بقلم / أحمد عبد الحليم
صدق من قال إن الحاجة أم الاختراع، من حيث أن وقت الأزمات في الحياة تحتاج إيجاد إبتكار من شأنه تقديم حلول جذرية للإيفاء بالاحتياجات المطلوبة، فعندما فوجئ العالم ببعض “التغيرات المناخية” التي قد تؤثر على الطقس وتضر بالإنسان، سعى الجميع لسد هذه الثغـرة لإيجاد حلول تمنع أي خطر من الممكن أن يقع على الإنسان من أي تحولات مناخية طارئة في المستقبل، ولا ننكر أن البعض يعرف مفهوم هذه القضية والبعض الآخر يمر عليها مرور الكرام، وفي سطور هذا المقال سيتم التعرف على مفهوم “التغيرات المناخية”، وما الواجب فعله للحد من تداعيات هذه الظاهرة بالتخفيف والتكيف، لكي يعلم القاصي والداني بمدى خطورة هذا الأمر للتوقف عن أي عمل يفرض تأثيره السلبي على مجتمعات العالم أجمع، خاصة وإن من الأسباب الرئيسية “للتغيرات المناخية” ترجع إلى فعل العنصر البشري من إنتاج الوقود الأخفوري.
في البداية لابد أن نتعرف على مفهوم “التغير المناخي”، حيث أنه يقصد به التحولات طويلة الأجل في درجات الحرارة وأنماط الطقس، سواء كانت هذه التحولات طبيعية من خلال التغيرات في الدورة الشمسية، أو من بعض الأنشطة البشرية، بسبب حرق الوقود الأحفوري، وهو وقود يُستعمل لإنتاج الطاقة الأحفورية، ويستخرج من حرق الفحم، الغاز الطبيعي، والنفط، وتستخرج هذه المواد من باطن الأرض وتحترق في الهواء مع الأكسجين، الذي ينتج عنه إنبعاثات الغازات الدفيئة التي تعمل مثل غطاء يلتف حول الكرة الأرضية، مما يؤدي إلى حبس حرارة الشمس، ورفع درجات الحرارة، وبالتالي قد يؤثر بالسلب على المناخ ويضر بصحة الإنسان.
عندما إستشعـر العالم بما هو متوقع، وإن سيكون التأثر سلبي سيؤثر علي المناخ العام للدول وسيحدث خللاً في فصول السنة الأربعة، وسيؤدي إلى غرق بعض الدول بسبب الذوبان الجليدي بحلول عام 2100، وسيكون ارتفاع مستوى سطح البحر العالمي أقل بمقدار 10 سم مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 1.5 درجة مئوية مقارنة بـ 2 درجة مئوية، بدأ العالم بالاهتمام بالأمر والسعي بالعمل على منع أي خطر من الممكن أن يقع على الإنسان بالضرر من تلك “التغيرات المناخية”، فهذا العام سيشهد إصدار تقريرين علميين رئيسيين سيساعدان في تشكيل استراتيجيات “للتخفيف” من تأثيرات “تغير المناخ” و”التكيف” معها، علماً بأن في العام الماضي 2021 نشرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ تقريرًا كان بمثابة تحذيرًا صارخًا للعالم من أن متوسط ارتفاع درجة الحرارة العالمية سيصل إلى 1.5 درجة مئوية قبل عام 2040، ومن الممكن أن يصل إلى 5.7 درجة مئوية بحلول عام 2100، وهو معدل أعلى بكثير من المستوى الآمن الذي تم الاتفاق عليه بين 192 بلدًا والذي وقعت مصر من خلال اتفاقية “باريس للمناخ”.
