمان إمكانية وصول الطلاب الأكاديميين في الجامعات الإفريقية ومراكز البحوث إلى البرامج التدريبية والأكاديمية ذات الصلة، وإستكشاف طرق لكي تُساهم هذه المِنصات في نقل المعرفة والمهارات إلى بلدان المَنشأ، و تنفيذ وتوسيع و الدعوة إلى برامج الشهادات المُزدوجة للسماح للمهنيين الأفارقة بالحصول على مُؤهلات مُعترف بها في كلتا المنطقتين، وضمان إنتقالات أكثر سلاسة وقبول أفضل للمهارات الإفريقية، وأن تشمل هذه الجهود تَسليط الضوء على البرامج الحالية، وخلق التآزر، وتعزيز أفضل المُمارسات لتشجيع تكرار النماذج الناجحة، و الإستثمار في برامج الهجرة الدائرية وتعزيز المسارات القانونية للهجرة التي تمكن العمل المُؤقت في الخارج مع ضمان إعادة الدخول ودعم إعادة الإدماج، وتعزيز المهارات والمُساهمة الإقتصادية، و إستكشاف الأساليب العملية لتشجيع مشاركة الأكاديميين الأفارقة المُتقدمين وطلاب الدكتوراه في تعزيز قاعدة المعرفة في بلدانهم الأصلية من خلال المشاريع المُشتركة، حتى عند ترقيتهم إلى مناصب مُتقدمة أخرى في البلدان المُستقبلة، وتعزيز الفوائد المُتبادلة للهجرة، و تطوير برامج الدعم الشامل و إنشاء برامج تدعم النمو الشخصي والإجتماعي والثقافي للمُهاجرين، ومساعدتهم على الحفاظ على الروابط مع جذورهم مع المُساهمة بشكل هادف في كل من البلدان المُضيفة والوطنية، و حماية حقوق المُهاجرين و إنشاء أُطر لحماية حقوق المُهاجرين طوال رحلتهم، مع مدونات سلوك لتعزيز التوظيف الأخلاقي، وضمان المُعاملة العادلة، ومُكافحة التمييز، و توسيع نطاق البحث في الهجرة والتنقل والعلاقة بين الهجرة والتنمية، مُؤكدة علي أهمية الإستثمار في البحث لتعميق فهم المُستويات والمُكونات المُختلفة للهجرة والتنقل عبر القارة، وضمان أن تكون السياسات مبنية على الأدلة ومُعالجة التعقيدات على أرض الواقع ، و التركيز على تعزيز الفوائد الإنمائية للهجرة، مُشيرة إلى أنه يمكن للبحوث الكمية والنوعية، جنبًا إلى جنب مع برامج الشراكة المُشتركة، وأن تمهد الطريق لإستراتيجيات ناجحة لتحويل تحديات هجرة الأدمغة إلى تداول الأدمغة، وتعزيز الإبداع والتنمية وخلق سيناريوهات العائد المُشترك للمعنيين، و تشجيع الآليات لإدراج البيانات المُتعلقة بتنقل المهارات في قواعد بيانات الهجرة ووحدات المسح .
وجمع الإجتماع المُشترك رفيع المستوى لعملية الرباط وعملية الخرطوم، أصحاب المصلحة الأفارقة والأوروبيين مُمثلين من 53 دولة شريكة إفريقية وأوروبية و ضم أكثر من 130 مُشاركًا لمناقشة المسارات المُبتكرة لتنقل المهارات والمسارات المُبتكرة لهجرة العمالة وتنمية المهارات وتنقل المواهب، وتعزيز الشراكة بين الإتحاد الإفريقي والإتحاد الأوروبي.
