الاقتصاد الرقمي جزءٍ من رؤية عُمان 2040ومحرك للتنمية المستدامة
كتب – محمد فتحي
يُعَدُّ الاقتصاد الرَّقمي اليوم ركيزة أساسيَّة للنُّموِّ والتَّنمية المستدامة في مختلف دوَل العالَم، وأضحَى تطويره جزءًا من جهود التَّنمية في كافَّة بقاع المعمورة، خصوصًا وأنَّه يعتمد على استخدام التقنيَّات الرَّقميَّة في جميع الأنشطة الاقتصاديَّة، بدءًا من التِّجارة الإلكترونيَّة والخدمات الماليَّة الرَّقميَّة، وصولًا إلى التَّطبيقات المتقدِّمة في الذَّكاء الاصطناعي والاتِّصالات وغير ذلك من أنشطة، ويرَى الخبراء أنَّ هذا التَّحوُّل يُسهم في تحسينِ الكفاءة، وتقليلِ التَّكاليف، وتوسيع الأسواق، ما يفتحُ المجال أمام فرص اقتصاديَّة غير مسبوقة، فوفقًا لتقاريرَ دوليَّةٍ، يُتوقع أنْ يرتفعَ معدَّل مساهمة الاقتصاد الرَّقمي في النَّاتج المحلِّي الإجمالي العالَمي من (15%) في عام 2023 إلى نِسَبٍ أعلى في السَّنوات المقبلة، ممَّا يؤكِّد أهميَّة الاستثمار في هذا القِطاع الواعد لتحقيقِ التَّقدُّم والازدهار.
ومن هذا المنطلَق، تُولِي سلطنة عُمان أهميَّة كبيرة لتطويرِ اقتصادِها الرَّقمي كجزءٍ من رؤية «عُمان 2040»، وجهودها نَحْوَ تحقيق التَّنويع الاقتصادي المنشود؛ وذلك من خلال مبادرات استراتيجيَّة ومشاريع مبتكرة على كافَّة المجالات والأصعدة، وعلى رأس تلك المشاريع المشروع الرَّائد الَّذي أطلقَتْه وزارة النَّقل والاتِّصالات وتقنيَّة المعلومات بالتَّعاون مع المركز الوطني للإحصاء والمعلومات لقياسِ مساهمة الاقتصاد الرَّقمي في النَّاتج المحلِّي الإجمالي، ويهدف هذا المشروع، الَّذي يُجرى لأوَّل مرَّة في سلطنة عُمان، إلى توفير بيانات دقيقة عن القِيمة المُضافة لأنشطة تقنيَّة المعلومات والخدمات الرَّقميَّة، خصوصًا وأنَّ هذا المسح سيشمل حوالي (1300) منشأة من مختلف الأحجام والقِطاعات، وسيعبِّر بالتَّأكيد عن حجمِ التِّجارة الرَّقميَّة، ليكُونَ بذلك نواة لاستراتيجيَّة دائمة، ما يعكسُ التزام السَّلطنة بتحقيق أهدافها الاقتصاديَّة والتَّنمويَّة.
وإلى جانب جهود الحكومة الَّتي تُبذل لتطويرِ الاقتصاد الرَّقمي في البلاد، يؤدِّي القِطاع الخاصُّ دَوْرًا محوريًّا في تعزيز التَّحوُّل الرَّقمي في سلطنة عُمان، حيث تعمل لجنة الاقتصاد الرَّقمي والذَّكاء الاصطناعي بغرفةِ تجارة وصناعة عُمان على مبادرات تهدف إلى تمكين الأنشطة الرَّقميَّة وتحديث القِطاعات الاقتصاديَّة، كما تدعم اللَّجنة مشاريع مِثل صندوق (عُمان المستقبل) لتحفيزِ الاستثمار الجريء ومنصَّة (شعاع) الَّتي توفِّر الوصول إلى النّتاج البحثي الوطني، وهي خطوةٌ تؤكِّد أنَّ القِطاعَ الخاصَّ باتَ جزءًا من المعادلة الاقتصاديَّة في البلاد، وفق رؤية «عُمان 2040» الَّتي تُولِي عناية خاصَّة بشراكة القِطاع الخاصِّ، وعلى الصَّعيد الدّولي، تشارك السَّلطنة في فعاليَّات عالَميَّة مِثل المَعرِض العالَمي للجوال بشنغهاي، ممَّا يُعزِّز التَّعاون الدّولي، ويجذب الاستثمارات الأجنبيَّة، ويدعم تطوير الاقتصاد الرَّقمي محلِّيًّا وإقليميًّا.
إنَّ تلك الجهود الحكوميَّة والخاصَّة تُدرك ما يُسهم به الاقتصاد الرَّقمي في تعزيزِ الاقتصاد الوطني بطُرقِ مُتعدِّدة، حيث يُتيح تحسين الإنتاجيَّة ورفع الكفاءة التَّشغيليَّة، ممَّا يُعزِّز النُّمو الاقتصادي، ويخلُق فرص عمل جديدة للشَّباب العُماني، خصوصًا في مجالات التكنولوجيا والابتكار، ويُسهم في جذب الاستثمارات الأجنبيَّة إلى القِطاعات الرَّقميَّة، ما يرفع من مستوى التَّنافسيَّة الاقتصاديَّة للسَّلطنة. أخيرًا، يدعم الاقتصاد الرَّقمي البحث العلمي من خلال توفير بيانات دقيقة، تساعد الباحثين في تقديم حلولٍ مبتكرة للتَّحدِّيات الاقتصاديَّة. وبفضلِ هذه الفوائد، يُمكِن القول إنَّ الاقتصاد الرَّقمي يُمثِّل فرصة استراتيجيَّة لعُمان لتحقيقِ التَّنمية المستدامة وتنويع مصادر دخلها الوطني.