١٠ نقاط قوة للإقتصاد الخليجي في 2022
السياسات التنافسية والرقمنة والمهارات الجديدة والأسواق الحرة وسرعة معدل النمو أهم المميزات
كتب / إسماعيل خلف
قال أبوبكر الديب، الباحث في الشأن الإقتصادي والعلاقات الدولية: إن اقتصاد دول الخليج العربي دخل عام 2022 بعشر نقاط قوة جعلته أكثر تماسكا وقوة ومرونة، أهمها تميز الدول الست بموقع جغرافي استراتيجي بين الشرق والغرب جعلتها من أسرع مناطق العالم نموا، وأكثر المناطق النشطة اقتصاديا، ولديها سياسات تنافسية وأسواق حرة تخضع للعرض والطلب والأقل حمائية، كما يملك الاقتصاد الخليجي عوامل التكتل الإقتصادي ومقوماته، والرقمنة والمهارات الجديدة، فضلا عن الارادة السياسية للتطوير والرؤي المستقبلية المتميزة.
وأضاف الديب في دراسة حديثة، أن حجم ووتيرة التنمية الاقتصادية السريع دفعت دول مجلس التعاون الخليجي إلى الصدارة، فالإمارات تتصدر التصنيع وسلع السعودية تنفذ إلي أسواق العالم والكويت تعاود الإنتعاش ومناطق صناعية جديدة بالبحرين وفرص استثمارية بعمان.
وأكد أن دول الخليج الست بسطت ويسرت اجراءات الإقامة والتنقل والتوظيف، والتأمينات الإجتماعية والصحية والاستثمار والخدمات، وملكية العقارات والممتلكات، انتقال رؤوس الأموال، والمعاملة الضريبية.
وأوضح الديب، أن مجلس التعاون الخليجي يمثل أحد أكبر وأهم التجمعات الاقتصادية في العالم، بناتج محلي إجمالي 1.6 تريليون دولار خلال عام 2019، تمثل 4.1% من الاقتصاد العالمي وسادس أكبر مصدر سلعي في العالم بصادرات 609.5 مليار دولار، كما يحتل الاقتصاد الخليجي المرتبة الـ13 عالميا ورابع أكبر مصدر بعد الصين وأمريكا وألمانيا، أما واردات دول المجلس فتحتل الترتيب العاشر عالميا.
وأشار الي أن التجارة البينية بين دول الخليج بلغت في 2019 نحو 91.3 مليار دولار، أما الاحتياطيات الأجنبية، فتبلغ نحو 620.5 مليار بنهاية عام 2019، منها 81% للسعودية، و6.5% للكويت، و6.4% لقطر، وأنها أنتجت نحو 17.2 مليون برميل نفط في عام 2019 بمعدل يومي، تمثل 22.8% من الإنتاج العالمي، وتبلغ حصة المملكة العربية السعودية من الإجمالي الخليجي نحو 57%، بمتوسط إنتاج 9.81 مليون برميل يوميا وتبلغ حصة الرياض من الإنتاج العالمي للنفط البالغ 100.5 مليون برميل يوميا في 2019، 9.76%.
وأكد الديب أن يبلغ عدد سكان دول الخليج الست 57.4 مليون نسمة في نهاية عام 2019، يشكلون 0.7% من سكان العالم، فيما يبلغ عدد العاملين 29 مليون عامل، وجذبت استثمارات أجنبية مباشرة بقيمة 497.2 مليار دولار، تمثل 1.4% من إجمالي رصيد الاستثمار الأجنبي المباشر الوارد في العالم.
وقال إن السعودية تصدرت الناتج الاجمالي لدول الخليج بـ 793 مليار دولار، تليها الإمارات بـ 421 مليار دولار، ثم قطر 183 مليار دولار، فالكويت بـ 135 مليار دولار، ثم عمان بـ 77 مليار دولار، ثم البحرين بـ 39 مليار دولار.
