900
900
مقالات

صفوت عمران يكتب: سوريا وبشار وحرب نهاية الزمان!!

900
900

ما يحدث في سوريا ليس إلا جزءا من الحرب العالمية الثالثة، التي تتصاعد بخطوات ثابتة، وبعد فشل المواجهة المباشرة في غزة ولبنان تم الرجوع لتنفيذ الخطة القديمة الجديدة .. مسلمون يقتلون بعضهم البعض.. ثم بعد سنوات من الانهاك تقضي الدول الغربية على من يتبقى من الجانبين بأقل تكلفة.. وهو ما يعرف بخطة هدم الدول من الداخل.. الغريب أن كل داعمي إسقاط سوريا من دول المنطقة لصالح التحالف الصهيوامريكي سوف يدافعون الثمن ويشربون من نفس الكأس خلال بضع سنوات.

سوريا منذ 2012، تم تقسيمها بين القوى الكبرى والإقليمية كمناطق نفوذ، جزء يحكمه بشار الأسد وحلفاؤه روسيا وإيران، وجزء تسيطر عليه أمريكا والمليشيات الموالية لها، وجزء تموله وتديره تركيا، مع الاعتراف بوجود تنسيق مصالح ثلاثي أمريكي إسرائيلي تركي في سوريا، الصهوامريكي يقود كل التحركات ضد النظام السوري مستغلاً أخطاءه التاريخية والغضب الشعبي الممتد ضده، واتفقت واشنطن مع أردوغان على صفقة: «استمرار أنقرة داخل حلف الناتو والحصول على الحماية والامتيازات مقابل دعم الجماعات المسلحة في سوريا».. لذا يتحرك الجميع من أجل إنهاء حكم بشار الأسد الذي يحتاج بقاؤه إلى معجزة تغير حسابات اللاعبين إقليماً ودولياً.. معجزة صعبت التحقق في ظل حلفاء مشغولين بمصالحهم الذاتية، موسكو تريد حسم حرب اوكرانيا، وطهران تتحرك بحذر للحفاظ على مشروعها النووي واستعادة أموالها المجمدة مقابل أي خسائر حتى لو كانت بشار الأسد شخصياً.. وجيران سوريا العرب منقسمون وكل دولة لها مصالح متقاطعة، رغم أن سقوط سوريا يضر بالجميع ويزعزع استقرار المنطقة بالكامل، ويعني ألا توجد دولة سوف تعيش في أمان.

منذ 2020، هدأت الأمور داخل سوريا في ظل إتفاق غير معلن على تقاسم مناطق النفوذ، اربع سنوات شهدت عودة بشار الأسد للجامعة العربية، وجلس على نفس الطاولة مع خصومه العرب، وغيرها من التفاهمات الدولية، إلا أنه في ظل التطورات الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط، رفض بشار تمكين المعارضة معه وعمل مصالحة وطنية، ورفض تفاهمات مع تركيا بخصوص السماح لانقرة بتواجد دائم في شمال سوريا والتحالف معاً للقضاء على الاكراد، كما رفض مطالب إسرائيلية بطرد القوات الإيرانية بالكامل، علاوة على غضب تل أبيب من مساعدة بشار لحزب الله في حربه الأخيرة مع الكيان، لذا تحالفت تركيا وإسرائيل برعاية أمريكا على ما يحدث الآن في سوريا، وهو سر تصريحات بنيامين نتنياهو: «بشار الأسد يلعب بالنار سوف يدفع الثمن» .. وبعد أقل من 24 ساعة تحركت الجماعات المسلحة نحو حلب وحماه القريبتان جغرافياً من إدلب مقر تلك الجماعات، وسط توقعات أن معركة حمص -أكبر المحافظات السورية مساحة- ستكون فاصلة أما دحر الجيش السوري لتلك الجماعات والعودة مجدداً لما قبل 27 نوفمبر أو يكون الباب مفتوحاً أمامها على دمشق، فقد أنهار إتفاق الأستانة، والآن يتحدث صوت البارود فقط…

