بقلم / أحمد عبد الحليم
أصبحت “اللامبالاة” سِمة نشاهدها في طريقة التعامل مع الناس من أشخاص لا يفكرون إلا في أنفسهم دون النظر إلي الآخرين، مما يكون له الأثر السلبي على المجتمع ككل، وفي السطور القادمة من هذا المقال سنتعـرف على تعريف “اللامبالاة” والأسباب التي أدت إليها، وطرق العلاج وبعض النصائح للتخلص من هذا السلوك.
نختصر معنى “اللامبالاة” : بأنَّها “حالة وجدانية سلوكية، معناها أن يتصرف المرء بلا اهتمام في شئون حياته، أو حتى الأحداث العامة، وإن كان هذا في غير صالحه، مع عدم توفر الإرادة على الفعل وعدم القدرة على الاهتمام بشأن النتائج”، ما يعني أن “اللامبالاة أصبحت قاتلة” وتصدر من شخص لا يبالي وضعيف أمام التحديات، وهناك العديد من الأسباب التي تجعل الإنسان مصاباً بـ”اللامبالاة”، إما متعمداً أو بدون إرادة.
تعددت أسباب “اللامبالاة”، فمنها يكون متعمداً وهو أخطر الأنواع، أو بسبب مرض نفسي مثل عدم تحمُّل أي درجة من المسئولية أو الشعور بالنقص بين الزملاء، أو الإصابة بالاكتئاب الخفيف، ومنها ينتج عن الإجهاد النفسي من ترك الوظيفة أو فقدان شخص عزيز، أو بسبب كارثة طبيعية، كما أن إدمان المخدرات والكحول من ضمن الأسباب، وكذلك الآثار الجانبية لتناول الأدوية والمضادات الحيوية والمنشطات، وقد تكون بسبب نقص بعض الفيتامينات لدى المراهقين، وغيرها.
ومن منطلق أن الشباب هم العتاد لأجيال المستقبل والقوى البشرية التي تُعـد أمن قوي للبلاد، لا يصح أن يكون بينهم “لامبالي”، فمن حيث أن أغلبهم دارسين للعلم وتأمل أسرهم الارتقاء بمستقبل واعد لأبنائها، فيجب أن يكون هناك متابعة ومراقبة من الأسرة حتى يتخلص الشاب “اللامبالي”، لإن “اللامبالاة” تضعفه وتهدم مستقبله، وليعلم الشاب أن هدفه في الحياة هو التمسك بالنجاح والعلم إتباعاً لمقولة “مَن جدَّ وجد ومَن سار على الدرب وصل”، ؛ لذا ننصح أي شاب، كن مؤمناً بقدراتك وبأنَّك ستحقق النجاح في المرة المقبِلة، من خلال التركيز على أسباب فشلك وإيجاد الحلول لها وتجاوز العقبات التي تواجهك، وإبتعـد عن “اللامبالاة” فإنها قاتلة.
وإذا نظرنا إلى أثر “اللامبالاة” في العلاقة الأسرية، نجد إنها تظهر نتيجة الملل لإنها تتصف بقدر من النَّمطيَّة، فإذا كان الرجل يهتم بعيد ميلاد خطيبته فإنه ينساه بعد الزواج، كما نجد الزوج “اللامبالي” يوقظ زوجته عندما يعود البيت متأخراً لتحضير العشاء ويتجاهل شعورها بالتعـب، وكذلك الزوجة “اللامبالية” لا تهتم بالهدوء أثناء وجود زوجها في البيت مع علمها بحبه للهدوء، مما تؤثر على الحياة بينهما وتجعلها فاترة وتبدأ العلاقة الزوجية بالتدريج لتفقد أهم عناصرها وهي المشاعر بسبب التعمد على “اللامبالاة”، أما إذا شعر كلاً منا بمشاكل وإحتياجات الآخرين وحاول حلها سيجد الجميع يقفون بجانبه عند مواجهة أي مشكلة مع الإحساس براحة نفسية للطرفين، مع العلم أن لكل مرحلة من مراحل “اللامبالاة” طريقة خاصة للعلاج.
