( حسن الخاتمة )
بقلم / عبد الناصر العريان
عم محمد كعادته قام من النوم قرب أذان الفجر وأسبغ وضوءه وأخذ يردد بعض الدعوات المستحبه عن الرسول الكريم صل الله عليه وسلم وافترش مصلاته الخضراء التي كان حاضرها معه وهو في زيارة الرسول صل الله عليه وسلم.
كبر تكبيرة الإحرام لصلاة القيام بالليل والناس نيام..
كان صوته الخافت الخاشع يملأ البيت بالرحمات وتزينه الملائكة التي تحف المكان..
معلنة في السماوات العلا أن في هذا المكان ذاكر لله مقيما لليل
يرجو جنة ربه ويخشى عذابه.. بعد أن أتم عم محمد ركعات القيام
قام ليصلي ركعات الوتر والتي تعود أن يصليها كل ليلة بعد صلاة القيام
كانت هذه ليلة عرفات..
كم كان يتمنى ويدعوا ربه في كل الأوقات راكعا ساجدا جالسا
كانت جل امنياتة وعظيم دعواته أن يقف بين يدي الله على جبل عرفات كل عام.
كبر تكبيرة الإحرام لصلاة الوتر وبدأ قراءة الفاتحه ثم تبعها بسورة الأعلى..
أخذ يدعوا ربه في سجوده راجيا الله أن يتقبل منه صالح الأعمال وان يعفو عما كان منه من سؤ من النوايا والأعمال..
وبدأ ركعته الثانية بالفاتحة وسورة الكافرون وركع ثم سجد
فكان قلبه يرتعش من شدة رجاؤه في الدعاء للرحمن
ثم ارتقى واقفا رافعا يداه بمحازة كتفيه عندما قام للركعة الثالثه والتي قرأ سورة الإخلاص بعد فاتحة الكتاب وأتم ركوعها ونزل بحب شديد للسجود.. وكان الشوق قد ازداد للقرب من الله فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد..
كانت دموعه تنهال بغزارة وبوح صوته من شدة البكاء
اشتد بكاؤه واختلط بكثرة الدعاء.. بللت مصلاة من غزارة دمعه حيث كان يرجو رحمة الله به أن يدخله الجنة بسلام .. أخذ يتذكر من الدنيا رفقه بالايتام حيث توفي أخاه أحمد وترك له ثلاثة من البنات
بعد أن تركتهم امهم صغار وتزوجت بابن عمها
حيث زوجته إحسان لم يشأ ربها أن يهبها احد من الذكور أو الإناث
تربت فاطمه وزينب ورقية في بيت عمها محمد وزوجته إحسان على أتم ما تكون التربية حافظين لكتاب الله وتخرج ثلاثتهم من كلية الطب وتزوجوا بخير الرجال أصحاب دين وحسن من الأخلاق..
كانت زينتهن الاحتشام وجمالهن الوقار و العفة وحسن خلق وزادهن الإيمان.
أخذ عم محمد مسبحته التي زمزمها من ماء زمزم وأخذ طريقه إلى المسجد الصغير بجوار البيت بجلبابه الأبيض وطقية رأسه الماليزية الصنع شديدة البياض تتحرك شفتاه بتمتمات ذكر الله والاستغفار محركة سبابته حبات المسبحة مع تحركات شفتاه..
وصل باب المسجد وخلع نعليه وقام بتنضيفهما على الباب ودخل بقدمه اليمني داعيا بأذكار دخول المسجد كما تعلم من سيرة رسول الله صل الله عليه وسلم..
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صل الله عليه وسلم اللهم افتح لي أبواب رحمتك مردفا بقوله السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وردت عليه الملائكة والجالسين بالمسجد وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته..
وقف بعد أن وضع نعله في المكان المخصص لذلك واتجه نحو القبله بنية صلاة ركعتين سنة تحية المسجد
وقد حان وقت أذان الفجر بعد أن فرغ من أداء تحية المسجد فقام وفتح مكبر الصوت ليردد أذان الفجر حيث الصوت الخاشع ‘كأنه الشيخ نصر الدين طوبار علية رحمة الله وعلى موتى المسلمين أجمعين
كانت لحيته شديدة البياض تزيد وجهه جمالا ووقار وكل من نظر إلى وجهه كأنه ينظر إلى رجل من أهل السماء.. أقيمت الصلاة وصلى الإمام بسورتي الضحى والانشراح.. وقام بالتسليم يمنة ويسار
فإذا بعم محمد لم يقم من سجوده وكأنه مازال يتضرع إلى الله
فإذا بالمصلين يكبرون ويهللون ياعم محمد يا عم محمد فلم يتحرك من مكانه فإذا بالمصلين يدخلون في بكاء بأصوات سمعها أهل الحي من المكبر الذي لم يغلق بعد..
صرخات وعويل ودعاء من الجميع ان يلقى ربه مثل ما لقى عم محمد ربه وإذا بالمصلين يحملون عم محمد إلى بيته وهم يكبرون ويذكرون الله طيلة الطريق كأنهم يزفون عريسا إلى زوجته.. الكل في انبهار وخشوع.. الكل يريد حمل جثمان عم محمد عسى أن تشهد لهم الملائكة انه كان من حاملي هذا الجسد الطاهر من مصلاة حتى بيته وكان من بين المصلين معاق وكبار السن الجميع أصر على أن ينال من بركة هذا الجسد المسجي فما كان لأحد أن يتذكر له من فحش قول اوسب أو أية إساءة لأية شئ في الحي أو حتى الطرقات أو الحيوانات.. حملوه من المسجد إلى البيت بهذا العرس الجميل وطرقوا الباب لتفتح أم فاطمه كما كانت تكني ويقول الإمام افرحى يا ام فاطمة مات زوجك ساجدا فتنطلق بالزغاريد وهي تزرف شلالا من الدموع بقولها الوحيد الجنه يا محمد بإذن الله موعدنا الجنه يا محمد بإذن الله بس تشفع لي يا محمد معاك
كنت نعم الزوج ونعم الأخ ونعم الأب ونعم الجار فزت يا محمد قولي ايه اللي بينك وبين الله.. الله عليك يا محمد يا حبيب رسول الله صل الله عليه وسلم يا رفيق رسول الله صل الله عليه وسلم
أخذوا يجهزون الأمر لإتمام حق المتوفى وارسلوا إلى بناته ليلقون علية النظرة الأخيرة ‘حضرت البنات الثلاث ولم ينطقن إلا بكلمة واحدة رايح الجنه وح تسيبنا لمين يا أغلى من الاب يا أحن من آلام سايبنا لمين فترد أم فاطمة بكل قوة
سايبكم لتقوي الله اللي غرسها فيكم يا بناتي.