وكان الإجتماع مناسبة لتحسين سياسات الهجرة التي تعطي الأولوية لرفاهية الشعوب الإفريقية، و بمثابة خطوة رئيسية إلى الأمام في تشكيل مستقبل العلاقات بين الإتحاد الأوروبي وإفريقيا في مجال الهجرة، و حضره مُمثلون من مُفوضية الإتحاد الإفريقي، والمديرية العامة للهجرة والشئون الداخلية للمُفوضية الأوروبية، والمجموعة الإقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، ودول شركاء الحوار و تبادلوا المشاركون طرقًا إستراتيجية للمضي قدمًا في الأهمية المُتزايدة لهجرة العمالة وتنمية المهارات وتنقل المواهب لكل من إفريقيا وأوروبا، و برامج مُبتكرة مشتركة لمُعالجة نقص المهارات وتعزيز الهجرة الدائرية، مع تَسليط الضوء على المُمارسات الجيدة من مناطق عملية الخرطوم وعملية الرباط.
وقال يوهانس لوشنر، نائب المدير العام للمديرية العامة للهجرة والشئون الداخلية في المُفوضية الأوروبية: إن الإجتماع يُمثل خطوة رئيسية إلى الأمام في تشكيل مُستقبل العلاقات بين الإتحاد الأوروبي وإفريقيا في مجال الهجرة، فقد خَلُصَ المندوبون إلى بعض النقاط المُهمة و الدعوات إلى العمل، وإذ يؤكد على الحاجة إلى تعاون أقوى بشأن هجرة العمالة، وشراكات تنقل المهارات، والإتفاقيات الثنائية، والإعتراف بالمُؤهلات، وتعزيز الشراكات لخلق الفرص للشباب والمُهاجرين، ومُعالجة مُشكلة البطالة بين الشباب في إفريقيا ونقص العمالة في أوروبا مع تعزيز تبادل المهارات والأفكار والثقافات لتحقيق المنفعة المُتبادلة، والتأكيد على ضرورة تركيز سياسات الهجرة على التجربة الإنسانية، مع التركيز على كرامة المُهاجرين ورحلتهم، و الدعوة إلى إتباع نهج مُتوازن في تنمية المهارات والاحتفاظ بالمواهب في القارتين، من خلال دمج الهجرة الدائرية القانونية والفرص طويلة الأجل للنمو الإقتصادي المُتبادل، ويجب على المُبادرات الرامية إلى مُعالجة إحتياجات المهارات وفرص العمل أن تعطي الأولوية لحماية حقوق العمال ودعم إدماجهم أو إعادة إدماجهم، مع التأكيد على أن هجرة العمالة لا تتعلق فقط بمُطابقة المهارات مع الوظائف، بل تتعلق في الأساس بالناس.
وقالت سيديف ديرينج، مديرة حوارات الهجرة والتعاون في المركز الدولي لتنمية سياسات الهجرة، بفضل التمويل من المديرية العامة للهجرة التابعة للمُفوضية الأوروبية منذ عام 2016، تدعم مُنشأة شراكة الهجرة التابعة للمركز الدولي لتنمية سياسات الهجرة الحوار والتعاون بشأن الهجرة والتنقل بين الدول الأعضاء في الإتحاد الأوروبي والدول الشريكة ذات الأولوية خارج الإتحاد الأوروبي، وحتى الآن، شاركت 23 دولة عضو في الإتحاد الأوروبي و18 دولة شريكة في 20 شراكة للمهارات والتنقل في مجالات العمل ذات الطلب المُرتفع مثل تكنولوجيا المعلومات والزراعة والبناء والإقتصاد الأخضر.
وأضافت ديرينج أن مرفق المنح الخاص بحوار الهجرة والتنقل الذي تم إطلاقه حديثًا سيساعد أيضًا في ترجمة الإلتزامات السياسية إلى إجراءات مُلموسة من خلال دعم المُبادرات المُستهدفة وبناء القدرات وتعزيز تشغيل الأولويات الإقليمية وتعزيز الأُطر المؤسسية لإدارة تدفقات الهجرة بشكل أكثر فعالية.
في حين ركزت المناقشات المُستديرة على تحديد الإحتياجات والأولويات والتحديات والفرص المُتعلقة بهجرة العمالة لدعم صنع السياسات وتعزيز التعاون.