وفي حالة ما إذا كان “اللامبالي” من زملاء العمل أو الجيران أو حتى من موظفي المؤسسات، فحاول ألا تتنبه لأفعاله أو تحتد عليه وقم بإستشعاره بأن فعله غير مؤثر فيك، وبالتالي هذا سيكون له الأثر في شد إنتباهه لكلامك ولما طرحت عليه في المرة الأولى وقابلك بـ”اللامبالاة”، حيث أن “اللامبالي” إذا لم يجد ردة فعل بإنفعالك عليه سيعـيد النظر وينتبه لما تقوله، كما أن مبدأ التعامل بالتورية بشكل غير مباشر مع “اللامبالي” سيكون له الأثر الإيجابي فضلاً عن التعامل المباشر الحاد معه، كل شيء يحل بالحسنى والتصرف الجيد الذي لا يقبل الانتقاد.
وهناك نوع أخر من “اللامبالاة القاتلة” الممزوجة بالحقد و دافع الانتقام، خاصة عندما يعزم الفرد على عدم مخالطُة النَّاسَ ولاَ يصبرُ على أذاهم، فنجد أن أحد الأفراد يتجاهل زميله بالمساعدة فيقوم بتعقيد طلبه حتى يُفرّغ طاقته وما لديه من دوافع للانتقام والحق مع الآخرين، وذلك لتحديد مسار أي إنسان صاحب حاجة على حسب ما يريده “اللامبالي”، ربما يكون بسبب التعمد على “اللامبالاة”، أو بسبب مرض نفسي يعاني منه أو تجربة عانى منها أو كان مقهوراً ويريد أن يبرز سيطرته على الآخرين.
يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم : ( المؤمنُ الَّذي يخالطُ النَّاسَ ويصبرُ على أذاهم أعظمُ أجرًا منَ المؤمنِ الَّذي لاَ يخالطُ النَّاسَ ولاَ يصبرُ على أذاهم).
بشكل عام إن التخلص من “اللامبالاة” في الحياة والعمل، يَكْمُنْ في الاعتماد على الذات في البحث عن الأسباب التي أدت بالفرد إلى “اللامبالاة”، وعلى الفرد أن يعـرف الأسباب التي أدت إليها والعـمل على حل هذه المشكلات أو علاجها سواء كان إكتئاب أو إدمان بعـض المواد المخدرة أو اضطراب نفسي، في محاولة للعلاج للتغلُّب عليها وتجاوزها بالإرادة والإصرار والالتزام، وإذا إستمر المرض نفسي لوقت طويل فيجب استشارة الطبيب النفسي، وأن يأخذ الفرد موقفاً وخطوة إيجابية للعلاج، فعندما تخطو هذه الخطوة فاعلم أنَّك بدأت تسير في الطريق الصحيح.
هناك عدد من النصائح يمكن من خلالها التخلص من “اللامبالاة”، بداية من الاعتماِد على مبدأ التحفيز الذاتي؛ أي حفِّز نفسك دائماً، وذلك من خلال قيامك بالأمور والواجبات الأسهل، فنجاحك فيها يحفِّزك للقيام بما هو أصعب، وهكذا حتى تُنجز جميع المهام الموكلة إليك، وكن قريباً من الناس وتفاعل مع أفراد المجتمع والأصدقاء المتميزين الذين يمتلكون طاقةً إيجابية لكي يمنحونك دفعاً نحو الأمام، حيث أن “اللامبالاة” حيلة نفسية يستخدمها العقل للتعامل مع الواقع، فيجب الإنتباه لأفعالنا وتصرفاتنا، حتى لا نضر بالآخرين، “أنت حر ما لم تضر”، كما يحضرني قول (أنطون تشيخوف) هنا : “اللامبالاة شللٌ يصيب الرّوح، موتٌ قبل الأوان”، ما يدل على أن “اللامبالاة” تصدر من شخص غير مهتم ليس لديه الإرادة وعدم القدرة على الاهتمام بشأن النتائج ولابد أن يحاول بالعلاج.
كل ما ذكرته آنفاً نفهم منه إن”اللامبالاة” حيلة نفسية، وشلل يصيب الروح، وموت قبل الأوان، وبالتالي تُعد تلك “اللامبالاة قاتلة”، وآفة تجعل من الشخص شخصًا غير طبيعي وغريبًا، ففي الوقت الذي يتطلب فيه الإنسان أن يتعامل مع التحديات بعقلانية لأن الحياة تحتاج ذلك من أجل البقاء نجد البعض يتهاونون بـ”اللامبالاة”، لذا يجب علينا بالإصرار والالتزام والتحفيز على العمل والإنتاج والتنافس والابتعاد عن أي سلوك خاطىء يضر بالإنسان والمجتمع مثل “اللامبالاة القاتلة”.