من جانبه أكد المتحدث بإسم البنتاجون وجود اتصالات بين أمريكا وروسيا بخصوص سوريا، دون ذكر مزيد من التفاصيل، في الوقت الذي تبادل مندوبا البلدين في الأمم المتحدة الاتهامات بشأن ما يحدث، ورغم ما نشر من تقارير إعلامية عن وجود بشار الأسد في روسيا لا توجد تصريحات رسمية تؤكد أو تنفي.. وبات الجميع يترقبون الموقف الروسي مما يحدث لأنه سيكون فارق في تحديد المشهد النهائي، وكشف مراقبون أن بوتين خلال اتصاله مع نظيره التركي اوردغان طلب منه ضرورة القضاء على ما أسماه بـ«التحرك الإرهابي في سوريا بشكل نهائي»، حيث اعتبرت موسكو دعم أنقرة للجماعات المسلحة طعنة في الظهر، وسط مخاوف من تصادم عالمي في سوريا.. روسيا وإيران في مواجهة تركيا وأمريكا وإسرائيل على الترتيب.. وتبقى احتمالات التفاهم على جثة الأسد بين جميع الفرقاء، فالعلاقات الدولية تحكمها المصالح والمصالح فقط.. وقد يضحوا بـ«بشار الأسد» بعدما أصبح ورقة مرفوضه من خصومه وحمل ثقيل على حلفاؤه الذين يمكن أن يقاضيوا به لتحقيق تفاهمات ومكاسب.

تقارير إعلامية تقول أن انسحاب الجيش السوري أمام ميليشيات جبهة تحرير الشام نتيجة انذار مبكر من الاسرائيليين للروس، وأن تل أبيب أبلغت روسيا بساعة الصفر حتي لا تتورط في الدم الروسي، وأيضاً للضغط على بوتين لقبول تفاهمات داخل سوريا، ورغم ذلك كشف خبراء عسكريين أن المخابرات الإسرائيلية والمخابرات الأوكرانية التي تعمل علي الأرض في سوريا ساهمت في وضع يد جماعات المعارضة المسلحة علي بعض مناطق تمركز صواريخ بوك وبانتيسير الروسية، وكشفت لهم أماكن تمركز الجيش السوري، وكانت وراء استخدام تلك الجماعات للطائرات المسيرة في الهجوم على الجيش السوري.

الواقع .. النفوذ الروسي في الشرق الأوسط أصبح علي المحك وباتت موسكو مهدده بفقد موقعها في المياه الدافئة .. والموقف الروسي مازال غامضاً .. بوتين حتي الآن باستثناء مكالمته مع أردوغان لم يصرح رسمياً حول العمليات في سوريا، ورغم أنه يريد دخول المعارضة في الحكم إلا أنه غير واضح في موقفه بالنسبة لبقاء بشار الأسد.. ويبقى السؤال: هل يتراجع بوتين في الجبهة السورية مما يؤدي به إلى مزيد من التنازل في الجبهة الأوكرانية؟ أم يعقد صفقة على حساب بشار؟!.. المشهد يؤكد أن كل الأطراف الدولية ليس لديها مانع في رحيل رأس النظام في سوريا والحفاظ علي الجسد، وتبقى إيران هي الوحيدة التي تضرب علي الطاولة من أجل بقاء النظام السوري، وتتحرك في كل الاتجاهات لضمان استمرار الأسد .. طهران أصبح لديها خسائر إستراتيجية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط وخاصة في سوريا، وتعيش مرحلة انكماش إستراتيجي لمشروع التمدد الشيعي الفارسي، في الشام وشرق المتوسط، ولا يعرف أحد هل تقبل إيران الوضع الراهن مقابل النجاة بمشروعها النووي ورفع الحظر على أموالها المجمدة، أم تحاول تعويض خسائرها بالتمدد في منطقة الخليج العربي؟!… دول الخليج ليست بعيدة عن اضطرابات الشرق الأوسط.. وهو ملف شائك لا يريد أحد فتحه..

