900
900
900
مقالات

صفوت عمران يكتب: فتنة ترامب والشرق الأوسط – 3

900
900
900

«قوة الجيش» كانت كلمة السر في صلابة «موقف مصر»، ضد خطة تهجير الفلسطينيين إلى سيناء وعدد من الدول سواء في الشرق الأوسط أو خارجه، وكشف الكاتب الأمريكي ديفيد إغناتيوس في مقال بصحيفة واشنطن بوست، عن رسالة من مصدر مقرب من المخابرات المصرية، تفيد بأنه إذا حدث نزوح قسري للفلسطينيين إلى سيناء، فإن مصر ستتحرك عسكرياً، مشيراً إلى أن القاهرة بدأت بالفعل منذ مايو الماضي تعزيز وجودها العسكري في سيناء، مؤكداً أن مسئولي وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في الخارج، لم يتلقوا أي تحذير مسبق بشأن هذه الخطة مما يعكس حالة من الارتباك داخل الإدارة الأمريكية نفسها، ووصف خطة الرئيس دونالد ترامب تجاه غزة، أنها تشبه تصرفات «مطور عقارات في متجر صيني».

إغناتيوس قال: «خطة ترامب تمثل تحريضاً مباشراً في منطقة لا تزال تتعافى من آثار الحروب المتعاقبة»، مؤكداً أن الرد على خطة ترامب كان صاخباً، وشهدت مصر والأردن والسعودية وعدد من العواصم العربية رفضاً واضحاً، فيما ذكرت وكالة أسوشيتد برس في تقرير لها أن مصر أبلغت ادارة ترامب والكيان رسمياً انها تعتبر مقترح تهجير الفلسطينيين من غزة إلى أي مكان آخر تهديداً لأمنها القومي، وإن هذه الرؤية ستقوض استقرار الشرق الأوسط بالكامل، وستنهي اتفاقية السلام بين مصر والكيان…

وأكد مراقبون أن مناقشات واسعة تجري داخل المؤسسات الصهيونية في تل أبيب تحت عنوان: «ترامب يبيع لنا السلاح والأمريكي لن يحارب بديلاً عن جنودنا، لذا علينا أن نختار مع من نشتبك ونحارب .. هل الجيش المصري أم الإيراني أم التركي؟!…».

عزيزي القارئ.. بعد غزة ولبنان وسوريا بات الجميع يدركون أن المواجهة خير وسيلة لوقف أطماع إسرائيل في الشرق الأوسط.. وأن وقت الدبلوماسية الناعمة انتهى، والقادم دبلوماسية خشنة قد يتبعها حرب شاملة .. التحالف الصهيوامريكي لا يعرف إلا صوت البارود ولا مكان للعقل في مواجهة هؤلاء القتلة..

وكشفت تقارير أن كل التكنولوجيا العسكرية الأمريكية الحديثة أصبحت تحت تصرف إسرائيل منذ 7 أكتوبر 2023، إلا أنه بعد ما تعرضت له القوات الأمريكية في غزة والتي كانت تقاتل بشكل غير معلن إلى جانب جيش الإحتلال فإن واشنطن لا تريد أن يكون لها قوات في المواجهة القادمة في غزة أو الشرق الأوسط مهما صرح قياداتها بغير ذلك.. حيث أن القادم حرب مدمرة.

نعم عزيزي القارئ.. القادم خارج النص، خاصة بعد إنتقال اللعبة من مرحلة الحروب بالعمليات النوعية الاستخباراتية والحروب بالوكالة لمرحلة المواجهات العسكرية المباشرة.. بوضوح قوة الجيش المصري هي ما تمنع تنفيذ عملية التهجير، والجيش المصري يمتلك قدرات كبيرة خاصة البحرية المصرية – سيدة البحرين – والتي يكون لها دور في التصدي لخطة إسرائيل البديلة وهي طرد الفلسطينيين إلى البحر، وذلك بالاغراء المادي لمن يريد الهجرة من ميناء أشدود إلي قبرص أو صومال لاند أو أي جهة مجهولة، وهو ما يؤكد عشوائية مخطط التهجير، لذا وقع ترامب منذ أيام على تسليم تل أبيب صواريخ غابرييل 5، في محاولة لتجاوز البحرية المصرية في حالة إندلاع أي مواجهة بحرية مباشرة، ويقول خبراء: «ليس سراً عسكرياً خافياً وجود تعاون بين البحرية المصرية والتركية في البحر المتوسط وهذا يزيد قلق إسرائيل»…

