المسؤولية القانونية عن إستغلال الحقوق الأدبية والفكرية “قضية شركة المحمول.. وورثة صلاح جاهين”
بقلم / أمل أصلان
محاميه بالإستئناف العالى و مجلس الدولة
حماية الحقوق الفكرية والأدبية من أهم المبادئ التي ترسّخها القوانين الوطنية والدولية، حيث تُعدّ الحقوق الأدبية والفكرية جزءًا لا يتجزأ من حقوق المؤلف، والتي لا يجوز التعدي عليها أو استغلالها دون إذن من أصحابها أو ورثتهم.
في هذا الإطار، أصدرت محكمة القاهرة الاقتصادية حكمًا قضائيًا بإلزام إحدى شركات المحمول بدفع مليون جنيه كتعويض لصالح ورثة الشاعر الراحل صلاح جاهين، وذلك لاستخدامها ثلاثة أغانٍ من تأليفه في إعلان تجاري دون إذن من الورثة.
الإطار القانوني للحقوق الأدبية
وفقًا للقانون المصري لحماية حقوق الملكية الفكرية رقم 82 لسنة 2002، فإن الحقوق الأدبية للمؤلف هي حقوق أبدية، غير قابلة للتنازل أو السقوط بالتقادم، حيث يتمتع المؤلف وورثته بحقوق تشمل:
1. نسبة العمل إلى مؤلفه: لا يجوز نشر أو استغلال المصنف الأدبي أو الفني دون الإشارة إلى مؤلفه الأصلي.
2. منع التعديل أو التشويه: للورثة الحق في الاعتراض على أي تعديل أو تشويه يؤثر على قيمة العمل أو يشوّه فكرته الأصلية.
3. الحماية من الاستغلال التجاري غير المشروع: لا يجوز لأي جهة استخدام أعمال المؤلف لأغراض تجارية دون الحصول على إذن مسبق من الورثة أو أصحاب الحقوق.
دفوع الشركة المدعى عليها
في هذه القضية، حاولت شركة المحمول تقديم عدد من الدفوع القانونية، من بينها:
1. عدم قبول الدعوى لرفعها من غير ذي صفة.
2. انتهاء الحقوق المالية على الأغاني، حيث ادّعت الشركة أن الحقوق المادية عادت إلى شركة الإنتاج التي منحتها الترخيص.
إلا أن المحكمة رفضت هذه الدفوع وأكدت أن الحقوق الأدبية غير قابلة للانتقال أو التقادم، مما يرسّخ مبدأ حماية المصنفات الفكرية من أي استغلال غير قانوني.
حيثيات الحكم
استندت المحكمة في قرارها إلى المبادئ التالية:
1. ثبوت الحقوق الأدبية لصالح ورثة صلاح جاهين، حيث لم يتم الحصول على إذنهم المسبق لاستخدام الأغاني في الإعلان.
2. عدم سقوط الحقوق الأدبية بالتقادم، مما يتيح للورثة الحق في المطالبة بالتعويض عن أي انتهاك لهذه الحقوق.
3. إلزام الشركة بالتعويض بقيمة مليون جنيه لتعويض الضرر الناتج عن استغلال الأغاني دون تصريح.
الآثار القانونية للحكم
يُعزز هذا الحكم الحماية القانونية للحقوق الفكرية في مصر، ويؤكد ضرورة احترام حقوق المؤلفين وورثتهم، خاصةً في حالات الاستغلال التجاري. كما يُوجّه رسالة واضحة إلى الشركات والمؤسسات بأن استخدام المصنفات الأدبية والفنية يجب أن يتم وفق الضوابط القانونية، وإلا فإنها ستتعرض للمساءلة والتعويضات المالية.
واخيرًا :
تُعتبر هذه القضية نموذجًا مهمًا في مجال حماية الملكية الفكرية، حيث أكدت المحكمة أن الحقوق الأدبية للمؤلفين وورثتهم مصونة قانونًا، ولا يجوز التعدي عليها بأي شكل. ومن ثم، يجب على الشركات والمؤسسات الالتزام بالقوانين المنظمة لحقوق الملكية الفكرية، لضمان عدم التعرض لعقوبات قانونية أو تعويضات مالية قد تكون مكلفة.
