سلوى مرجان تكتب : تخاريف إمرأة أربعينية
أقول لنفسي وأنا أعبر الشارع: أنا كبيرة بما يكفي لأعبره وحدي.
وعندما يأتي المساء أسألني: أما من يد تأخذ يدي لتحميني من وحشة الطرقات ؟!
أقول لنفسي وأنا واقفة بين الصغار: أنا عاقلة بما يكفي؛ لأراقبهم يلعبون الغميضة ولا أختبئ مثلهم.
وبعد لحظات أسألني: ماذا كان سيضيرني لو اختبأت من نفسي بركن قصي، لعلني أجدني بعد طول فراق؟!
أقول لنفسي عندما أرى حبيبين: أنا لا حاجة لي بأحد، أنا ربيعي في قلبي، ووحدتي تؤنسني.
وفي الليل عندما ينطفئ الضوء، تظهر بوضوح كذبتي، فأقول لنفسي: لماذا لم أكن يوماً تلك المرأة البسيطة الهادئة، ربما كان لدي الآن جيش من الصغار؟!
أقول لنفسي عندما أرى ابني وحيداً: لقد أسبغت عليه بالعطاء، فلا طلب يرد له، جاءته الدنيا وما فيها.
وعندما أنظر لعينيه أسأل نفسي: كيف وصل اليتم لروحه؟, وكيف سيحيا العمر يتيماً ؟!
أقول لنفسي وأنا سيدة قراري دوماً: لا أحد نال من الدنيا مثلما نلت، أنا الحظ، أنا الفكرة، أنا انشطار الروح، أنا الحب مثلما ينبغي أن يكون، وأنا ……
وفي ليالي تشرين الثاني وعندما يصيح بي برج العقرب أنني جزء منه، أسأل نفسي: ماذا لو ولدت في أيلول، هل كنت سأصبح ما أنا عليه الآن، فأيلول عناق الحرية وصوت المطر.
وماذا لو ولدت في كانون الأول فأصير مثل أبنائه ملكة تحمل على عاتقها الشتاء. ولماذا لا أكون حزيران، أو آيار، أو تموز، وماذا سيفرق معي لو كنت شهر شباط ؟! .. لكنني هنا ابنة تشرين ( نوفمبر الحلو), فيروزية الروح، هتلرية النزعة، وديكارتية الفكر……
لا شيء يشبه امرأة ضحية الكتب، وأنا ضحية ما كتبت وما قرأت.
تعارك معي إن كنت تهوى الخسارة.