“القوة الناعمة وبناء الوعي” على مائدة ملتقى الهناجر الثقافى
كتبت / علا إبراهيم
تحت رعاية الدكتورة نيفين الكيلانى وزيرة الثقافة، أقام قطاع شئون الإنتاج الثقافى برئاسة المخرج خالد جلال، ملتقى الهناجر الثقافى الذى جاء هذا الشهر تحت عنوان “القوة الناعمة وبناء الوعي”، أمس الجمعة، بمركز الهناجر للفنون برئاسة الفنان شادى سرور .
أدارت الملتقى الناقدة الأدبية الدكتورة ناهد عبد الحميد مدير ومؤسس الملتقى، التى رحبت فى بداية كلمتها بالسادة ضيوف الملتقى، وقالت إننا نودع بعد ساعات عام يحاول ان يطوى أوراقه ويذهب بكل مافيه من تحديات ويترك لنا أيضا نصيبنا من التحديات، ولكن هناك المزيد من الفرص، ونستقبل عام جديد ندعو الله أن يكون عام خير وأمن وأمان على العالم كله، وأكدت أن القوة الناعمة هى المفهوم المقابل للقوة الصلبة والخشنة أو العسكرية، وإن كانت القوة العسكرية فى كثير من الأحيان تقوم بمهام القوة الناعمة مثل المعونات العسكرية والمناورات العسكرية، وما تقوم به الشئون المعنوية بالقوات المسلحة والهيئة الهندسية من مؤتمرات وندوات تثقيفية وأفلام تسجيلية وثائقية .فقط عندما تستخدم الذخيرة الحية تكون هنا قوة خشنه
وأضافت عبد الحميد، أن القوة الناعمة متعددة الروافد والتى هى بدورها متعددة المحاور والرؤى، والقوة الناعمة هو مفهوم دقيق وحساس وجميل، فكيف لبعض هذه القوى أن تتوحش وتصبح بدلا من أن تكون سبيلا للعلم والمعرفة، مشيرة إلى أن وظيفة القوى الناعمة هى التغيير والتغير للأفضل وكيف يكون الانسان أكثر انسانية أكثر استنارة، القوى الناعمة تساعد الانسان أن يتشرب الثقافات والمعارف المختلفة، وتساعده أن يؤمن بالتعدد الثقافى، ويكون أكثر ابداعا، وأكثر مقدرة على التسامح والمحبة بالدرجة الاولى، وتحرره مما قد يترسب فى نفسه من امراض ومشكلات وامراض مجتمعية نتيجة لبعض السلبيات والصراعات التى قد يمر بها الانسان في مجتمع من المجتمعات .
“بسم الإله الواحد الذى نعبده جميعا”، بهذه الكلمات بدأ نيافة الحبر الجليل الأنبا إرميا الأسقف العام رئيس المركز الثقافي القبطي الأورثوذكسي، حديثه مهنئا الجميع بالعام الميلادى الجديد، وقال إن المركز الثقافى القبطى يعد أحد أذرع القوة الناعمة فى مصر، القوى الناعمة تعرف بقدرتها على التأثير ، وهى سلاح مؤثر يحقق الأهداف عن طريق الإقناع بدل من الأرغام والضغط بالقوة العسكرية، وهى ايضا السلاح الأقوى لمواجهة كافة أوجه التطرف والإرهاب، ومصر دائما لها مكانة ثقافية وفنية متميزة وشهدت نهضة ثقافية وفنية وإعلاء شأن المرأة، وعلينا أن ندرك دور الثقافة فى مرحلة الإصلاح فى ظل الجمهورية الجديدة.
وأشار الأنبا إرميا إلى أن مصر تعد من أولى الدول التى انفتحت على الدول الغربية من خلال السينما والدراما وعروض الأوبرا والشعر والأدب وغيرها، وأكد على أهمية قيام رجال الدين بإبراز السمات والأخلاق الطيبة، ونبذ الإرهاب والعنف، ونزع الكراهية وبث الحب والحرية الحقيقية من خلال الخطاب الدينى الذى له أكبر تأثير على أفراد المجتمع .
وعن الإعلام ودوره فى المجتمع، قال الكاتب الصحفي عماد الدين حسين رئيس تحرير جريدة الشروق، إن الإعلام له تأثير كبير كأحد أذرع القوة الناعمة، والإعلام هو ناقل للخبر، وإذا صلح المجتمع صلح الإعلام وتواجدت الشفافية والمصداقية فى نقل الخبر عن الحدث، وأن القوة الناعمة فى اعتقاده هى حصيلة لعدد من القوى منها القوة العسكرية.