ومنذ نوفمبر 2024 زاد القلق داخل إسرائيل بعد حصول مصر على صواريخ ميتيور بعيدة المدى، وكشف موقع «nziv» الإخباري الإسرائيلي أن صاروخ «ميتيور» جزء من تسليح المقاتلات الجوية الحربية، ويعد من أكثر صواريخ جو-جو تطوراً، وتتجاوز سرعته 4 أضعاف سرعة الصوت، وهو قادر على إصابة الأهداف بدقة كبيرة، ويتم تصنيعه في أمريكا وفرنسا وألمانيا وإنجلترا وإسبانيا، وهو جزء من خطة مصرية لحصار إسرائيل في أي مواجهة عسكرية بحرية أو جوية مقبلة.

كما تصاعدت خلال الأيام الماضية مخاوف تل أبيب بعد نشر تقارير عسكرية إسرائيلية عن حصول مصر على 40 طائرة صينية J10CE التي تنتمي للجيل الرابع وقد وصلت الدفعة الأولى من الطائرات، الكيان منزعج من وصول هذه الطائرات للجيش المصري وما يمكن أن تحمله من صواريخ رادارية بعيدة المدي، خاصة صاروخ BL15 الشبحي والذي يمكنه القصف علي مسافة 400 كم خلف مدي الرؤية، ووفق خبراء كان تسليم الصواريخ الشبحية بعيدة المدى «جو/جو» للقاهرة خط أحمر إسرائيلي لكن بعد القرار المصري السياسي السيادي منذ 2013 بتنويع مصادر السلاح أصبح كل شيء ممكن.. بذلك أصبح التميز الجوي لإسرائيل علي المحك، ويمكن لسلاح الجو المصري بعد امتلاكه لصواريخ بعيدة المدي إصابة طائرة إسرائيلية في أي اعماق جوية محتملة من داخل الدلتا أو القاهرة وقبل دخولها الأجواء المصرية، بل يمكن لليد الطولي المصرية الوصول لمفاعلات إسرائيل النووية المعلنة كمفاعل ديمونة أو السرية في صحاري النقب…

عزيزي القارئ .. تنويع مصادر السلاح المصري أنهى إمكانية ضرب المطارات المصرية .. مصر اليوم غير مصر 1967 حيث يمكنها الهجوم من أقصى بعد خارج سيناء، والدفاع من أقصى عمق داخل القطر المصري.. والسيادة الجوية الإسرائيلية على كل المجال الجوي للمنطقة أصبحت أسطورة من الماضي، لذا تحركت كل الأقلام العسكرية والمخابراتية الإسرائيلية في الاعلام العبري للهجوم على القاهرة، خصوصاً بعد الحديث المتواتر عن قدرة مصر علي القنص بعيد المدي وخارج مدي الرؤية.. مصر لم تعد مجبرة على الإنتظار داخل سيناء مثل ما كان بالأمس.. بل يمكنها الاشتباك خارج سيناء بسيادة جوية بعيدة المدي أو بقوات خاصة عابرة للحدود كـ«قوات بلاك كوبرا» التي ظهرت في العرض المصري الأخير علي الحدود مع الأرض المحتلة.

والسؤال الذي يطرحه الإعلام العبري مؤخراً، هل وصلت القدرات الجوية المصرية إلي القدرة علي قنص طائرة F35؟!، وماذا بعد إضافة صواريخ BL15 للقدرات الجوية المصرية؟، مع وجود طائرات الرافال الفرنسية والميج 29 الروسية بالإضافة لـ F16 الأمريكية.. هنا يصبح ملف التفوق في السيادة او التوازن الجوي مضموناً بالنسبة لجيش مصر في إدارة أي عملية جوية، وهو تغير نوعي غير مسبوق، فقد كانت إسرائيل تعتمد في أي مواجهة مع مصر على التميز الجوي وقدرتها على تحييد سلاح الجو المصري لكن العكس هو ما يمكن أن يحدث الآن، وفي حالة نشوب أي مواجهة مقبلة بين البلدين، وأغلب التقارير تقول إن جيش الاحتلال الإسرائيلي غير جاهز لهذه المواجهة، خاصة أن القاهرة نجحت في تمصير معظم النسخ والتقنيات داخل الاسحلة .. وهذا ملف سري بإمتياز ، لأن ما خفي كان أعظم.

