الجزء ٢٦ ” هناك في شيكاجو”
بقلم / هناء عبيد
من قال ذلك؟! أنا فقط أمزح، وأنت تعلم ذلك. أنت دومًا مرشدي وبوصلتي، أدين لك بالكثير من نجاحاتي. هل تذكر كم من المرّات أثنيت على خرابيشي حتى خلتها يومًا تعادل قصائد المتنبّي والفرزدق؟! كم شجّعتني بتصفيقك حينما كنت أكتب الكلمات معكوسة خلف كل رسالة تخطّها بيديك! كنت حينها أظنّ أنّني قد وصلت إلى أعلى الشّهادات. لن أنسى حينما آن أوان اختياري للتخصّص في الجامعة، أوّل من وقف في صفّي هو أنت. طلبت منّي أن أختار ما رغبت فيه نفسي، رغم نصيحة الجميع لي بدخول كليّة الطبّ الّتي لم أعشقها يومًا. ابتسمت بسعادة. نظرت إلى عينيّ والدي اللّتين تقطران حبًّا وحنانًا.
تابعت حديثي ووالدي كلّه انتباه لي:
لا أظنّ أنّ هناك أبًا يحمل قلبًا بحجم قلبك الفائض بالحنان. كنت دومًا تتذكّرني حتّى في صغائر الأمور. الحلوى الّتي أعشق كنت تحرص دومًا على إحضارها لي. ما زلت أذكر قالب الشّوكولا المغلّف بالورقة الحمراء، والحمامة البيضاء الّتي تقبع في زاويته اليمنى، والّتي كنت تخصّني بها. كم انتظرتك عند غياب الشّمس، حتّى تأتي وتطرق الباب لتفاجئني بابتسامتك المشرقة وعينيك اللّامعتين؛ وحينما يحين موعد نومي كنت أطير سعادة حينما تحملني وتضعني في أرجوحتي الّتي صنعتها لي بيديك، ثمّ تهلّل مع والدتي بأغنيات الطّفولة الّتي عشقتها (هو ننّي لادبحلك جوز الحمام)