الفن والحياة
بقلم / المفكر د. سامح مهران
عندما اعتلى ستالين سدة الحكم فى الإتحاد السوفيتى قال جملة استوقفتنى كثيرا وجعلتنى اعاود قراءة كل التراث المسرحى منذ اليونان القدماء وحتى اللحظة الحاضرة.
قال ستالين:الأدباء والفنانون هم مهندسو النفس البشرية.
فى هذه الجملة يكمن الفرق بين الفن والحياة؛فالفن يعطيك إمكانية واحدة مفترضة للوجود الانسانى ويلغى ما عداها من إمكانيات واحتمالات مغايرة ومرنة لذلك الوجود. . ومن هنا عكس الفن عالما وهميا تم تسويقه للجماهير بوصفه الحقيقة التى ينبغى الأخذ بها وتبنيها فى السلوك الاجتماعى. وفي القرن العشرين؛قال الناقد “والتر بنيامين “فى مقال شهير له بعنوان “the work of art ” in the age of mechanical reproduction إن العبق والهالة الفنية المرتبطة بما يسمى الأعمال الأصلية للفن؛إنما هى نتاج للتاريخ والايديولوجيات؛وليست وليدة للعمل الفنى ذاته “.
من هذين المقولتين السابقتين؛بدأ انفصال المسرح عن ما بات يسمى العرض الفنى الذى يعتمد على اظهار ذاتية الممثل العارض؛وعلى إزالة الكوابح داخل نفسه؛والافراج عن المكبوت .
أصبحت النظرة إلى الثقافة وكأنها عامل مسيطر ومهيمن على ماهو طبيعى فى الانسان؛لذا تمت اماتة المؤلف المشتبه بالاله(على حد تعبير رولان بارت؛ثم سرعان مالحقه المخرج المسرحى؛واصبحت العروض الفنية تعتمد على الجموع الإبداعية(إذ تتفاعل داخلها تدخلات ذوات العارضين والمشاهدين سواءا بسواء بحوارات ونقاشات وتفاوض بينهم مستمر ).
بالطبع بدات العروض الفنية بالحياة اليومية التى افصحت عن بدائل مرنة وديناميكية مغايرة لما يطرحه المسرح الذى تتبناه السلطة السياسة فى الغرب الاوروبى والأمريكي؛لكن هذه السلطة السياسية اصبحت اكثر مكرا هى الأخرى؛فما ان تظهر تيارات مضادة للسلطات القائمة؛إلا وتم ضمها الى التيار الرسمى حتى تلعب دورها تحت اعينها.
للحديث بقية.