خبير إقتصادي يبرز عوامل وأسباب إهتزاز عرش الدولار وصعود اليوان الصيني وعملات أخرى
كتب / إسماعيل خلف
قال أشرف غراب، الخبير الاقتصادي، نائب رئيس الاتحاد العربي للتنمية الاجتماعية بمنظومة العمل العربي بجامعة الدول العربية، أن القرار الأخير للرئيس الروسي ببيع الغاز والنفط للدول غير الصديقة بالروبل الروسي، إضافة إلى لجوء روسيا والصين ودول الاتحاد الأوراسي والهند إلى التعامل بالعملة المحلية في التجارة البينية بينهما، واللجوء لعمل نظام مالي جديد للمدفوعات بينهما بعيدا عن نظام سويفت وذلك لكبح الهيمنة الأمريكية، سيحد من الدولار ويفقده قيمته تدريجيا خلال الفترة القادمة، في المقابل يؤدي هذا إلى صعود اليوان الصيني والعملات الأخرى خلال السنوات القادمة .
وأضاف غراب، أن روسيا تمثل أكبر حليفا لمشروع الصين في تطوير نظام مالي جديد ليحد من الهيمنة الأمريكية بفرض عقوبات على الدول، خاصة بعد العقوبات التي فرضت على روسيا، مؤكدا أن كافة عقود التصدير بين روسيا والصين تتم باليوان الصيني، حيث قدرت الأرقام الرسمية الصادرة عن البنك المركزي الروسي في عام 2020 أن ما يقارب الـ 83 % من الصادرات الروسية إلى الصين تمت باليوان الصيني، كما تمت تسوية 74% من المدفوعات الناتجة عن التبادل التجارى بين روسيا ودول الاتحاد الأوراسى بالعملات المحلية، وهذا يؤكد أن اليوان الصيني في ارتفاع في المقابل الدولار قيمته في الانخفاض .
أوضح غراب، أن من الخطوات التي اتخذتها روسيا والصين لكبح هيمنة الدولار توقيع الدولتين في فبراير الماضي اتفاقا لمدة 30 عاما باستخدام اليورو، حتى مع الدول الأوروبية تم تغيير أكثر من 60 % من عقود تصدير الغاز باليورو، ومع القرار الأخير لروسيا ألزم بأن تتم صفقات الغاز بالروبل والبيتكوين مع الدول الغير صديقة، إلا أنه مع الصين أن تتم التسوية بالعملات الوطنية مقابل روبل ويوان، ومع تركيا بالروبل والليرة، موضحا أنه سابقا سمحت روسيا لصندوقها السيادي الاستثمار في اليوان الصيني وسندات الخزانة الصيني، إضافة إلى أنه في عام 2019 استثمر البنك المركزي الروسي 44 مليار دولار في اليوان الصيني، مضيفا أنه من قبل الحرب الأوكرانية كان هناك تقدم روسي صيني في خلق أنظمة مدفوعات جديد وسيصبح مغري لعدد من الدول منها الأرجنتين والهند وتركيا والبرازيل واندونيسيا وايران ودول الاتحاد الأوراسي وغيرها، مؤكدا أن التهديد الأكيد للدولار يتمثل في اليوان الرقمي كعملة احتياطية خلال السنوات القادمة .
تابع غراب، أن تراجع قيمة الدولار زاد بعد الحرب الأوكرانية ولكن كانت هناك أسباب قبلها تساهم في تراجعه تدريجيا منها زيادة معدلات التضخم وانخفاض معدل نمو الاقتصاد وتراجع القوة الشرائية، إضافة إلى نمو اقتصادات دول أخرى منافسة أهمها الصين وتصاعد عملتها الرقمية، وتزايد المعاملات التجارية بين بعض الدول بالعملات المحلية، مؤكدا أن محللون مورجان ستانلي توقعوا أن تصل حصة اليوان في الاحتياطات العالمية من 5% إلى 10 % بحلول عام 2030، إضافة إلى أن صعود اليوان الصيني يرتبط بقوة العملة مدعومة من السلع الصينية، وهذا يوضح أن العد التنازلى لإقصاء الدولار عن عرشه قد بدأ بالفعل .
ولفت غراب، إلى أن صحيفة وول ستيريت جورنال في تقريرها أشارت إلى أن أحد دول الخليج قد أعلنت خلال الأيام الماضية أنها تدرس إمكانية قبول اليوان الصيني في مبيعاتها النفط لبكين بدلا من الدولار، موضحا أنه لو حدث هذا سيؤدي إلى إنشاء نظام مالي للمدفوعات الدولية سيكون فيه اليوان العملة الأولى، إضافة إلى أن الهند أعلنت عن مواصلة التجارة مع روسيا باستخدام العملات المحلية، إضافة إلى أن الدولار سيواجه الصعود اللافت لدول كبرى كروسيا والهند وكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا والبرازيل وتركيا واندونيسيا ودول الخليج، ما تسبب في انخفاض حصة الولايات المتحدة من الاقتصاد العالمي من 40% في عام 1960 إلى 24 % عام 2019 وفقا للإحصائيات الدولية، بينما ارتفعت حصة الصين من 4% إلى 16 % وهذا يؤكد قوة الصين الاقتصادية وقوة عملتها القادمة .
وأشار غراب، إلى أن أهم المخاطر التي أصبحت تهدد هيمنة الدولار، أولها هو تنويع البنوك المركزية في كثير من الدول احتياطاتها الأجنبية بعيدا عن الدولار خاصة بعد العقوبات التي جمدت احتياطات البنك المركزي الروسي وقبله الإيراني والفنزويلي وهذا أدى لتراجع حصة الدولار من 71 % عام 2000 إلى 61 % حاليا، إضافة إلى تطوير الصين لنظام المدفوعات سيبس، إضافة لتسعير بعض الدول السلع بعملة غير الدولار فالصين مثلا طرحت عقود نفطية مسعرة باليوان عام 2018 ، لأن السلع المسعرة بالدولار تتم تسويتها عبر حسابات البنوك المراسلة لدى الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي وبالتالي من السهل فرض عقوبات عليها، موضحا اليوان الرقمي قد حقق في فترة قصيرة نجاحا ملموسا مع جعل بنك غولدمان ساكس يتوقع أن يبلغ عدد المتعاملين باليوان الرقمي نحو مليار خلال السنوات القادمة، متابعا أن الاقتصاد الصيني أصبح أكبر اقتصاد عالمي وأحد أكثر الاقتصادات تنافسية في الكثير من المجالات والقطاعات .