بقلم / أحمد عبد الحليم
مما لاشك فيه أن العديد من الناس تهتم باللياقة البدنية لبناء الجسم، وهناك أفراد تهتم بتنمية عقولهم بالثقافة والعلوم وتترك الرياضة، ومنهم يحدد إختياره حسب مجال عمله أو ميوله، وأخر لا يتهم بذلك أو تلك، وبعض الناس من يتهم بالأمرين ولا يستطيع الإستغناء عن واحدة منهما، وهذا هو الأفضل حيث أن من الضروري ولا يصح الفصل بينهما، حتى يكون “العقل السليم في الجسم السليم”، وفي سياق هذا المقال سنتعرف على العلاقة بين الجسد والعقل، ومدى التأثير الإيجابي على الفرد الذي تعود على الربط بينهما.
في البداية نريد أن نتعـرف على عبارة “العقل السليم في الجسم السليم”، فهي عِبارة لاتينيّة الأصل يَعود أصلها للشاعر اللاتيني “جوفينال”، كما يُنسب هذا القول إلى الفيلسوف اليوناني “طاليس”، وقد لا يُدرك الكثير من الناس مَعنى هذه العبارة في الحياة، إذ يُعدّ العَقل هو المَسئول عن العَمليّات العقليّة من تَعلُّم وتذكُّر وفَهم وإدارك، وتُعدّ أهميّته بالنّسبة للجسد كبيرة جداً، كما أن هذه العبارة ليس مقولة عابرة ولكنها حقيقة علمية أثبتتها الدراسات العلمية من وجود روابط بين اللياقة البدنية والأداء العقلي المعرفي بحدوث تغـيرات في بنية الدماغ، كما أثبت الدراسات أنها تزيد من درجة الاستيعاب والفهم بتعـزز الأداء المعرفي وحرق السعرات الحرارية وتقلل من خطر الخرف وتخفف من أعراض الإكتئاب وتخفيف الوزن وتقليل نسبة السكر في الدم لمرضى السكر وحرق الدهون وانخفاض ضغط الدم في الجسم وغيرها، كما أن عند قراءة كتاب يمكن أن يحرق الجسم حوالي 45 سعراً حرارياً في 30 دقيقة من القراءة، لذا فإن قراءة كتاب أفضل من مشاهدة التلفزيون عندما يتعلق الأمر بحرق السعرات الحرارية الزائدة في الجسم .
وبشكل عام تُعدّ العَلاقةُ بين الجَسَد والعقل عَلاقةً تكامليّةً، لا يجوز أن ينفصل أحدهما عن الآخر، حتى يكتمل بناء الإنسان بعقل واعي وجسد سليم، وعلى ذلك يجب أن نمارس الرياضة بشكل دوري فإن ذلك له تأثير إيجابي على العـقل والجسم للجميع سواء كان مريضاً أو من الأصحاء، وكذلك تأثيرها مباشر على السعادة وتحسين المزاج والراحة النفسية لدى الإنسان، ورغم قناعة الإنسان بأهمية ممارسة الرياضة، إلا إن العديد يهملونها بأعذار وحُجج واهية، ويتهربون منها مرة بسبب إنشاغالهم بأعمالهم أو مشاكلهم، أو دراستهم أو عدم قدرتهم على ممارستها نظراً لإصابتهم بالأمراض أو السمنة المفرطة وغيرها، ولا يعلمون أن البداية قد تكون صعبة ولكن بالعـزيمة والإصرار والإلتزام يستطيع الفرد التحكم في الأمر وتجاهل الحجج الواهية إلى جانب إزاحة سيطرة الشعـور بالذنب من عـدم ممارستها في السابق.
