الذكرى الثامنة لانتقال “حمزة القادري”.. و”توارث السر” البودشيشي
كتب – مصطفى ياسين
تحولت الذكرى الثامنة لانتقال سيدي حمزة القادري بودشيش، أحد أعلام التصوف في العالم الإسلامي، مؤسس الطريقة القادرية البودشيشية بالمملكة المغربية، والتي أحيتها الطريقة القادرية البودشيشية بمنطقة مداغ (إقليم بركان، الجهة الشرقية)، إلى فرصة لتجديد الالتزام بالقيم الروحية والإنسانية التي تمثل جوهر التصوف السني المعتدل، مع التأكيد على استمرارية الرسالة الروحية للطريقة التي تهدف إلى تزكية النفوس ونشر قيم المحبة والسلام.
وفي كلمته خلال الذكرى الثامنة لوفاة والده، أكد سيدي مولاي د. جمال القادري بودشيش، أن هذا النهج مستمر ومتجدد، مشددًا على أهمية الحفاظ على هذا التراث الروحي ونقله للأجيال القادمة. قائلاً: نحن اليوم نرسخ هذه الرسالة، رسالة في الإحسان إلى الناس وتقريبهم إلى الله بأسلوب يملأ القلوب طمأنينة.
وأعلن “القادري” عن انتقال هذه “الأمانة الروحية” لنجله مولاي د. منير القادري بودشيش، من بعده، حيث قال في كلمته: “اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك ورسلك وأنبياءك وأولياءك أني قد أوصيت بهذا السر لإبني البار مولاي منير من بعدي، فسيبقى بإذن الله وقوته هذا السر الرباني ذو السند الصحيح والمتين في هذه الدار الى أن يرث الله الأرض ومن عليها”.
وتم التأكيد على هذه الوصية، كجزء من الإرث الروحي للطريقة الذي يعكس استمرارية رسالتها التربوية التي تهدف إلى تزكية النفوس وإعلاء شأن الأخلاق الفاضلة ونشر قيم التعايش والمحبة والسلام.
وأكد سيدي جمال الدين القادري، أهمية الالتزام بالقرآن الكريم والسنة النبوية كأساس للتربية الروحية، مشيرًا إلى أن الطريق إلى الله يتطلب الإخلاص في النية والعمل، والتزكية المستمرة للنفس.
أضاف: “إن السر إلى الله منهج حياة يتطلب التزاما وصدقا وبذلك أوصيكم كما أوصي نفسي التمسك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم“.
وأوصى سيدي جمال الدين بقوله: أوصيكم بالتمسك بأهداب العرش العلوي المجيد لأنه ميثاق ديني وروحي وضمان لعزة وكرامة هذا الوطن، فتعلقنا بالعرش والجالس عليه من أوجب الواجبات وآكدها.
الأصالة والتجديد
الجدير بالذكر أن الطريقة القادرية البودشيشية تتميز بقدرتها على الجمع بين الأصالة والتجديد. الأصالة في منهجها المستمد من الكتاب والسنة والتجديد في تفاعلها مع متغيرات العصر. مما يجعلها نموذجًا حيًا للتصوف السني المعتدل الذي يركز على التوازن بين الروحانية العميقة والالتزام بالشريعة.
إلى جانب دورها الروحي، حيث تلعب الطريقة القادرية البودشيشية دورًا محوريًا في الدبلوماسية الروحية التي يقودها صاحب الجلالة الملك محمد السادس. فهي تعمل من خلال ملتقياتها الروحية وندواتها الفكرية، مثل الملتقى العالمي للتصوف، على نشر قيم الحوار بين الأديان والثقافات، وتعزيز صورة الإسلام كدين للتسامح والسلام.
وتنتشر الطريقة القادرية البودشيشية في مختلف أنحاء العالم، حيث تضم مريدين من جنسيات وثقافات متعددة. هذه العالمية جعلتها تلعب دورًا مهمًا في تعزيز التواصل بين الشعوب والثقافات، مما يسهم في نشر قيم التعايش والسلام.
كما أن الطريقة تحظى بدعم ورعاية خاصة من جلالة الملك محمد السادس، أمير المؤمنين، الذي أكد في مناسبات عديدة على أهمية التصوف كركيزة للهوية الدينية والثقافية للمغرب.