في سياق متصل نشرت وسائل الإعلام العبرية تقرير خطير للمخابرات الإسرائيلية تحت عنوان «يقظة الفرعون» يتحدث عن قدرة مصر على حصار إسرائيل من البحر لمنع وصول الدعم اللوجيستي والعسكري الأمريكي، إذا نشب صدام بين القاهرة وتل أبيب، ولأول مرة في التاريخ أن تكون لمصر تلك القدرة علي عزل إسرائيل، ويتذكر الجميع قرار الرئيس الأسبق أنور السادات بقبول وقف إطلاق النار في حرب اكتوبر 1973 رغم الانتصار الكاسح في الأيام الأولى للحرب، وقال السادات مبرراً موقفه السياسي أنه أصبح يحارب أمريكا وليس إسرائيل بعد جسر الدعم الأمريكي، ولولا هذا الجسر لتغير التاريخ ضد الكيان الصهيوني، ويقول خبراء عسكريون أنه منذ هذا الوقت والعقل الإستراتيجي المصري يفكر ويخطط لتلك النقطة الحاسمة .. «وقف الجسر الأمريكي لدعم إسرائيل في حالة نشوب أي مواجهة نتيجة عدوان على مصر، خاصة من قواعد قبرص واليونان والاسطول الأمريكي السادس في إيطاليا».

ويؤكد التقرير أن سلاح الجو الإسرائيلي كان هو القادر على حسم أي مواجهة مع مصر أو إيران أو تركيا، إلا أنه يوماً بعد يوم يفقد قوته أمام مصر، خاصة بعد وصول الطائرات الصينية الشبحية والصواريخ بعيدة المدى، محذراً من خطورة الإنسحاب من محور فيلادلفيا أو رفح الفلسطينية، ويقول التقرير الإسرائيلي: «أخطر ما يحدث هو أن تأخذ مصر دور إيران في غزة، وهذا لا يمكن قبوله إسرائيلياً، بسبب العمق الجيوسياسي والهوية الدينية لمصر»، ونصح بالإستعداد لرفع التكلفة أمام يقظة الفرعون المصري خاصة لو تعاون الجيشان المصري والتركي في عزل إسرائيل بحراً وجواً.

يكشف المراقبون أن تقرير الموساد عن مصر جاء تحت عنوان «يقظة الفرعون» لعدة اعتبارات منها: الجيش المصري لن يقبل بالتفريط في شبر واحد من سيناء وأن جميع الرسائل من مصر تؤكد سيناء كالقاهرة، وأن مصر لن تقبل بأي تهديد لقناة السويس بسبب طريق ترامب الجديد أو الطريق «الهندي/ الإسرائيلي» والذي يمر من « الهند/ الإمارات/ السعودية/ الأردن/ إسرائيل/ إيطاليا/ باقي أوروبا وأمريكا»، ويبقى السؤال هل ترفض السعودية والإمارات المشاركة في هذا المشروع الذي يضر مصر، بالإضافة إلى قناة «بن جوريون» التي تعتبر من أسباب حرب غزة حيث يريدها التحالف الأمريكي الإسرائيلي بديلاً عن قناة السويس..

يوصي التقرير الصهيوني بإستخدام سلاح الجو الإسرائيلي ضد أهداف في إيران وضد الأهداف المصرية المتقدمة في سيناء، إلا أن القاهرة مستعدة تماماً لهذا السيناريو وتملك خطة تحييد السيادة الجوية الإسرائيلية، وفي حالة حدوث أي عدوان بري إسرائيلي فإن الحسم مؤكد لصالح سلاح المدرعات المصري حيث أن سلاح المدرعات الإسرائيلي في حالة إستنزاف تام، لذا يرى رئيس الأركان الإسرائيلي إيال زامير، أن إعادة هيكلة المدرعات ضرورية قبل أي مواجهة مع مصر والدول العربية.