إن نقطة البداية للممارسة الرياضة أمر ضروري، على أن يكون اتخاذ قرار البدء فوري لممارسة الرياضة وتحديد أهداف قابلة للتحقيق تدريجياً بجدول للتمرين سيكون الأمر أسهل مما يكون، وعليك أن تُقدِم وتقتنع بالفكرة وتنفذ، وأن تروض نفسك وتبدأ بنصف ساعة رياضة يومياً ولمدة أسبوع، وفي الأسبوع التالي45 دقيقة يومياً، وتخصيص يوم أو يومين للراحة لإعطاء الجسم فرصة، مع اختيار الوقت المناسب ويفضل صباحاً وهكذا، حتى يتم تقويم وتدريب الذات والتعـود على ممارسة الرياضة وتنميتها بشكل مستدام على أن تكون ممارستك للرياضة أسلوب حياة، خاصة عندما تظهر لك نتائج إيجابية ملموسة بالتغـير إلى الأفضل جسدياً وصحياً ونفسياً بعـد خوض التجربة، ولا مانع من ممارسة الرياضة وأن تقتنع بأنها مفيدة وضرورية للجسم والعقل وتمنح السعادة في الحياة، حتى إذا فعّلتها بالمشي بهرولة نصف ساعة يومياً، حيث أن الرياضة تقوى جهاز المناعة وتساعدك على ممارسة أمور حياتك بشكل سليم وبنشاط ليس له حدود.
من المؤكد أن النظام الغذائي أمر حتمي في هذا الصدد، وذلك بتناول الوجبات الصحية وعدم الإفراط في الأكل، والبعـد عن المحبطين للوصول للهدف المنشود، والحرص على مصاحبة من يشجعونك على الرياضة ومن تميزوا فيها، وتوفير المناخ المناسب في المكان المحبب إليك لممارستها سواء في صالة المنزل أو أي حديقة، وكذلك اختيار نوع الرياضة المناسب للفرد والتي يهواها من كرة قدم أو سلة أو جري أو غيرها، أو يختار نشاطاً رياضياً يشكل تحدياً أو منافسة وإثبات مهارة ما، مع مراعاة إذا كان الفرد يعاني من مرض لابد أن يستشير الطبيب في جدول تمرينه لكي يرشده على ما يتوافق مع حالته الصحية، كل ذلك يتحقق بالالتزام والانضباط والإصرار على الوصول للهدف المرجو من خلال روتين رياضي متكامل وفعّال يحفز العقل على الإبداع في التفكير.
لا ننكر إنّ أسلوب الحياة السريع الذي يُمارسه الفرد في الحياة اليومية، نظراً لإنشغال الفرد بأمور عديدة لا تعطي للإنسان الفرصة أن يحدد أن يختار أمور كثيرة، حيث أن الاغلبية من الناس لا يَتّبعون نظاماً صحيّاً جيّداً، أو يأكلون ومن التعب يخلدون إلى النوم بدون إدراك بأن هذا خطر على الجسد، مما يؤثر على الصحة الجسديّة والعقليّة مع هذا النظام، ولكن يجب على الفرد ألا يضج مجالاً للتناسي ويتذكر دائماً أنّ الصحّة ثروة لا تقدر بمال، فإذا كان الإنسانُ لا يُحافظ على صحته الجسدية فبالتالي ستتأثر صحّته العقلية تلقائياً، لذلك يَجب تناول الطعام في الوقت المناسب والمُحدّد مع نظام غذائي يتوافق مع وضع الفرد، وكذلك مُمارسة الهوايات المفضّلة يوميّاً لتحقيق التوازن بين الجسم والعقل، وعدم النوم بعد تناول الطعام مباشرة لإن ذلك ضار بصحة الإنسان وعقله، وأخذ استراحاتٍ قصيرةٍ خلال اليوم وتكفي ساعة للفرد لإستعادة قدرته على إكمال مهمامه بشكل عام، والحرص على أخذ قسطٍ كافٍ من النوم في وقت الليل وليس النهار، فترته ما بين 6-8 ساعات يوميّاً لضمان الحفاظ على صحة الجسم وسلامة ونقاء العقل، بالإضافة إلى كل ذلك يحدد بإعمال العقل ليكون سبيلاً لبناء الجسم السليم.