وأشار جو أنطونز من فراجومين جلوبال، إلى إستراتيجيات أوروبا المتطورة لجذب المواهب، وكيف يجب أن تتماشى هذه الجهود مع حزمة المهارات وتنقل المواهب الجديدة في الإتحاد الأوروبي.
ويقول المركز في تقديمه للإجتماع، إن في السنوات الأخيرة، أصبحت تنقلات العمالة والمهارات أولوية أساسية على أجندة حوارات الهجرة، وتعمل عمليتا الخرطوم والرباط، المُمولتان من الإتحاد الأوروبي والمُنفذتان من قبل المركز الدولي لتنمية سياسات الهجرة، على تعزيز الشراكات وإنشاء إستراتيجيات قابلة للتنفيذ لتعزيز تنقل المواهب؛ مما يوضح كيف يتم تحقيق الحلول المُستدامة لتحديات الهجرة العالمية من خلال التعاون والرؤية المُشتركة.
وأشار المركز، إلى أن هذا الإجتماع هو الخطوة الأولى في إعداد وثيقة مَرجعية تتضمن توصيات مُشتركة لتأسيس نهج إستراتيجي لإدارة تنقل العمالة والهجرة .
الجدير بالذكر، أن المركز الدولي لتنمية سياسات الهجرة هو منظمة أوروبية دولية تأسس في عام 1993، ويقع مَقره الرئيسي في فيينا، ويتمتع المركز بصفة مُراقب لدى الأمم المُتحدة ويتعاون مع أكثر من 200 شريك بما في ذلك مؤسسات الإتحاد الأوروبي ووكالات الأمم المُتحدة والدول الأعضاء والعديد من البلدان، ويتعامل مع ظاهرة الهجرة العالمية ويضم 21 دولة عضوًا ويعمل في أكثر من 90 دولة حول العالم، ويُساهم في تطوير سياسات وبرامج أفضل وأكثر أمانًا للهجرة، ويتبنى نهجًا شاملاً للهجرة، يربط بين السياسات والبحث والتعاون والتواصل المُجتمعي وتنمية القدرات، ومع أكثر من 500 موظف، يتبنى المركز نهجًا إقليميًا في عمله نحو التعاون والشراكات الفعالة على طول طرق الهجرة الرئيسية، مع التركيز على إفريقيا ووسط وجنوب آسيا وأوروبا والبحر الأبيض المتوسط والشرق الأوسط.
ومن أهداف المركز تطوير وتنفيذ إستراتيجيات طويلة الأجل للتعامل مع ظاهرة الهجرة، والتي تهدف إلى تيسير الإنذار المُبكر، ومُكافحة الأسباب الجذرية، وتوحيد تدابير مُراقبة الدخول وتنسيق سياسات الأجانب واللجوء واللاجئين، وتتمثل أهداف المركز في تعزيز التعاون الدولي في مجال سياسات الهجرة، فضلاً عن البحوث ذات الصلة في هذه المجالات، و تحليل تدفقات الهجرة الحالية والمُحتملة إلى البلدان الأوروبية المُستقبلة ومتابعة وفحص الوضع في البلدان الرئيسية التي ينحدر منها المُهاجرون وتطوير تدابير لتحسين الإعتراف بحركات الهجرة والسيطرة عليها، وتقوم مجموعة التوجيه بالمركز بتحليل مهام المُنظمة وتعديلها بشكل منتظم بما يتماشى مع بيئة السياسات المُتطورة و إتجاهات الهجرة، وتنعكس القرارات ذات الصِلة في وثائق الإستراتيجية التي وافقت عليها مجموعة التوجيه وبرامج العمل والميزانيات السنوية، وتتبنى وتستند المبادئ والقيم التي توجه عمل المركز، إلي حَوكَمة الهجرة الأوروبية وإلى مبادئ قوية لسيادة القانون وحماية حقوق الإنسان والحقوق الأساسية بفعالية، فضلاً عن تقاليد إنسانية راسخة، وهي تدافع عن التعددية ونهج الشراكة.