بحضور الرئيس الصيني والزعماء العرب والمنظمات الدولية.. إنطلاق القمم الثلاث الصينية العربية بالسعودية اليوم
قضايا النفط والتغييرات المناخية والغذاء والتكامل الاقتصادي والأمن تتصدر المباحثات
تقرير- د. أسامة زايد
تشهد المملكة العربية السعودية صباح اليوم ثلاث قمم ( سعودية صينية- خليجية صينية- عربية صينية) في ظل أجواء مضطربة وانقسامات سياسية كبيرة داخل المجتمع الدولي وأزمات غذائية وصحية ونقص في مصادر الطاقة واختلال في موازين القوي الدولية، بعد انسحاب الدور الأميركي من أجزاء واسعة من العالم ومن الواضح ان العالم العربي يسعي جاهدا إلي حجز مقعد متقدم بين الكبار واستغلال القدرات الاقتصادية لديه لتكون أوراق ضغط لتحقيق مصالحه وخاصة بعد الحرب الروسية الأوكرانية واحتياج أوروبا وأمريكا إلي النفط العربي
ومن المتوقع حضور اكثر من ثلاثين زعيم ومنظمة دولية في مقدمتهم الرئيس عبد الفتاح السيسي والملك سلمان بن عبد العزيز و الامير محمد بن زايد والملك عبد الله الثاني وعبد العزيز تبون وقيس سعيد والأمير تميم بن حمد
القمة الأولي السعودية الصينية
تأتي هذه القمة بينما تشهد الرياض وأمريكا حالة من التوتر وعدم الانسجام بسبب قرار السعودية السيادي في خفض إنتاج النفط من خلال تحالف “أوبك ” وعدم الانصياع لإدارة الرئيس بايدن الذي طالب من السعودية زيادة الانتاج معتبرا ذلك اصطفافًا إلى جانب الروس في حرب أوكرانيا.
تشهد العلاقات السعودية الصينية تطورا كبيرا في شتي المجالات والتي بدأت منذ أكثر من ثمانين عاما علي شكل علاقات تجارية بسيطة واستقبال الحجاج الصينيين، وأخذت هذه العلاقات الطابع الرسمي منذ عام 1990 وتم تبادل البعثات الدبلوماسية وإقامة العلاقات علي كافة المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، واحتلت الصين مركز الشريك التجاري الأول للمملكة لآخر 5 سنوات ومن المتوقع أن يقوم الرئيس الصيني شي جين بينغ وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالتوقيع علي أكثر من 20 اتفاقية أولية بقيمة 110مليارات ريال والتوقيع علي وثيقة الشراكة الاستراتيجية بين المملكة والصين وفق رؤية 2030
القمة الخليجية الصينية
منطقة الخليج أكبر مصدر للطاقة علي مستوي العالم والصين ثاني أكبر الدول احتياجا ويعد شريان حياة للدولة الصينية في تحقيق نهضتها الصناعية كما من المتوقع أن تكون الصين بحلول سنة 2030، أكبر سوق للصادرات النفطية الخليجية، متجاوزة الولايات المتحدة الأمريكية واليابان. كما أن دول الخليج سوق واعدة للمنتجات الصينية ذات الأسعار التنافسية ومن الممكن أن تلعب الصين دورا كبيرا في المنطقة لوقف التدخلات الإيرانية حيث تتمتع بعلاقات طيبة مع طهران، ستكون قدرة الصين على تحقيق نوع من التوازن في علاقاتها مع جانبي الخليج اختبارا آخر للدبلوماسية الصينية. كما من المتوقع أن تُستكمل المحادثات حول اتفاقية التجارة الحرة بين الصين ودول الخليج، والتي كانت محور المباحثات التي أجراها الزعماء الخليجيون، عندما زاروا بكين أوائل هذا العام.
القمة الثالثة العربية الصينية
امتدت العلاقات بين الصين والدول العربية إلى أكثر من 2000 عام حيث ربط طريق الحرير القديم الصين بالدول العربية ربطا وثيقا وترك تراثا نفيسا يجسد مجد وروعة الحضارتين الصينية والعربية.
في منتصف القرن العشرين ومع التغيرات الهائلة التي شهدها الوضع الدولي دخلت العلاقات الصينية – العربية حقبة جديدة حيث اقامت الصين علاقات دبلوماسية طبيعية مع ال 22 دولة عربية
وعلى الرغم من المكانة الدولية المتزايدة للصين، إلا أن المتخصصين في سياستها الخارجية يصرون على أن لديها القليل من الطموحات نحو هذا النوع من الدور التدخلي العالمي الذي لعبته الولايات المتحدة كقوة عظمى ولا سيما فى قضايا الشرق الأوسط وعلى رأسها القضية الفلسطينية. بدلاً من ذلك، أصبحت الأولوية الأولى للصين في الوقت الحالي هو الحفاظ على نظام عالمي مستقر مع علاقات اقتصادية وتجارية جيدة مع العالم تمكنها من الحصول على المواد الخام والطاقة، والاستمرار في شراء منتجاتها دولياً.
كما تمثّل مبادرة “بناء الحزام والطريق” التي أطلقتها الصين عام 2013، لإحياء طريق الحرير القديمة وطريق الحرير البحرية، وتشغل المنطقة العربية حيزًا مهمًا في تنفيذها، مناسبة للبحث فى العلاقات العربية – الصينية في إطار تنويع الشراكات بين العرب والقوى الصاعدة في العالم، بدلًا من الاستمرار في الاعتماد المفرط على الغرب في مجالات سياسية واقتصادية وأمنية متنوعة. وكذلك الخطاب الشهير للرئيس الصينى في الجامعة العربية فى يناير 2016وتم إقرار وثيقة رسمية هي الأولى من نوعها التي تصدر حول سياسة الصين تجاه الدول العربية، استعرضت خلالها الروابط التاريخية التي تجمع الصين بالدول العربية، والسياسات ومجالات وآفاق التعاون المشترك .
ومن المتوقع أن تشهد القمة العربية الصينية مباحثات حول أزمة الطاقة، والغذاء، والتغييرات المناخية والحرب الروسية الأوكرانية، وايجاد سبل لتعزيز التنمية المشتركة ضمن مبادرة “التنمية العالمية”، كما سيتم التوقيع على العديد من مذكرات التفاهم والاتفاقيات في مختلف المجالات منها: الطاقة والطاقة المتجددة والبنى التحتية والعسكرية والتكنولوجيا والذكاء الاصطناعي والتجارة الرقمية والفضاء والأقمار الاصطناعية والصحة والسيارات الكهربائية وغيرها، والاتفاق على زيادة الاستثمارات الصينية في العالم العربي والاسثمارات العربية في الصين
كما سيكون ملف الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط حاضراً ضمن المباحثات بين الجانبين، حيث حاولت الصين مراراً عرض وساطتها لحل الخلافات بين دول المنطقة. ومن المحتمل أن تستكمل مساعيها للسير بمبادرة السلام الصينية التي تتألف من 5 نقاط وتشمل “الدعوة إلى الاحترام المتبادل، الالتزام بالعدالة والانصاف، تحقيق عدم انتشار الأسلحة النووية، العمل على تحقيق الأمن الجماعي، وتسريع وتيرة التنمية والتعاون”، ورعاية مباحثات اسرائيلية – فلسطينية وتقديم وساطتها لحل الخلافات بين إيران والسعودية.