(الأشهر الحُرُم)
بقلم / الشيخ إبراهيم الصوفي
الحمد لله في كل زمان ومكان، اللهم صل على سيدنا ومولانا محمد بقدر عظمة ذاتك في كل وقت وحين، وعلى آله وصحبه وسلم، وبعد،،
فقد استقبل المسلمون منذ أيام شهر ذي القعدة، وهو أحد الأشهر الحُرُم، فما هي الأشهر الحُرُم، وما الواجب فيها؟
وقبل الجواب عن هذا السؤال، لابد من بيان الآتي:
أولاً: نظر المسلم للأَزْمِنَةِ ينبغي أن يكون من حيث فضل الله فيها ، وما خصَّها الله تعالى من خصائِص.
ثانيًا: اعتنى المسلمون بالأوقات عناية فائقة، ومن أوجه عنايتهم بها: أنهم خصوها بنوع من التأليف “الكتابة”، حيث ألف بعض العلماء الكتب في الأوقات، ومنها كتاب ” فضائل الأوقات” للإمام البيهقي.
أما الأشهر الحُرُم، فقد جاء في الحديث عن أبي بكرة عن النبي – صلى الله عليه وسلم- قال:” إن الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق الله السماوات والأرض، السنة اثنا عشر شهرًا، منها أربعة حُرُم، ثلاث متواليات ذو القعدة، وذو الحجة، و المحرم، ورجب شهر مُضر الذي بين جمادى وشعبان”.
وفي القرآن الكريم، قال تعالى :” إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ۚ ذَٰلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ ۚ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ”
ورُويَ عن ابن عباس – رضي الله عنهما- في قوله تعالى:” إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا يوم خلق السماوات والأرض منها أربعةٌ حرم…”
قال ابن عباس:” لا تظلموا أنفسكم في كلهن- يعني في الأشهر كلها- ثم أختص من ذلك أربعة أشهر فجعلهن حُرُمًا، وعظم حرماتهن، وجعل الذنب فيهن أعظم، والعمل الصالح والأجر أعظم”.
ويقول الإمام القشيري في لطائفه في قوله تعالى” منها أربعة حرم”: يقول ” لمَّا علم أنهم لا يُداومون على ملازمة القُرَبِ، أفردَ بعض الشهور بالتفضيل.
وعن سبب إفراد هذه الشهور يقول القشيري:” وأفردها بالتفضيل ليخُصُّوها باستكثار الطاعة فيها، وهذا حال العامة.
أما أهل الله: فجميع الشهور لهم كشهر رمضان، وجميع الأيام لهم جمعة، وجميع البقاع عندهم مساجد”.
ويقول تعالى:” فلا تظلموا فيهن أنفسكم”
والظلم على النفس، هو:
١) أن يجعلَ العبدُ زمامه بيد شهواته، فتورده مواطن الهلاك.
٢) خدمة المخلوقين بدل طاعة الله تعالى.
وواجب المسلم فيها:
١) ألا يظلم نفسه، بإقتراف ما نهى الله تعالى عنه.
٢) المحافظة على المأمورت الشرعية، والقيام بها.
٣) الإكثار من نوافل العبادات، لأن غاية المسلم ما يجمع قلبه على ربه تعالى.
٤) الانتباه إلى أهمية الوقت، وحقوق الأوقات، والقاعدة في ذلك:” ما مِنْ لحظة إلا ويجب على الإنسان فيها، أن يكون عاملًا لله تعالى، مشتغلًا فيها بما يوصله إلى قربه ورضاه”
نسأل الله تعالى أن يوفقنا فيها لما يحبه ويرضاه.