وقال الديب أن نشاط التجارة البينية بن دول المجلس جاء بسبب عدم وجود تعرفة جمركية على المنتجات الوطنية المنشأ فضلا عن أن تكاليف النقل منخفضة كما تبنى مجلس التعاون الخليجي، التكامل الاقتصادي عنوانا مشتركا للنهضة خاصة في الاقتصاد والتنمية، والتركيز على المشاريع ذات البعد الاستراتيجي التكاملي وتحقيق السوق الخليجية المشتركة، ومشروع السكة الحديدية وزيادة التعاون المشترك، ومواجهة التحديات وبلورة سياسية خارجية موحدة، والتعاون في مجالات الأمن الغذائي والدوائي، وتوظيف الاقتصاد المعرفي والتحول الرقمي، والتكامل اللوجستي وتوفير متطلبات الثورة الصناعية الرابعة والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني، وتعزيز الاستثمارات الخليجية المشتركة، وتوطين رأس المال الخليجي في مشاريع التكامل على أسس تجارية واقتصادية وفق أفضل ممارسات الحوكمة.
وذكر الديب أنه خلال العام الماضي تبوأت دول المجلس الصدارة في العديد من المؤشرات والتقارير الإقليمية والعالمية فيما يتعلق بالتنمية الشاملة والمجالات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والاقتصاد المعرفي حسب أظهرت التقارير الدولية مثل تقرير التنافسية العالمي لعام 2020، وغيره، أداء قويا لدول المجلس في عدد من مؤشرات التنمية المستدامة كما تصدر المجلس الشرق الأوسط في عام 2020، ضمن أفضل الدول استثمارا في رأس المال البشري، وجاءت جميع دول المجلس بالمرتبة الأولى على المستويين العربي وشمال إفريقيا في مؤشر الأمن الغذائي العالمي 2020، وتصدرت جميع المراكز الستة الأولى عربيا في مؤشرات كفاءة الرفاهية الاجتماعية، وكفاءة الاقتصاد الرقمي، والمؤشرات التنظيمية للطاقة المستدامة، و كفاءة المعرفة والجاهزية للمستقبل.
وأشار الي أن دول مجلس التعاون، تاثرت سلبيا بتداعيات جائحة كورونا إلا أنها تعافت سريعا بفضل اعتماد سياسات نقدية ومالية مناسبة للحفاظ على منجزاتها الاقتصادية والاستقرار المالي والاقتصادي، مثل خفض أسعار الفائدة وضخ الأموال إلى القطاع المالي، وضمان ملاءة القطاع المصرفي.
وقال إن دول مجلس التعاون الخليجي تمتلك أكبر احتياطي من النفط في العالم، يقدر بنحو 500.2 مليار برميل في 2020، بالإضافة إلى ثاني أعلى احتياطي من الغاز الطبيعي بعد روسيا، يقدر بنحو 43.3 تريليون متر مكعب كما حققت فائضا في الميزان التجاري السلعي بلغت قيمته 42.9 مليار دولار عام 2020، واحتلت بذلك المرتبة الحادية عشرة على مستوى دول العالم من حيث حجم فائض الميزان التجاري.
وأوضح الديب أن مسألة التنويع الاقتصادي عادت لتصبح من جديد مسألة مهمة في أجندات الدول الخليجية بسبب التباطؤ الاقتصادي العالمي الذي سببه فيروس كورونا والذي أدي الى انخفاض أسعار خام برنت من 64 دولاراً للبرميل في بداية العام 2020 إلى 23 دولاراً في أبريل 2020 .
وقال أبوبكر الديب: إنه بعد أشهر من المعاناة استطاع قطاع الصناعة بدول الخليج العربي التغلب علي تداعيات فيروس كورونا، وعاد الي مستويات النمو والتوظيف من جديد مستفيدا من دعم الحكومات والقيمة المضافة والإمكانات البشرية والطبيعية فضلا عن توظيف مختلف التخصصات الهندسية والعلمية والإدارية.