ويرى مراقبون أن العقل الإستراتيجي المصري فكر وخطط طويلاً، ونفذ بشجاعة قرار تنويع مصادر السلاح استعداداً لمواجهة مخطط الشرق الأوسط الجديد، بداية من حاملات الطائرات ميسترال والغواصات والدرونات البحرية المصرية، والطائرات متعددة المهام، وأن الموقف المصري غير مسبوق في مواجهة الضغط الأمريكي، جعل القاهرة الملجأ العسكري والقانوني والجيوسياسي لإنقاذ فلسطين، ووفق خبراء سياسيون فإن القادم مرتبط بمصر سواء الحرب أو السلام، لذا التمويل العربي لمصر أصبح شرط وجود للأمة العربية.

في سياق متصل، قال مسئولون إسرائيليون إن مصر أطلقت حملة دبلوماسية خلف الكواليس لمحاولة منع خطة ترامب، فيما قالت وزارة الخارجية الصينية: «قطاع غزة ملك للفلسطينيين وجزء من أراضيهم وليس ورقة مساومة في الصفقات السياسية .. ندعم بقوة الحقوق الوطنية المشروعة للشعب الفلسطيني ونرفض التهجير القسري لسكان قطاع غزة.. حكم الفلسطينيين لأرضهم مبدأ مهم يجب الالتزام به في إدارة غزة بعد الحرب».. علاوة على تصريحات متكررة من عواصم غربية أبرزها لندن وبرلين وباريس ضد التهجير، وبات الإتحاد الأوروبي يدرك أن قبول تهجير الفلسطينيين من أرضهم سوف يؤدي إلى قبول استيلاء أمريكا على جرينلاند رغم أنها تابعة للدانمارك أحد دول الإتحاد.

تقارب الإتحاد الأوروبي مع مصر كجزء من توافق أورومتوسطي جاء رداً على تقارب ترامب مع بوتين في أوكرانيا، وخلال الأيام الماضية تبلور تحالف عربي بقيادة مصر إلى جانب السعودية والإمارات وقطر والأردن وقد يضم دول عربية أخرى إضافة إلى وجود توافق مع تركيا، وقد يكون لقمة 20 فبراير الجاري في الرياض، دور مهم في التصدي لفتنة ترامب في الشرق الأوسط بشرط أن تصمد كل من الرياض وابوظبي إلى جنب القاهرة، فالتحالف العربي يجب ألا يتم اقصاءه من المشهد خاصة ملف القضية الفلسطينية كما تم إقصاء الاتحاد الأوروبي من المشهد الأوكراني.. وسط تسريبات إعلامية بأن المملكة قد تشهد قمة رباعية بين العاهل السعودي ورؤساء امريكا وروسيا والصين، في تطور لافت للمشهد العالمي…

ويرى مراقبون أن التحركات المصرية عربياً وإسلامياً، إقليماً ودولياً، بهدف حصار إسرائيل جيوسياسياً لعدم تنفيذ مخطط التهجير علي الأرض، لا عبر ميناء اشدود.. ولا عبر سوريا .. ولا عبر سيناء، ووفق خبراء يحسب للمدرسة الدبلوماسية المصرية وشقيقتها السعودية أنهما توقعا خبث ترامب واستفزازه لضيوفه الرؤساء بالمؤتمرات الصحفية مما يضعهم في حرج كبير أمام الرأي العام وأمام شعوبهم.. هذا سر الإحراج والضعف الذي وقع فيه ملك الأردن الذي كان قد رفض عقد مؤتمر صحفي بعد الإجتماع المغلق.. فأحرجه ترامب بمؤتمر صحفي أثناء لقاء الترحيب القصير الذي يسبق المباحثات وذلك أمر غير معتاد في بروتوكولات البيت الأبيض أو البروتوكولات الدولية.. هذا ما قاله وكتبه بعض الصحفيين الذين يغطون البيت الأبيض.. ولذلك «كانت الأسئلة مفاجئة لعاهل الأردن وكانت تصريحات ترامب حول تمسكه بالتهجير ومنح أراض بديلة في مصر والأردن، محرجة جداً للملك، فلم يستطع الهروب من أسئلة الصحفيين إلا بإلقاء الكرة في ملعب مصر، فظهر كأنه تلميذ يهرب من عصا الناظر بإلقاء المسؤولية على الألفة، وهو هنا القاهرة»..