ورغم أن بشار الأسد لم يرفع أصبعه الصغير لدعم حماس ضد إسرائيل – حسب الإعلام العبري – إلا أن الكيان الصهيوني يريد تقسيم سوريا إلى عدة دويلات وفق مخطط الشرق الأوسط الجديد، لتفكيك ما تعتبره آخر قلاع محور المقاومة، رغم مخاوف تيار واسع داخل إسرائيل من وجود تلك الجماعات المسلحة على الحدود معها، وأنها غير مأمونة الجانب بخلاف «الأسد العجوز» والمنهك والذي يصارع الموت يومياً، لذا ضربت إسرائيل مستودع أسلحة تابع للنظام السوري في حلب حتى لا يقع في يد جبهة تحرير الشام والجماعات المسلحة، وهو ما قد يتكرر مع كافة أسلحة الجيش السوري بنفس الحجة، إلا أن إتفاق سري مع قيادات تلك الجماعات سوف يسمح بتواجد أمريكي إسرائيلي في سوريا، وسط تعهدها بعدم الاقتراب من الجولان وعدم تهديد الكيان الصهيوني المحتل، وربما تسيطر إسرائيل على كامل بحيرة طبرية، وهو ما عبر عنه نتنياهو بأنه إذا دخلت تلك الجماعات حمص فسوف تقيم إسرائيل منطقة عازلة داخل سوريا.. ومازالت تل أبيب تريد تنفيذ أجندة اطماعها في السيطرة على كامل بحيرة طبرية وكامل الجولان المحتلة.. المخطط الصهيوامريكي يراهن على أن ما يحدث في سوريا يفتح الأجواء أمام النفوذ الغربي والإسرائيلي.. ومن جانبه قال ابومحمد الجولاني قائد جبهة تحرير الشام أنهم لن يخرجوا القوات الأجنبية من سوريا حتى انتهاء المهام الخاصة بها، واعتبرها أنصاره رسالة طمأنة للقوى الدولية، واعتبرها خصومه رسالة خيانة!!.

يرى خبراء سياسيون أننا أقرب ما نكون لرؤية خارطة دم جديدة في سوريا التي سيتم تقسيمها طائفياً إلى ثلاث دول على الأقل.. سنية وعلوية شيعية وكردية، على غرار ما حدث في العراق، وهو المخطط الصهيوامريكي الرئيسي منذ إندلاع ما يعرف بـ«الربيع العربي»، والذي يهدف إلى تقسيم الدول العربية لدول طائفية حتى لا تكون إسرائيل الدولة العنصرية الوحيدة في المنطقة.. علاوة على تقاسم الثروات ومشروعات المستقبل.

عبر خبراء عن مخاوف لدى جميع جيران سوريا من «دولة الجماعات والمليشيات المسلحة»، وأنها ستهدد أمن وحدود كل الدول التقليدية، لأن هذه الدولة الناشئة الجديدة، إذا ما كتب لها الوجود، لا حدود لها، فهي لا تعترف بقدسية الوطن والحدود، وإنما تتحدث عن حكم الأمة، وإذا كانت أمريكا صنعت القاعدة لمواجهة الاتحاد السوفيتي في أفغانستان، ثم انقلبت القاعدة على واشطن، فالأمر يمكن أن يتكرر، وتنقلب تلك الجماعات على إسرائيل وأمريكا وتركيا، حيث أن دولة الجماعات المسلحة سوف تحدد حدودها الجديدة بالسكين والنار، وأن التحالف بين هذه الجماعات وإسرائيل تكتيكي مؤقت ويمكن أن ينهار في أي وقت.. وهو سر اجتماع الدوحة الذي يبحث عن حل سياسي للازمة السورية.. حل يجنب سوريا الحرب الأهلية حيث يوجد عشرات الجماعات المسلحة بالتزامن مع وجود اختلافات عرقية وطائفية ومذهبية.