وأوضح أن القطاع الصناعي تمكن بدول الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية وسلطنة عمان ومملكة البحرين ودولة الكويت، من تحقيق قفزة مهمة للأمام وتحقيق أرباح ضخمة، وأن هناك فرصة قوية لأن يصل حجم الاستثمار الخليجي في القطاع الصناعي إلى 1.5 تريليون دولار في 2025.. وأن يصبح الخليج العربي السوق الأولى للبتروكيماويات بعدما بات المنتج الأول لها، مع ضخ الاستثمارات في الصناعات الإقليمية والتقنيات العالمية ووسائل الإنتاج المتطورة وهو الأمر الذي يعكس النمو المتواصل للقطاع الصناعي وحجم الاستثمارات الحكومية والخاصة الموجهة اليه، حسث تسعى دول الخليج العربي إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في ناتجها الإجمالي إلى 25 % .
وأشار الي أن المتابع لحال الاقتصاديات الخليجية خلال 2020، نجدها تأثرت بوباء كورونا كما الاقتصاديات العالمية خاصة مع انخفاض أسعار النفط لمستويات قياسية فضلا عن خفض الإنتاج لتحقيق التوازن في الاسواق ما أثر بالطبع علي القطاع الصناعي.
وفي دولة الإمارات العربية المتحدة قال الباحث في العلاقات الدولية إن القطاع الصناعي يلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية من خلال معدلات النمو رغم الظروف العالمية التي فرضتها جائحة كورونا وتهدف الدولة الي رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 300 مليار درهم بما يعادل 82 مليار دولار، بحلول عام 2031 ، أي خلال الأعوام الـ 10 المقبلة، من خلال تطوير القطاع الصناعي وتعزيز القيمة الوطنية المضافة لقطاع الصناعة، فضلا عن الدعم الذي تقدمه الإمارات للقطاع الصناعي والذي يمثل حافزاً كبيرا للمستثمرين اضافة الي التكنولوجيا المتقدمة وصناعات التقنيات والذكاء الصناعي والصناعات الفضائية والطبية والطاقة النظيفة والمتجددة والآلات والمعدات والصناعات النفطية والثقيلة والدوائية، والأغذية والمشروبات.
وقال إنه تم تحويل الإمارات إلى مركز إقليمي وعالمي لصناعات المستقبل، وتعزيز الصادرات إلى الأسواق العالمية والشراكة بين القطاعين العام والخاص ودعم برامج التطوير والمحفزات التي تم إطلاقها سواء من قبل الحكومة الاتحادية أو الحكومات المحلية في دعم القطاعات الاقتصادية ومن ضمنها القطاع الصناعي مما عزز من قدرته التنافسية والتصديرية وليصبح شريكا قوي في مسيرة التنمية المستدامة ورفع الناتج المحلي الإجمالي للإمارات، كما أن توطين بعض الصناعات التحويلية سيدعم الناتج المحلي الإجمالي للامارات بفضل البيئة الاستثمارية فيها باعتبارها بيئة جيدة لاحتضان الاستثمارات الأجنبية، وهي بالفعل أصبحت قبلة لهذه الاستثمارات بالمنطقة العربية، فبيئة الأعمال الإماراتية تمتلك تنافسية عالية من حيث الشفافية، وسيادة القانون، وقدرة الاقتصاد على الإزدهار، في ظل حالة من الإستقرار ووجود أكثر من 21 منطقة صناعية حرة متكاملة في الدولة..
وأشار أبوبكر الديب الي تجاوز القطاع الصناعي السعودي، تداعيات فيروس كورونا، بفضل خطط المملكة ورؤية 2030 التي تتوسع في الصادرات إلى مختلف دول العالم فالأسواق التي تصل إليها المنتجات السعودية غير النفطية، تجاوزت 178 دولة حول العالم حيث تملك السعودية مقومات كثيرة من أهمها الصناعة والثروة التعدينية فضلا عن القطاع الزراعي وعلي القطاع الخاص أن يستعد للمرحلة القادمة جيدا باعتماد الحوكمة والتخطيط الذي يضمن استمرار الشركات في مرحلة التعافي.