وفي لقائه مع قناة الجزيرة كشف أيمن الصفدي وزير الخارجية الأردني أن اللقاء مع الصحفيين سبق مباحثات الغرف المغلقة.. وهذا معناه أن ترامب جاء بضيفه مباشرة من الدار للنار.. بالتوازي المصريين تجري في جيناتهم «الفرعنة» .. توقعوا مقالب ترامب وإدارته.. وزير الخارجية المصري بدر عبدالعاطي رفض عقد مؤتمر صحفي أو تلقي أسئلة من الصحفيين بعد لقائه مع نظيره الأمريكي، وتشير تقارير إلى أن القاهرة والرياض اتفقا على تأجيل زيارة السيسي إلى واشنطن لتفويت الفرصة على ترامب.. وربما تشهد الأيام القادمة أكثر من قمة عربية ودولية لمنع محاولات ترامب تهجير الفلسطينيين وكشف مناورته وأهدافه غير المعلنة من تلك القنبلة المدوية التي أطلقها في فضاء السياسة العالمية طمعاً في غاز غزة ورمالها السوداء وتحويل القطاع لمنتجع سياحي عالمي.. فيما ذهب آخرون إلى أن الهدف من فتنة ترامب هو إجبار حماس على تفكيك قواتها، وهو أمر لن يحدث، لاعتبارات عديدة.

يقول خبراء عسكريون أن حروب الغاز هي من تدير المشهد استراتيجياً، وأن لاعبي العالم يتصارعون حول غاز المتوسط ولن يُسمح لواشنطن أن تنهب ثروات المنطقة مجاناً، يأتي ذلك وسط توقعات أن يكون منع تهجير الفلسطينيين عبر ميناء اشدود الإسرائيلي أحد أهم تكتيكات إستراتيجية الحرب البحرية المرتقبة، وأصبح التحالف بين البحرية المصرية والتركية ورقة هامة في إدارة الصراع .. إسرائيل ستحارب وحدها وعليها أن تختار بين مواجهة مصر أو إيران، وبالمناسبة طهران ليست بعيدة عن التحالف المتوسطي الجديد، العرب «مصر والسعودية والإمارات» بالتوافق مع «النظام الإقليمي» في تركيا وإيران، وعبر تفاهم متوسطي مع فرنسا وألمانيا، الجميع خلف القوات المسلحة المصرية من أجل رفض مخطط التهجير ومنع إقامة إسرائيل الكبرى حتى لو أدى الأمر إلى المواجهة العسكرية.. إلا أن هناك من يحذر أن تترك مصر وحدها في النهاية تواجه مخطط التهجير!!

الرياض اتخذت خطوات مهمة الأيام الماضية لمساندة القاهرة في مواجهة إسرائيل، المملكة لا تعترف بشرعية دولة الاحتلال، لذا الرد على تصريحات نتنياهو بإقامة دولة فلسطينية بالمملكة العربية السعودية جاء من مصر، واعتبرت القاهرة تصريحات نتنياهو بأنها تحريض علي المساس بسيادة السعودية، وخرق واضح للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة، مؤكدة أن أمن السعودية خط أحمر لا تهاون فيه، بجانب الحرص علي حقوق الشعب الفلسطيني في إقامة دولة على حدود 1967، وهذا يعني أن الجيش المصري في حالة المساس بأمن السعودية لن يقاتل بجانب المملكة، بل جيش مصر سيقاتل عن المملكة التي باتت تدرك أن قوة مصر من قوتها.

