بقلم / أحمد عبد الحليم
بين عشية وضحاها تهبط علينا خرافات الفراغ من ألعاب قد تؤدي إلى دمار ممارسيها بالإصابة بأمراض نفسية وتخيلات ليس لها وجود، فمنذ فترة قصيرة ظهرت لعبة الحوت الأزرق التي أثارت جدلاً واسع النطاق بين أفراد المجتمع من خطرها، وليست هذه اللعبة فقط بل تتوالى إنتشار الألعاب التي ليس لها هدف أو نتيجة إلا تدمير ممارسيها وأغلبهم من الأطفال والشباب، فلم تكن المشكلة في إنتشار تلك الألعاب والتعرف على خطرها للبعد عنها، ولكن المُعضلة في إستدامتها بين الشباب وعودتها من جديد، ورغم تعرف الناس على خطرها الشديد منذ سنوات عديدة، إلا إنها عادت من جديد لتثير الذعر بين الناس، وفي سطور هذا المقال سنتعرف على لعبة مدمرة للنفس أثارت جدلاً بين أفراد المجتمع تم تسميتها بلعبة “تشارلي”.
بطبيعة الحال لا مانع من المعرفة والقراءة في كل المجالات، وذلك من باب أن المعرفة والثقافة لإنها مطلوبة وتُعد أمر ضروري حتى تزخر العقول بالمعلومات المفيدة التي تُعين الإنسان في حياته، وأن يفرق بين الحقيقية والخيال، ويحدد الخطأ من الصواب، من خلال رؤية ثاقبة واعية بالأمور، وهذا هو ما يعرف بالتفكير العميق المثمر بالإيجابيات، حيث تعلم الفرد مثمر ويترك أثراً مفيداً وموروثاً له قيمة للآخرين.
كما أنه ليست الفاجعة أن نفاجأ بلعبة مرعبة تثير الجدل فحسب ولكن الأمر المرعب والمدمر بعد عودتها وتكرار سيرتها وممارستها من بعض الشباب ويثار عليها الجدل بعد سنوات عديدة من جديد رغم التأكد من أنها أكذوبة، ما يدل على أن البعض لديهم فراغه شديد وقاتل يجعلهم يسترجعون دفاتره القديمة.
تقوم فكرة هذه اللعبة على إستخدام الأوراق والأقلام الرصاص بطريقة معينة ودعوة شخصية أسطورية جنية أو ميتة تسمى “تشارلي”، وهي عبارة عن وضع قلمين متعاكسين كعلامة ( + ) على ورقة عليها صورة مخيف ومسطر عليها أربع مربعات موضوعة فوق طاولة، ثم يكتب داخل المربعات الأربع مرة “نعم” ومرة “لا” بحيث كل كلمة تقابل مثليها بشكل المقاصة، ثم يسأل من يريد أن يلعب هذه اللعبة أي سؤال لتشارلي بشرط أن يقترب قمه من القلمين والورقة، متخيلاً أنها ستجيبه فإذا تحرك القلم جهة كلمة “نعم” يعرف إن تشارلي موافقة وإذا تحرك القلم على كلمة “لا” يعلم إن تشارلي غير موافقة، ويدّعون إخبارهم عما في المستقبل أو الغيب على غير الحقيقة.
إن لعبة تشارلي جريمة بما تحمل الكلمة من معنى، خاصة بعد تداولها على مواقع التواصل، والتي إنتشرت من خلال فيديوهات على الإنترنت منذ عام 2015 تقريباً، وتجددت بالانتشار في الآونة الأخيرة بين الشباب والأطفال ما بين الغموض والمرح، إلا أن انتقادات عديدة وجهت لهذه اللعبة، بسبب قيامها على فكرة قراءة “معوذات تستدعي الشياطين أو الأرواح الشريرة” كما أشيع مؤخراً، فحسب الرواية ترجع ممارسة هذه اللعبة إلى المكسيك منذ العديد من السنوات، فغالبًا ما تأتي الأساطير المكسيكية من تاريخ الأزتك والمايا القديمين، أو من المعتقدات العديدة من سكانها الأوائل، والآن تم عودة هذه اللعبة بالذعر لأفراد المجتمع خوفاً على أبنائهم وبناتهم، الأمر الذي يحتم المزيد من التوعية حتى لا يقع الشباب في براثن مروجي الألعاب الخطيرة.
تجدد الحديث عن هذه الجريمة المتمثلة في لعبة تشارلي، بعد إنتشار أنباء عن نقل طالبة من إحد المدارس الإعدادي بمنطقة إمبابة بالجيزة، إلى المستشفى لإصابتها بحالة من الهياج العصبي، بعد أن قررت هي ومجموعة من زميلاتها اللعب بلعبة تشارلي التي يقمن فيها باستدعاء أرواح وشياطين، حسب ما أُشيع مؤخراً، ما أدى إلى انتشار حالة من الهلع بين أولياء الأمور تخوفاً على أبنائهم وبناتهم.
بالطبع لا غرابة أن يصاب الأبناء والبنات بالذعـر والخوف إذا لعبوا هذه اللعبة؛ فإن الشيطان يتسرب منها إلى قلوبهم ليغرس فيها أنواع من المخاوف، مع أن المطلعين على اللعبة يدركون تمام الإدراك أنه لا علاقة للجن في الإخبار عن الغيب، إنما هي مجرد خرافات جاءت من الفراغ الشديد وعدم متابعة الأسر لأبنائهم وبناتهم، فقلم رصاص موضوع على آخر بشكل عكسي متأرجح بالطبع سيتحرك بأقل كمية من هواء من فم الذي يلعب خاصة وأن كلمة تشارلي بها العديد من الحروف الانفجارية التي تحبس الهواء لدى الإنسان ليخرج بشكل انفجاري بعد نطق الكلمة، فما بالكم إذا تم استبدال كلمة تشارلي بكلمة بها حروف مهموسة لا تخرج هواء شديد من الفم أثناء الكلام مثل سيد أو سوسن أو ياسر وغيرها فهل سيتحرك القلم؟ بالطبع لا، ولذلك يدرك العقلاء جميعاً بأن ما تردد بخصوص هذه اللعبة ليس بحقيقة ولكن وهم وضرب من الخيال تم تأثيره على بعض الشباب كان لديهم إستعداد لتصديقه ولكن على غير الحقيقة، حيث أن الخرافات تروج وتسري وتتقبلها القلوب الضعيفة، وأول هذه القلوب قلوب الصبيان والبنات، لإنهم الهدف الأسهل للوقوع تحت وساوس الشيطان وأساليبه.
وأخيراً، إن الأمر يحتم إلقاء الضوء على أهمية التوعية والإهتمام بالشباب لإنهم جيل المستقبل، وذلك بالتوجيه إلى بناء عقولهم بالتعلم والثقافة وغرس العقائد الصحيحة في نفوس، حتى يعتادوا وينشغلوا بالبحث عن ما هو مفيد وينصرفوا عن الفراغ المؤدي إلى الخيال بممارستهم لمثل هذه الألعاب الخطيرة التي لا تثمن ولا تغني من جوع، وبالتالي سيكون الأثر الإيجابي واضح وضوح الشمس في ثمرة إيجابية تتحقق في الشباب لإعداد جيل المستقبل من يدفعوا بالمزيد من النهوض بالبلاد.