وذكر أن بوادر التعاف ظهرت علي اقتصادات دول الخليج العربية من جائحة كورونا التي عصفت بالعالم أجمع، وهناك فرص لأن تقفز معدلات النمو بها الي 3.5 % العام المقبل ونمو اقتصاد السعودية عند 3 %، وسط أداء أفضل للاقتصاد السعودي في 2022 بنمو إجمالي الناتج المحلي الحقيقي للمملكة 4.8%، مع انخفاض الدين العام ليصبح 30% من إجمالي الناتج المحلي.
وقال الديب إن رؤية 2030 تهدف إلى تحويل السعودية إلى قوة صناعية رائدة ومنصة لوجستية عالمية عبر تعظيم القيمة المتحققة من قطاعي التعدين والطاقة والتركيز على محوري المحتوى المحلي والثورة الصناعية الرابعة، وخلق بيئة استثمارية جاذبة فيها.
ووأوضح الباحث الاقتصادي أن القطاع الصناعي في السعودية شهد تطورات إيجابية مستمرة خلال الفترة الماضية حيث بلغ حجم الاستثمار في الصناعات الغذائية 87 مليار ريال، ما يعادل 8% من إجمالي حجم الاستثمارات في القطاع الصناعي السعودي وتشكل مصانع المنتجات الغذائية 11 % من إجمالي عدد المصانع في السعودية وتسهم في توفير أكثر من 82 ألف وظيفة وارتفع عدد المصانع المنتجة بشكل عان في السعودية إلى 8155 مصنعاً خلال الربع الأول من عام 2021 بسبب المحفزات التي قدمتها المملكة للصناعيين ومنها منح أولوية الحصول على الأراضي الصناعية.
وذكر أن جائحة كورونا كشفت الحاجة الي تطوير قطاع الصناعة بالمملكة وبالخليج بشكل عام، بعد أن انقطعت أو ضعفت الواردات بسبب الجائحة، ما يؤكد على ضرورة الحاجة لاستمرار الصناعة والصناعيين.. وقد تمكن القطاع من استعادة جميع الوظائف التي فقدت خلال تداعيات جائحة كورونا بشكل كامل.
وأوضح الديب أن المملكة عملت على تطوير القطاع الصناعي منذ السبعينات من القرن الماضي وخاصة قطاعات الصناعة والزراعة والتشييد والبناء وغيرها وكان القطاع الزراعي من أهم القطاعات التي استفادت منها المملكة بشكل عام والأن أصبح هناك حاجة ماسة لنقل الاقتصاد إلى مرحلة جديدة طبقا لرؤية 2030، بقيادة ولي العهد التي تهدف لتنويع الاقتصاد للمملكة ومصادر الدخل ومن أهم هذه القطاعات التي تعول عليها الرؤية قطاعي الصناعة والتعدين.. فضلا عن توفير الأراضي الصناعية بأسعار رمزية، والعديد من حزم التمكين لقطاع الصناعة.
وقال إنه تتوفر في السعودية جميع المقومات اللازمة للصناعة من رأس المال، والطاقة، والأسواق، والمواد الأولية والدعم الرسمي لقطاع الصناعة، وتوفير الحوافز التي تشجع على النهوض بهذا القطاع، وسن القوانين التي تحمي السلع الوطنية وتوفير الحوافز المادية للقطاع الخاص الذي يعمل في مجال الصناعة من خلال توفير القروض بدون فوائد والتسديد على فترات طويلة وتوفير المدن الصناعية حيث تم إنشاء الكثير من المدن الصناعية، وتجهيزها بكافة المستلزمات اللازمة للصناعة من كهرباء، ومياه، وأبنية وتأجيرها لأصحاب المشاريع الصناعية بأجورٍ رمزية وتوفير كافة الخدمات للقطاع الصناعي من كهرباء، ومياه بأسعار رمزية وجميع السلع والصناعات معفاة من الضرائب، وهذا يؤدي إلى انخفاض سعرها وتوفير القروض الصناعية بدون أرباح للراغبين بالعمل بالقطاع الصناعي
وفي الكويت، أوضح الديب أن تقلص الناتج المحلي الإجمالي بالأسعار الجارية بنسبة 23% بنهاية أول 9 أشهر من 2020 بالتزامن مع انتشار فيروس كورونا وتوقفت النشاطات الاقتصادية بشكل شبه تام خلال النصف الأول من العام الماضي، قبل عودتها بشكل تدريجي خلال الربع الثالث من العام.. وانتعاشها حاليا .