التحالف المصري السعودي ظهر قوياً، خاصة بعد تصريح إسرائيل عن اطماعها في الشمال السعودي، فقد تم تجاوز كل الخلافات – بما فيها أزمة جزيرتي تيران وصنافير – لصناعة تطويق عربي واقليمي لمشروع نتنياهو إسرائيل الكبري، وتؤكد أغلب التقارير السياسية أن الاصطفاف المصري السعودي تحالف حرب سوف يكون أحد أسباب إفساد خطة ترامب لتهجير الفلسطينيين، وتأكد للجميع بأنه لا يوجد تعارض او صراع قيادة بين القاهرة والرياض؛ بل توزيع أدوار و توحد مواقف، وأن العرب أفسدوا خطة إسرائيل في إشعال صراع طائفي سني شيعي في الشرق الأوسط، ويرى مراقبون في حالة فشل وقف إطلاق النار وعودة الحرب ستبقي حماس كتيبة هجوم متقدم، وهذا يتضح إقليمياً في زيارة وفد حماس لإيران ولقاء المرشد الأعلى، وأيضاً زيارة رئيس المخابرات التركية للقاء رئيس المجلس الأعلي للأمن القومي الإيراني، لذا كل ما ربحته إسرائيل بعد الحرب يمكن أن ينكسر بالمحور العسكري السياسي «المصري السعودي»، بالتوازي مع المحور «التركي الإيراني» والذي أعلن توافقه علي كل القضايا بعد سنوات من الخلافات الثنائية، ويقول مراقبون أن التوافق الرباعي المصري السعودي التركي الإيراني على دعم النظام السوري الجديد وحركة حماس، يرعب إسرائيل، حيث يعيد طرق نقل السلاح إلى سوريا وغزة مرة أخرى، بحيث يكون السلاح التركي بديلاً للسلاح الروسي في سوريا، والحفاظ على حماس في وضعية الحرب…

وأرجع مراقبون تعنت تل أبيب، إلى أن قادة الكيان يرون أن «الدولة الإسرائيلية الواحدة» مبدأ توراتي صهيوني لا يمكن التخلي عنه، لذا تفشل كل المساعي الدبلوماسية في حل الصراع العربي الإسرائيلي منذ عشرات السنين، وكشفت تقارير إعلامية غربية بعد زيارة الملك عبدالله بن الحسين إلى واشنطن، أن خطة التهجير البديلة قد تكون خليج العقبة، حتي حدود منطقة جزيرتي تيران وصنافير، تعويض أهل غزة بجزء من البحر الاحمر بدلاً من ساحل البحر المتوسط، وفي ذات الوقت «لا شراء لغزة أو ملكية أمريكية» لأن هذا عليه اعتراض إسرائيلي.. وكل ذلك رُفض عربياً، وأن صفقة القرن أصبحت من الماضي، وأن الحل للقضية يكون بحل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.

مصر لم تهتم بتهديد ترامب بالعقوبات الاقتصادية بسبب علاقاتها مع الإتحاد الأوروبي، بل أوضح السيسي في اتصال هاتفي مع رئيسة الدنمارك بأن غزة تساوي جرينلاند في الحكم الذاتي وفي النضال ضد ترامب، وتقول تقارير إعلامية أن الصين عرضت على مصر نفس مبالغ المساعدات الأمريكية، ومصر تنتظر رسميا الرد الأمريكي بشأن المساعدات حتي تختار البديل، وهو الأمر الذي بدأ يقلق عدد من دوائر صنع القرار في أمريكا التي لا تريد فقد مصر كحليف استراتيجي في الشرق الأوسط.

يدور في الكواليس أن ترامب هدد الملك الأردني بـ«30 ألف جندي بالقاعدة الأمريكية في الأردن»، وهؤلاء هم مقدمة الجحيم الذي يهدد به ترامب حماس إذا تم استئناف العمليات العسكرية وفشل وقف إطلاق النار، الموقف الأردني ناور وقال ننتظر الموقف المصري ليبعد الملك نفسه عن الصراع، وحركات المقاومة والشعب الفلسطيني يعولون على صلابة موقف القاهرة، لذا مصر هي الوحيدة وجيش مصر هو الوحيد القادر علي وقف هذا المخطط، وتبقى القمة العربية القادمة بالقاهرة والقمة الخماسية في الرياض بين مصر والسعودية والإمارات وقطر والأردن، والقمة الإسلامية، هي قمم دعم مصر لتقود المنطقة في مواجهة التحالف الصهيوامريكي والتي سوف يخرج منها المقترح العربي البديل لمواجهة فتنة ترامب.. للحديث بقية دعونا نترقب ونرى.

900
900
900
زر الذهاب إلى الأعلى