لأول مرة في سلطنة عُمان والمنطقة .. تسيير أول حافلة تعمل بالوقود الحيوي المستخرج من نواة التمر
كتب / رأفت حسونة ووفاء الشابوري
في إنجاز يعزز استخدامات الطاقة النظيفة بسلطنة عمان، نجحت جامعة السلطان قابوس في تسيير أول حافلة بواسطة الديزل المدمج مع الوقود الحيوي والمنتج في مختبرات الجامعة تم استخراجه من نوى التمر، وهو إنجاز يعد الأول من نوعه في المنطقة، ويعزز توجهات سلطنة عمان نحو الحياد الصفري الكربوني.
وانطلقت الحافلة التي تتبع شركة النقل الوطنية العمانية “مواصلات” من أمام مركز جامعة السلطان قابوس الثقافي في الخوض سالكة شارع السلطان قابوس وصولاً إلى قصر العلم العامر ومن ثم العودة إلى نقطة الانطلاق.
وقال الدكتور فهد بن الجلندى آل سعيد، رئيس الجامعة إن هذا الحدث يترجم أهمية التعاون والتكامل بين مؤسسات البحث العلمي، والقطاعين الحكومي والخاص في تنفيذ هذا النوع من المبادرات الوطنية التي تحقق جملة من الأهداف الاستراتيجية، من ضمنها الارتقاء بمنظومة البحث العلمي في سلطنة عُمان، وتحويل المعرفة إلى عائد اقتصادي من خلال إيجاد حلول وبدائل للتحديات التي تواجه القطاعات الاقتصادية.
من جانبه قال المهندس خميس الشماخي، وكيل وزارة النقل والاتصالات وتقنية المعلومات للنقل: إن هذا الإنجاز يتواكب مع مبادرات الحكومة للتحول نحو الطاقة المتجددة؛ إذ يمثل قطاع النقل جزءاً كبيراً من الانبعاثات الكربونية الحالي، ومن بينها خدمات النقل العام التي تقوم شركة مواصلات بتشغيلها، وبالتالي تسهم هذه النوعية من المبادرات وبشكل كبير في عملية التوازن الكربوني. وأشار إلى أهمية تكثيف الجهود والتعاون بين مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي والقطاعين العام والخاص، للدفع بالمزيد من هذه المبادرات الوطنية التي ستسهم في تمكين قطاع النقل من بلوغ الأهداف الوطنية والوصول إلى الحياد الصفري الكربوني بحلول العام 2050.
يعد هذا الإنجاز العلميّ أحد مخرجات المشروع البحثي العلمي الذي تقوده جامعة السلطان قابوس بإشراف فريق علمي يضم كلا من الدكتورة لمياء بنت عدنان الحاج، أستاذ مشارك في كلية العلوم، والأستاذ الدكتور علاء حامد المحتسب، نائب مدير مركز أبحاث الطاقة المستدامة في الجامعة.
وقالت الدكتورة لمياء الحاج: إن للوقود الحيوي أنواعاً كثيرة إذ يعتمد على المصدر الأساسي لصناعته وآلية الإنتاج، وما يميز الوقود الحيوي هذا هو المصدر الأساسي له ألا وهو نواة التمر، والفكرة تكمن في إمكانية تحويل هذه المخلفات إلى مصادر للطاقة المتجددة، وما يميز هذا المشروع هو تسيير حافلة مزودة بوقود حيوي من نوى التمر، إذ إن الأنواع الأخرى من الوقود الحيوي قد تم إثبات منفعتها منذ فترة للمركبات، وهو ما يسمى بالاقتصاد الدائري، وهذا النوع من الأبحاث في إنتاج الوقود الحيوي من مخلفات التمور يدعم توجهات سلطنة عمان نحو تحقيق الحياد الصفري الكربوني، ونحن كباحثين نبحث في المجالات التي تساهم بشكل مباشرة في تحقيق تطلعات البلاد فيما يتعلق بالطاقة النظيفة، ونطمح إلى تحقيق استخدام 30% من الطاقة المتجددة بما يتوافق مع رؤية عمان 2040.
وأشارت إلى أن الوقود الحيوي لن يكون بديلاً للوقود الأحفوري لأن كميات الطاقة التي يحتاجها العالم بشكل يومي تحتاج إلى الكثير من البدائل من الطاقة النظيفة لنصل لمستوى استخدام العالم من الوقود الأحفوري، أي أن الوقود الحيوي سيسهم في تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري ولكن لا نتوقع أن يكون بديلاً شاملاً إلا بتضافر الجهود من مختلف قطاعات الطاقة النظيفة الشمسية منها والرياح والهيدروجين وغيرها، مشيراً إلى أن احتراق الوقود الحيوي في محرك الديزل يقلل من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون والملوثات الأخرى.
ويهدف المشروع إلى إنتاج ديزل حيوي مستخلص من زيت نوى التمر باستخدام محفز كيميائي مبتكر قابل لإعادة التدوير، وبذلك يخفض تكلفة الإنتاج ويكون منافسا تجارياً، إذ بدأ المشروع في عام 2015 هادفاً إلى إيجاد طريقة جديدة ذات كفاءة عالية لاستخلاص أكبر كمية من زيت نوى التمر يمكن استخدامها لتشغيل محركات الديزل في المركبات.
وقد استغرق الفريق في ابتكار الحلول المثلى وإيجاد الطرق المناسبة للحصول على التركيبة المستهدفة من الديزل الحيوي في المختبرات البحثية، وتم فحص المنتجُ في مختبرات جامعة السلطان قابوس بالإضافة إلى مختبرات دولية (مختبرات كلية لندن الجامعية UCL) للتأكد من جودته ومقارنة الانبعاثات الصادرة عن حرقه مع الديزل الاحفوري، وأثبتت التحاليل التي نشرت نتائجها في دوريات علمية محكمة؛ جودة المنتج وتقليله من الانبعاثات الملوثة للبيئة.
كذلك ترجم هذا النجاح العلمي بحصول الفريق البحثي على تمويل من شركة تنمية نفط عمان للعمل على المرحلة الثانية لإنتاج أول 100 لتر من الديزل الحيوي بالإضافة إلى إجراء تجارب إضافية لإنتاج منتجات ثانوية مثل الجليسيرول المستخدم في الكثير من الصناعات والسولكيتال المستخدم كمحفز للوقود ووقود الطائرات وغيرها من المنتجات الثانوية لرفع القيمة الاقتصادية للمشروع.