وذكر أن البلاد تسير في خطوات جادة نحو الارتقاء بقطاع الصناعة عبر رؤية عصرية باعتبار القطاع استراتيجيا من خلال زيادة المساحات المخصصة للصناعيين وتطويرالبنية التحتية لتكون الكويت في مصاف الدول المتقدمة صناعيا.
وفي سلطنة عمان تمكن قطاع الصناعات التحويلية – حسب أبوبكر الديب – من تشغيل 1185مواطن خلال الفترة من الأول من يناير و حتى الثالث من يونيو 2020، رغم جائحة كورونا انتشار جائحة فيروس كورونا الذي خلق فرصاً لرفع الإنتاج في عدد من المنشآت الصناعية في السلطنة من خلال تصنيع المعدات والمستلزمات الطبية ودخلت عدد من الشركات قطاع تصنيع الكمامات والقفازات والمعقمات والمستلزمات الطبية الأخري.
وأضاف الباحث في العلاقات الدولية أن دولة البحرين نجحت على مدى السنوات الماضية في تنمية القطاع الصناعي بسبب سياساتها الاقتصادية المتميزة من خلال برنامج عمل القطاع الصناعي والذي يهدف إلى عدم الاعتماد على منتجات النفط والغاز الطبيعي فقط وانشاء مناطق صناعية جديدة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وارتفع عدد المنشآت الصناعية في البحرين 491% خلال 3 أعوام شملت صناعات المواد الغذائية والتبغ والغزل والنسيج والخشب والورق والكيماويات والبلاستيك، والصناعات غير المعدنية فضلا عن الصناعات التحويلية.
وقال إن دول الخليج العربية تتجه إلى دعم القطاع الصناعي في الأعوام المقبلة خاصة الطبية منه، بعد أن شهد القطاع دعما ملحوظا خلال فترة جائحة كورونا.. من خلال تشجيع الصناعات الطبية والعمل على إعطائها الأولوية خاصة في ظل ظروف كورونا، حيث يتم تحفيز القطاع بالاستثمارات الخليجية والأجنبية ودعم القطاع الخاص لضمان عدم تأثر أصحاب الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تأثير الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار الجائحة.. وتعتبر دول الخليج العربي الصناعة أحد الخيارات الرئيسة لتنويع اقتصاداتها وعدم الاعتماد علي النفط كمصدر رئيس للدخل القومي، والعمل على تطوير التشريعات والقوانين والسياسات لدعم قطاع الصناعة من خلال تبادل الخبرات والمعلومات الصناعية والتدريب مع بعضها البعض ومع الدول العربية والأجنبية لتحقيق الأمن الصناعي وتعزيز القيمة المضافة محليا
وأشار أبوبكر الديب الي تأثر القطاع الصناعي في جميع دول العالم بشكل واضح بكورونا بسبب تقييد حركة الاستيراد والتصدير للمواد الخام ومدخلات الصناعة وحالة الإغلاق وسيتوقف العالم كثيرا أمام وباء كورونا وتداعياته ليؤسس لمرحلة اقتصادية مختلفة عما سبق وتبني استراتيجيات صناعية جديدة وبرزت أهمية قطاع الصناعات التحويلية لا سيما بمجالات الصناعات الغذائية، والتي أصبحت في ظل الأزمة الأخيرة أمن قومي للدول .