تسألت جريدة «Defenese Express» القريبة من المخابرات الأوكرانية عن سر تراجع الجيش السوري في معركة حلب دون مقاومة؟!، إلا أن تقارير مخابراتية أكدت أن الروس فوجئوا بتحرك الجماعات المسلحة ضاربة عرض الحائط باتفاق الأستانة، وأن التواجد الإيراني على الأرض لم يكن بالشكل المطلوب، لذا صدرت تعليمات لقوات الجيش السوري للانسحاب المؤقت حفاظاً على قدراته العسكرية، فيما قالت جريدة معاريف العبرية، أن عملية حلب إسرائيلية تماماً، المخابرات الصهيونية هي من دعمت من وصفتهم الجريدة العبرية بـ«المتمردين أو المعارضة السورية».. والمؤكد أن كل الإحداثيات والدعم اللوجيستي والتموين لجبهة النصرة أو جبهة تحرير الشام كان من المخابرات الإسرائيلية والأوكرانية العاملة علي الأرض في سوريا بموافقة أمريكية من أجل ضرب التواجد الإيراني في سوريا بعملية كانت تريدها إسرائيل خاصة ومحدودة، لكن قوات «تحرير الشام» خرجت عن النص وطورت العملية إلى هجوم مفتوح يستهدف حلب وحماة وتسعى للوصول إلى حمص ودمشق بدعم تركي لم تكن تل أبيب تحسب حساباته، دعم جرى في الفناء الخلفي بعيداً عن الإسرائيلي، وهو ما قد يدفع إلى مزيد من التصعيد.. يبدو أن أعداء بشار الأسد مختلفون حول الهدف النهائي من تحرك الجماعات المسلحة.. وأن كانوا أقرب للاتفاق على رحيله فالأمور تسير بشكل متسارع والطريق إلى دمشق مفتوح على مصرعيه أمام هيئة تحرير الشام المدعومة من أمريكا وتركيا وإسرائيل وقطر.

إيران وصفت ما حدث بأنه عملية اختراق لاتفاق الأستانة واتفاقات الهدنة ووقف التوتر بين النظام السوري والجماعات المسلحة، وقد قالت وكالة الأنباء الإيرانية «تسنيم» أن تدريب الأرهابيين الايجور والأوزبك والطاجيك في سوريا هو خطة حلف الناتو لتجهيز هؤلاء في الشرق الأوسط ليعودوا إلى الصين وزعزعة الاستقرار بها، مما يؤكد أن كل العالم يتجمع في سوريا لصناعة حرب هرمجدون حسب رؤية القديس يوحنا اللاهوتي.. فقد أصبح الروسي في سوريا بجانب الإيراني الذي يستدعي الصيني للحرب، في مقابل الأمريكي والناتو والمخابرات الاوكرانية والاسرائيلية التي تستخدم الخلاف الديني والطائفي لدعم جماعات يصفها القانون الدولي بالارهاب ضد النظام السوري.. الآن أصبح الجميع في سوريا «أرض هرمجدون» .. والمخاوف لدى أغلب المتابعين أن نصوص التلمود تقول أن تدمير دمشق من أهم علامات سرديات حرب نهاية الزمان.. فهل يتحقق الأمر الآن ام مازال هناك مزيد من الوقت لعقد تفاهمات يربح فيها الجميع على حساب سوريا ومستقبل الشعب السوري واستقراره؟!

وقال مراقبون أن الجماعات المسلحة للمعارضة السورية تستهدف كل المكون الإيراني الشيعي في سوريا، وهدف إسرائيل من دعم «جبهة النصرة أو جبهة تحرير الشام» قبل توسيع العملية كان هو فقط استهداف رجال إيران في سوريا ومساومة بشار الأسد «البقاء في دمشق مقابل وقف نقل السلاح إلى حزب الله»، وأيضاً تهميش غزة بنقل الكاميرا من «حرب غزة» إلى «حرب حلب»، وكانت المخابرات الإسرائيلية تعلم أن الرئيس الأمريكي ترامب يريد بقاء الأسد، حيث يدرك أن إنهيار النظام السوري يعني مواجهة مباشرة مع الروس الذين لن يتخلوا بسهولة عن تواجدهم في سوريا.. لكن قوات تحرير الشام بالاتفاق مع تركيا وسعت من الهجوم وعينها على دمشق، لذا أصبح الوضع على الأرض أما السيطرة على سوريا بالكامل من جانب الجماعات المسلحة أو تنفيذ مخطط تقسيم سوريا، الذي أصبح أمراً واقعاً منذ سنوات ويصفه البعض الآن بأنه قد يكون أقل النتائج كارثية.