من هنا نستطيع التأكيد أن هذا العام سيكون حاسمًا للوفاء بالوعود، حيث حرصت دولة العالم على الاهتمام بقضية “التغير المناخي”، وذلك للحد من آثاره التي قد تسبب أضراراً للبشر، خاصة وإن مصر تتعامل مع هذه القضية بعناية شديدة وتدرس تطوراتها محلياً وعالمياً، رافضة في سياستها أي التزامات إجبارية على الدول النامية الضعيفة في مواجهة أثار هذه الظاهرة، والعمل على أهم المبادئ التي تتعلق بالمسئولية المشتركة والمتباينة بين الدول المتقدمة والنامية، وكذلك ما يتعلق بمسئولية الجهات المعنية بالتلوث في تحمل التكلفة، والتأكيد على الدول المتقدمة للوفاء بالتزاماتها لنقل التكنولوجيا والتمويل وبناء القدرات للدول النامية والتكيف معها وعدم التنصل من هذه الالتزامات بسبب الأزمات المالية العالمية، وعليه حرصت الدولة المصرية على استضافة الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول “تغير المناخ” عام 2022، خلال الفترة من 7 – 18 نوفمبر 2022، والذي سيقام في مدينة شرم الشيخ، وسيعمل على تقديم المحادثات العالمية بشأن المناخ، وتعبئة العمل، وإتاحة فرصة هامة للنظر في آثار تغير المناخ في أفريقيا.
فعلى سبيل المثال وليس الحصر من ناحية التمويل المناخي، نجد أن أزمة المناخ أثرت على البلدان الضعيفة التي لا تمتلك الأموال، ولم يكن لديها قدرات أو تمويل لتخفيف التأثيرات أو التداعيات الناجمة من “التغير المناخي”، وفي عام 2009، التزمت البلدان ذات الدخل المرتفع والمتسببة في انتشار الانبعاثات الناجمة عن منتجاتها، بتقديم 100 مليار دولار أمريكي لتمويل قضايا المناخ سنويًا حتى عام 2020، لمساعدة البلدان النامية على التعامل مع تأثيرات أزمة المناخ، لكن لم يتم تحقيق هذا الهدف للتمويل المناخي خلال عامي 2020 و2021.
كما أنه من الممكن أن تتأثر مصر “بالتغيرات المناخية”، من حيث اختلاف فصول السنة وانحراف درجات الحرارة بشكل كبير، وقد تهدد بعض المحافظات مثل الإسكندرية والدلتا لارتفاع منسوب البحر، مما يؤثر على طبيعة البحيرات داخل الدلتا وبالتالي ستكون لها تأثير كبير علي حياة الكائنات البحرية داخل البحار والبحيرات، هذا بخلاف إن تأثير “التغير المناخي” قد يمس القطاع الزراعي، حيث أن المحاصيل الزراعية تحتاج طبيعة معينة ودرجات حرارة معتدلة، كل ذلك وأكثر دعا لإعادة النظر لعلاج هذه الظاهرة وتداعياتها عالمياً ومحلياً، خاصة بعد الإعلان عن تجهيز مصر لاستضافة الدورة الـ27 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول “تغير المناخ” في مدينة شرم الشيخ، بالإضافة إلى أن مجموعات العمل بالمجلس الوطني المصري “للتغيرات المناخية”، الذي يضم مسئولين وخبراء فنيين من جهات حكومية مصرية حرص بالعمل على الحزمة الأولى من البرامج والمشروعات المقترحة للتمويل لمواجهة تغير المناخ، تضم مشروعات متعلقة بـ”الهيدروجين الأخضر”، و”النقل الكهربائي”، وبرامج لما يُعرف بـ”التقاط الكربون وتخزينه”، وإنتاج محاصيل متوائمة، وكذلك حرصت مصر بالعمل على مشروعات عديدة أخرى من شأنها “التكييف” على آثار تأثيرات “التغير المناخي” وأخرى “التخفيف” منها.
ما بين الحاضر والمستقبل وما هو متوقع، والخسائر والأضرار من التداعيات زخمًا كبيرًا، يجب أن ينال قدر كبير من الاهتمام والعناية والتسابق والتعاون بين الجميع، للحد من هذه ظاهرة التي قد تؤثر على العالم أجمع، وها هي البداية لتنفيذ الوعود في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ Cop 27 خلال الفترة من 7 – 18 نوفمبر 2022، في مدينة شرم الشيخ، الذي يحسم الأمر “بالتكييف” على آثار تأثيرات “التغير المناخي” و”التخفيف” منها.