وقال إن شهدت دول الخليج العربي، تحولاً جذريًا فى مسيرتها الاقتصادية، يتضمن تغييرًا فى السياسات وتجديد الأهداف، والعمل الجاد على وضع استيراتيجيات تنقل هذه الدول إلى مرحلة ما بعد النفط، بعدما استشرفت المتغيرات فى الخارطة الاقتصادية الدولية، بعد هبوط أسعار النفط فى عام ٢٠١٤ إلى مستويات غير مسبوقة.
ووضعت دول الخليج، “رؤى اقتصادية” جديدة، لمرحلة ما بعد النفط، اعتمدت على تحسين الإنتاج وتعزيز القدرات البشرية والمالية والتكنولوجية، والاعتماد على العلم والمعرفة والابتكار، وتحولت اقتصادياتها من الاعتماد على سلعة واحدة، إلى التنوع، باعتبار ذلك خيارًا استراتيجيًا وطريقًا إجباريًا، بما يجعلها بعيدة عن أى أزمات قد تنتج عن انهيار أسعار البترول أو ظهور بدائل أخرى للطاقة فى العالم، فالنفط سلعة قابلة للنضوب، فضلاً عن تقلب أسعاره والأخطار المتنوعة التى تهدد عمليات إنتاجه وتصديره.
وأكد أن انخفاض أسعار النفط، شكل نقطة تحول وجرس إنذار بالنسبة للمملكة العربية السعودية، صاحبة الاقتصاد المعتمد على النفط، لأكثر من نصف قرن، لكى تتحول إلى استغلال ما لديها من مصادر أخري، وجاءت رؤية السعودية ٢٠٣٠، كـ “مشروع طموح” تبناه ولى العهد الأمير محمد بن سلمان، ويهدف لرفع مستوى القطاع الخاص والتكنولوجيا الفائقة وقطاعى التعليم والسياحة.. وتحويل الآلاف من الكيلومترات فى الصحراء إلى مدن جديدة، يمكنها توفير فرص العمل وتعزيز الاستثمار وتنويع مصادر الدخل.
وقال إن لدى المملكة العديد من الخطط الاقتصادية العملاقة، استعدادًا لما بعد عصر النفط، بتمويلات تصل قيمتها إلى تريليونى دولار، بما يجعل السعودية بعيدة عن أى أزمات قد تنتج عن انهيار أسعار البترول أو ظهور بدائل أخرى للطاقة فى العالم وتؤكد رؤية السعودية ٢٠٣٠، التى أعلن عنها ولى العهد فى عام ٢٠١٦، ضرورة ملحة لتقليل اعتماد الاقتصاد على النفط، وضمان الاستدامة المالية وانفتاح السوق السعودية أمام المستثمرين الدوليين، وخلق بيئة أكثر ملاءمة للأعمال التجارية وصديقة للمستثمرين، وتطوير الخدمات العامة، وتقليص البيروقراطية والسير مضيًا نحو سياسات الخصخصة.
وأكد أنه على نفس الطريق سارت دولة الإمارات العربية المتحدة، صاحبة ثانى أكبر اقتصاد عربى بعد المملكة العربية السعودية، وواحدًا من أسرع الاقتصادات الناشئة على مستوى العالم، حيث يبلغ الناتج المحلى للدولة قرابة ٤٣٠ مليار دولار، ولدى الإمارات ثوابت اقتصادية مدروسة وممنهجة أدت إلى النهضة الاقتصادية التى تشهدها البلاد خلال العقود الماضية.
وأضاف حرصت القيادة الإماراتية الحكيمة، على أن يعيش أبناء الإمارات، الجيل الحالى والأجيال القادمة، فى رفاهية وتقدم من خلال تنويع مصادر الدخل، وتقليل الاعتماد على النفط مصدرًا رئيسيًا للثروة، وشرطًا أساسيًا لاستمرار مسيرة الإنجازات العملاقة.. وساعدت البنية التحتية المتطورة فى الإمارات، فى أن تصبح مقصدًا للمستثمرين والشركات العالمية.. وتنفق الإمارات أكثر من ٤٪ من إجمالى الناتج المحلى على التعليم، وهى أعلى نسبة إنفاق على التعليم فى الشرق الأوسط.
وأشار الي أن السياسة العليا لدولة الإمارات العربية المتحدة، تعتمد على انتقال الدولة فعليًا إلى عصر ما بعد البترول سواء من حيث الاقتصاد السياسى للدولة أو من حيث بناء الإنسان وتنميته وتطوير مجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، وقد تجاوزت المنتجات غير النفطية فى ناتج الإمارات القومى الإجمالى نظيرتها النفطية، وهى تأبى أن يبقى أهلها واقتصادها ومشروعها الحضاري، أسيرًا لمصدر واحد فقط وهو النفط.. وتطورت تجربة الإمارات، لتصبح نموذجًا مبهرًا تحت شعار اقتصاد بلا نفط.
وقال إن الأجندة الوطنية لرؤية الإمارات ٢٠٢١، تهدف حسب الديب إلى أن تكون دولة الإمارات العاصمة الاقتصادية والسياحية والتجارية لأكثر من ٢ مليار نسمة، لذا تواصل حكومة دولة الإمارات جهودها فى الانتقال إلى اقتصاد قائم على المعرفة، عبر تشجيع الابتكار والبحث والتطوير، وتعزيز الإطار التنظيمى للقطاعات الرئيسية، وتشجيع القطاعات ذات القيمة المضافة العالية بما يطور من بيئة الأعمال ويعزز من جاذبية الدولة للاستثمارات. كما تهدف الأجندة الوطنية إلى أن تكون الدولة من أفضل دول العالم فى مجال ريادة الأعمال، ووضع الإمارات فى قائمة أفضل الدول فى نصيب الفرد من الدخل القومى الإجمالي.
وقال إن دولة الكويت تعمل على تنويع اقتصادها، استعدادًا لفترة ما بعد النفط، من خلال جذب المزيد من الاستثمارات إلى سوق العمل الكويتي، والاعتماد على ديناميكية القطاع الخاص وقدراته التفاعلية، والقطاع العام الداعم لنشاط الأفراد والمؤسسات الخاصة عبر منظومة تشريعية ومؤسسية متطورة، ورغم اعتماد الكويت بشكل كبير على عائدات النفط، إلا أنها تدرك مخاطر عدم الاستعداد للمستقبل الذى ينتظر النفط، وبالتالى وضعت خارطة طريق مستقبلية طموح أُطلق عليها اسم الكويت الجديدة، وتهدف إلى تحويل البلاد إلى مركز ثقافى واقتصادي، وزيادة عائدات البلاد من ١٣.٣ مليار دينار كويتى إلى ٥٠ مليار دينار بحلول عام ٢٠٣٥.
فيما بدأت مملكة البحرين، منذ وقت طويل – حسب الديب – فى التنويع الاقتصادي، استعدادًا لما بعد النفط من خلال دعم الصناعات ومقدمى الخدمات، وأطلقت رؤية البحرين ٢٠٣٠، لتوفير حياة أفضل لكل المواطنين البحرينيين، والعمل على تطوير مستدام ومستمر للاقتصاد، من خلال ٣ مبادئ أساسية هى الاستدامة والعدالة والتنافسية، وتهدف رؤية عمان ٢٠٤٠، إلى الاستغلال الأمثل للمزايا النسبية لكل قطاع اقتصادي، وخاصة المطارات والموانئ والمناطق الصناعية، إضافة إلى الموارد المتوفرة بما يحقق تنويع مصادر الدخل والتوسع فى مشاريع التشغيل الذاتي، مع التأكيد على أهمية التوزيع المتوازن للتنمية على المحافظات بما يتناسب مع حجم واحتياجات كل محافظة.