وفق تقارير غربية فإن خطة إسرائيل هي تقسيم سوريا لطرفيين بينهما صراع طائفي يتناحران دون انتصار لأحد لكي يضعف كل طرف الآخر بحجة ضرب التواجد الايراني في سوريا، ثم في وقت لاحق يتم التخلص من الطرفين معاً لصالح التحالف الصهيوامريكي، إلا أن الأتراك عندما وجدوا أنفسهم خارج المعادلة في سوريا وأكثر عرضة أيضا للتقسيم «تقسيم تركيا» سكبوا الزيت علي نار الصراع ودعموا توسيع جبهة تحرير الشام للحرب والخروج عن النص الإسرائيلي المتفق عليه، وهو ما أعلنه أردوغان بأن المعارضة السورية هدفها دخول دمشق.

المعادلات معقدة جداً …الاسرائيليون ضمنوا سيطرة الروس علي بشار في عدم دعم حماس أو محور المقاومة، وهم يلعبون بنفس الورقة لضمان بقاء بشار داخل دمشق والزامه بالتعهد بعدم التعاون مع إيران، وعدم الدخول في حرب مع جبهة تحرير الشام التي سحب جيشه أمامها، مقابل البقاء في الحكم، لأن المعارضة السورية تلعب الدور الأكبر في خارطة تقسيم سوريا، فبعد رفض الأكراد مواجهة الإيرانيين، تم تنفيذ الخطة البديلة وهي تحريك الجماعات السنية المسلحة، والمطلوب أن تصبح سوريا نظام فيدرالي يجمع الأكراد وسوريا حلب وسوريا دمشق، في مناطق معزولة بالحكم الذاتي مما يعني إسقاط الدولة السورية.. إلا أن الجماعات المسلحة يبدو هذه المرة لن تقبل إلا برحيل بشار الذي نصحه بعض أصدقاءه على علم بما يدور في كواليس صناعة القرار العالمي، بقبول الرحيل عن الحكم حتى لا تتحول سوريا إلى أفغانستان أخرى، وتفويت فرصة بحور الدم التي يريدها وكلاء تجارة الحرب العالمية.

وفق تقرير مخابراتية فإن المعارضة السورية حليفة إسرائيل وتركيا تؤسس جيشاً جديداً لإبعاد كل عناصر الجيش السوري، بنفس طريقة تفكيك الجيش العراقي لكن بلا ضحايا أمريكيين.. وسوف يعملون على ابقاء جيش الميليشيات أو المعارضة السورية في المشهد لطرد النفوذ الإيراني والروسي وخلق فراغ جيوسياسي حتى لو أدى إلى اسقاط الدولة السورية وليس فقط نظام بشار الأسد.. لذا حذر خبراء من أن فناء العرب سيكون من بوابة التعصب والخلاف الديني والطائفي.. الطائفية هي الرصاصة المجانية التي نقتل بها أنفسنا لمصلحة عدونا.. وهو خطر لو تعلمون عظيم..