مشيرا إلى ان مفهوم القوة الناعمة هو أن تجعل الآخرين يتبعون النموذج الخاص بك، وليس هناك تعارض فى تواجد القوة الصلبة مع القوة الناعمة، وعلينا مواجهة التيارات الفنية والثقافية السيئة وغير الهادفة، والتصدى لها من خلال تقديم الأعمال الجيدة والنماذج الحقيقية المشرفة، وعلينا أن نناقش أى سلبيات فى المجتمع بهدوء ونستمع لمقترحات وحلول الآخرين بصدر رحب ودون تشدد .
من جانبه أكد الفنان المهندس محمد ثروت، أن القوة الناعمة تكمن داخل الإنسان نفسه، وبعودة الإنسان لقيمه ومبادئه المصرية الأصيلة التى لاتتغير، تعود القوة الناعمة لوجدان الانسان، منوها إلى أن القوة الناعمة المصرية علمت العديد من شعوب العالم من خلال الأخلاق الطيبة والأصالة المصرية، ولكن اليوم فى كثير من الأحيان، نجد الدراما والغناء يتضمن كل منهما سلوكيات ليست من تراثنا ولا عاداتنا وطبيعتنا المصرية الأصيلة .
وأضاف الفنان محمد ثروت، أنه يستطيع كل فرد أن يشكل عنصر أساسى فى المجتمع من خلال تعاونه مع الآخرين وانتهاج السلوكيات والأخلاق المصرية الطيبة، وبلادنا بلد راسخة ومعانيها ضاربة فى جذور التاريخ، ويجب على الجميع التكاتف معا لخدمة بلدنا والتصدى لأى هجمات تحاول تشويه حضارتنا وثقافتنا وتاريخنا .
وأوضح الأستاذ الدكتور صلاح هاشم أستاذ التنمية والتخطيط بجامعة الفيوم ومستشار وزيرة التضامن، أنه أذا فشلت القوة الناعمة فى أداء مهامها، نحتاج وقتها للقوة العسكرية، ونعلم جيدا أن أى مستعمر يعلم مدى تأثير وأهمية الثقافة والقوة الناعمة والوعى، لذا كان المستعمر فى الماضى يحرق المكتبات، ويبعد الشعب عن التعليم والثقافة تماما، والاستقرار الحقيقى هو الذى ينتج عن استقرار ونهوض القوة الناعمة .
مشيرا إلى أن وعى الفرد هو مسئولية الإعلام، الذى يقوم بتصحيح المفاهيم والمعلومات المغلوطة، وبالتالي يؤثر على تشكيل الوعى فى المجتمع، وكلما ارتفع مستوى الثقافة والتعليم والوعى والذوق العام، كلما تواجدت أجيال على مستوى عالى من الثقافة والفن بمختلف مجالاته .
من جانبه أكد الفنان طارق الدسوقى، أن كل ماله علاقة بالثقافة والفن والإبداع والإختراع كان أساسه ومنبعه مصر، لذا استطاعت مصر أن تحافظ على الهوية المصرية بكل ماتحمله من حضارة وموروث ثقافى وفنى، فالقوة الناعمة فى مصر خاصة تملك المحتوى وشديدة التأثير على الأفراد فى صياغة عقلها ووجدانها خاصة على الشعب المصرى، من هنا فطن أعداء الوطن لهذه المسألة وبدأوا فى التخطيط لغزو ثقافى وفكرى وإبداعى ممنهح وليس صدفة على الإطلاق، .
وأوضح الدسوقى أنه إذا أردنا إعادة صياغة فكر ووجدان المجتمع بما يتناسب مع المرحلة الراهنة التى تواجه الكثير من التحديات والمخاطر، فيجب أن يرسخ أى عمل فنى الهوية المصرية بكل ماتحمله من عادات وتقاليد وقيم ولغة، وان يعمل على ترسيخ روح الانتماء وحب الوطن لدى الشباب، ويؤكد على مفهوم الوحدة الوطنية وأن صمام الأمان للوطن هو فى ترابط شعبها إلى قيام الساعة، ويلقى الضوء على فترات ونماذج مشرفة ومشرقة، ويخوص فى مشاكل وهموم الناس ويحاول طرح حلول لها .
وتضمن الملتقى باقة من الفقرات الغنائية قدمتها فرقة شموع الموسيقية بقيادة الفنان سعيد عثمان، الذى تغنى والمطربة أسمهان عادل، بمشاركة مطربين من ورشة الهناجر “نهى المصرى وعبد الرحمن عبدالله”، بباقة متنوعة من أغانى كبار نجوم الطرب، منها “أحلف بسماها وبترابها، عليك صلاة الله وسلامه، أمتى الزمان يسمح ياجميل، بتسأل ليه علية، أمانة عليك يا ليل طول، لما راح الصبر منه، سحب رمشه”، وتغنى الطفل الموهوب محمد الخولى بأغنية ” ثلاث سلامات” .