قصة الذهب والدولار
بقلم / أمنية الخولي
15 مارس 1900
شهد هذا اليوم التصديق على قانون المعيار الذهبي فى الولايات المتحدة ووضع قيمة الدولار على أساسه.. ورغم تخليها عنه لاحقا
ظل الذهب الملاذ الآمن والركيزة الأساسية التى اعتمدت عليها واشنطن فى إنشاء نظام إقتصادي جعل الدولار سيد العملات فى العالم.. وللقصة فصول فى مثيرة؟
منذ فجر التاريخ كان الذهب دون أى معدن أخر
اللاعب المحورى فى التعاملات التجارية ويعود ذلك إلى خصائصه الفريدة.. من حيث الكثافة والقدرة على تطويعه إذ يمكن وضع طن منه في قدم مربع واحد حسب ما يقول بيتر برينستن في كتابه
«سُلطة الذهب: تاريخ من الهوس».. ومنذ نحو 700 عام قبل الميلاد
سُكت العملات الذهبية للمرة الأولى وتم استعمالها كوحدةً نقدية رئيسية فى التجارة العالمية ووضع قانون معيار الذهب كنظام مالى
ترتبط به قيمة العملة مباشرةً بالذهب وعلى أساسه تقبل الدول
استبدال كمية ثابتة من الذهب بعملتها الورقي عبر تعيين سعر ثابت
يحدد عمليات البيع والشراء التي تجريها الحكومات.
وكانت إنجلترا أول دولة تعتمد معيار الذهب رسميًا عام 1821
نتيجة الاكتشافات الواسعة للمعدن النفيس ولجأت معظم الدول الكبرى لإعتماده وكانت الولايات المتحدة أخر الركب العالمى فى اعتماد معيار الذهب.
بحلول عام 1900 نتيجة جماعات الضغط المساندة لاستعمال الفضة بديلا للذهب وظل العالم يتعامل وفق «قاعدة الذهب»أى طبع العملات من البنوك المركزية
فى كل دولة بما يساوى ما لديها من احتياطيات الذهب وكان الغرض الأساسى منها إيجاد وسيط عالمى فعّال فى المبادلات التُجارية والمالية الدولية وتحديد مِقياس القوة الشرائية لكل عُملة على المستوى الدولى.. ولكن مع اندلاع الحرب العالمية الأولى ظهر عجز الذهب عن الصمود خلال الأزمة الاقتصادية المصاحبة للحرب واضطرار الحكومات إلى استهلاك كميات كبيرة من الذهب لتمويل الحرب
ما أثر بالسلب على طباعة العملات مع ارتفاع معدلات التضخم
والانهيارات الاقتصادية نتيجة ضعف العملات وصعوبة تغطيتها بالذهب
لتكتب نهاية التعامل بالمعيار الذهب.
إذ توقفت بريطانيا عن استعماله عام 1931 وتبعتها الولايات المتحدة بعد عامين لتطبع النقود الورقية دون غطاء من الذهب ومع الحرب العالمية الثانية استطاعت الولايات المتحدة ركوب الموجة الاقتصادية العالمية باعتبارها الدولة الوحيدة التى لم تتأثر مباشرة من دمار الحرب
وكانت حينها تمتلك 75% من ذهب العالم وأصبح الدولار الأمريكى العملة الوحيدة المُغطاة بالذهب بعد لجوء الدول الكبرى فى أوروبا وأسيا للتخلى عن تغطية عملاتها بالذهب نتيجة التضّخمات العنيفة فى اقتصاداتها.. ما دفع عددًا كبيرًا من دول العالم إلى شراء الدولارات الأمريكية واستبدالها بالذهب كاحتياطى للنقد الأجنبى.
وفى عام 1944 استضافت الولايات المتحدة مؤتمرا عالميا بحضور 44 دولة لوضع خطط انقاذ للنظام العالمى المالى.. وتم توقيع اتفاقية “بريتون وودز” التى اعتمدت الدولار الأمريكي كمرجع رئيسى فى تحديد سعر الصرف لجميع العملات العالمية وكانت الاتفاقية نواة لإنشاء صندوق النقد الدولى والبنك الدولى وهنا يكمن السر من وراء الذهب.. فحين اعتبر الكثيرون أن معيار الذهب كان وراء الأزمات الاقتصادية المصاحبة.. استطاعت الولايات المتحدة بغطاء الذهب
الهيمنة على الاقتصاد المالى العالمى فأى اهتزاز يشوب الدولار
يؤثر على كل العملات فى العالم كما أن إجراء أى تغيير فى سعر الفائدة بأمريكا يحرك أسواق الذهب عالميا.. وهذا ما يفسر صمود روسيا حاليا أمام العقوبات الأمريكية والأوروبية جراء زيادة مخزونها من الذهب في صندوق الثروة السيادى فيما يمكن اعتباره
“محاربة الذهب بالذهب”