وتؤكد تقارير أن ما يجري في سوريا جاء بعدما رفع الموساد الإسرائيلي تقريراً وصفه بعالي الخطورة مفاده أن الحرب العالمية الثالثة علي وشك الاندلاع، وأن علي إسرائيل ضرورة عدم التورط فيها وأن تكون تلك الحرب بعيدا عن حدودها بعدما إستمرت لأكثر من عام تحت القصف الصاروخي الدائم .. الموساد الإسرائيلي يري المعادلة كما تراها بعض أجهزة معلومات المنطقة، وهي أن الدولة العسكرية والدولة العميقة الأمريكية تريد الحرب العالمية الثالثة.. خطة نتنياهو / كوهين هي إبعاد إسرائيل عن دائرة الحرب العالمية الثالثة، وقد غرد الجنرال الأمريكي مايكل فلين أن الدولة الأمريكية العميقة لن تسمح لـ«ترامب» بإجراء أي إصلاحات، وهذا سيكون بـ« الإغتيالات أو المظاهرات أو التمرد المسلح داخل أمريكا»، ورغم أن تل أبيب تريد احتلال اجزاء من سوريا والقضاء على الجيش السوري إلا أن المؤكد أنها لا تريد أي صدام بين أمريكا وروسيا حيث أن الجيشان الأمريكي والروسي أقرب ما يكونا لبعضهما في سوريا، بقواعد عسكرية متجاورة على الأرض، خاصة أن أغلب التقارير تتوقع أن تندلع شرارة الحرب العالمية الثالثة أو حرب نهاية الزمان «هرمجدون» من الشرق الأوسط.

أين مصر؟!
قبل الجميع سعت الدولة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة ولبنان، وقد إستوعبت المنطقة من المحتل قبل المقاوم رؤية العراب المصري.. ويبقى قرار وقف الحرب لكن الإشكالية في إصرار الدولة العميقة والمخابرات العسكرية الأمريكية على نشوب حرب عالمية ثالثة.. البعض راهن على أن ترامب قد يغير المعادلة .. لكن لا أحد يمس البيروقراطية داخل الجيش الأمريكي .. فلا يوجد رئيس قبل ترامب إقترب من هذا اللغم، وخاصة استثمار الدولة العميقة الأمريكية في الحروب العالمية وتجارة السلاح .. الجيش الأمريكي هو كهف الدبابير الذي لا يمكن لأحد الدخول إليه، وغير مسموح لأحد التأثير علي تجارة الحرب التي تدير العالم من الخفاء.. لذا لا يستطيع أحد تغيير معادلات القرار البيروقراطي الاستراتيجي داخل الدولة العسكرية الأمريكية، وكل ما يمكن أن يفعله الرئيس هو التكيف معها، وهو ما حدث في تصريحات ترامب بعد وصوله للحكم عندما هدد الشرق الأوسط بالجحيم ما لم تفرج حماس عن الرهائن الإسرائيليين، ليس إلا تحول مثير عما كان يقوله قبل الانتخابات عن خطته لوقف الحروب في الشرق الأوسط وباقي أنحاء العالم.. في المقابل يؤكد خبراء أن التزام بوتن حتى الآن بعدم إشعال حرب عالمية ديني قبل ما يكون سياسي، نتيجة قرار الكنيسة الأرثوذكسية الشرقية تحريم إندلاع حرب عالمية ثالثة.. لكنه قد يتغير في أي وقت.

ويبقى السؤال: هل يتحرك الجيش المصري فوق رقعة شطرنج لخارطة حدود أمنه القومي التاريخية، والتي تمتد من الشام إلى سيناء مرورا بـ«ليبيا غرباً» حتى «منابع النيل جنوباً» .. في حرب السودان كانت عقيدة جيش مصر هي الوقوف بجانب الجيش السوداني ضد قوات الدعم السريع لأن العقيدة الثابتة لجيش مصري هي عدم ترك أي جيش عربي يتعرض للتفكك والانهيار.. أم أن الوضع في سوريا تجاوز أي تدخلات عربية للإنقاذ؟!، وأصبح المشهد شديد التعقيد ومحسوم لصالح صانع القرار العالمي؟..

مصر كانت حاضرة في كل مشاهد المنطقة، في ليبيا والسودان والصومال والقرن الافريقي، فهل تحضر في سوريا أيضاً؟.. المؤكد أن هناك خرائط دم جديدة للشرق الأوسط يرسمها التحالف الصهيوامريكي في إنذار خطير لنظرية ضبط النفس والصبر الإستراتيجي والتحصن داخل الحدود.. دعونا نترقب ونرى.

اترك تعليقك ...
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى