“يوم أسود في باريس “.. و مظاهرات مليونية بسبب قانون ” سن التقاعد “
توقف حركة السياحة بسبب غلق برج ايفل وقوس النصر وقصر فرساي.. وأثرت الاحتجاجات بشكل كبير على حركة السكك الحديد وقطارات الأنفاق في باريس
كتب / محمد مصطفى
أكدت معظم الصحف الفرنسية باعتقال 566 محتجا في باريس وإصابة أكثر من 130رجل أمن في تظاهرة مليونية.
وكانت المظاهرات المليونية احتجاجا على إصلاح نظام التقاعد في فرنسا على زخمها الكبير الخميس بعد أسبوع على إقراره من دون تصويت في الجمعية الوطنية، فيما اتسم يوم التحرك التاسع هذا بارتفاع العنف في الشارع وأعلن عن تواصل التحرك الأسبوع المقبل.
وأضافت المصادر ان يوم التحرك الوطني وهو التاسع منذ يناير لكنه الأول منذ لجأت الحكومة الفرنسية إلى بند دستوري خولها تمرير المشروع من دون تصويت في 16 مارس، جمع في أكثر من 300 مدينة 3,5 ملايين شخص بحسب نقابة “سي جي تي” CGT و1.08 مليون بحسب الشرطة.
وشهدت باريس عددا قياسيا من المتظاهرين فيما التعبئة ارتفعت على مستوى البلاد مقارنة بيوم التحرك الثامن في 15 مارس عندما نزل 480 ألف شخص إلى الشوارع في أرجاء فرنسا بحسب تقديرات وزارة الداخلية. وتحدثت النقابات عن مستوى مماثل لذلك المسجل في 7 مارس.
إلا أن المشاركة لم تصل إلى مستوى قياسي..
وتمني مصدر مقرب من الحكومة أن “تتلاشى “الحركة الاحتجاجية وأن “تعود الأمور إلى نصابها في عطلة نهاية الأسبوع”، دعت النقابات الفرنسية إلى يوم عاشر من الإضرابات والتظاهرات الثلاثاء المقبل.
وأكدت هذه النقابات أنه “فيما تسعى السلطة التنفيذية إلى طي الصفحة، يثبت هذا التحرك العمالي والنقابي المتواصل والمسؤول تصميم أوساط العمل والشباب على التوصل إلى سحب الاصلاح”.
وشددت على أن التظاهرات والإضرابات والتوقف الجزئي عن العمل تشكل “ردا” على “التعنّت غير المفهوم” للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون معتبرة أن الحكومة “تتحمل مسؤولية الوضع المتفجر” مع تكاثر أعمال العنف.
و أعلن وزير الداخلية جيرار دارمانان مساء أمس إصابة 123 دركيا وشرطيا الخميس وتوقيف أكثر من 80 شخصا.
وأعلنت رئيسة الوزراء إليزابيت بورن أن “أعمال العنف والتخريب” التي تخللت التظاهرات “غير مقبولة”.
وكتبت في تغريدة: “التظاهر والتعبير عن المعارضة حق. لكن العنف والتخريب اللذين شهدناهما اليوم غير مقبولين”، معربة عن “شكرها للقوى الأمنية وفرق الإسعاف”.
قال الأمين العام لنقابة “سي اف دي تي” الإصلاحية لوران بيرجيه إنه لاحظ “تحسنا في التعبئة” ودعا إلى عدم اللجوء إلى العنف فيما تأخذ الحركة الاحتجاجية منحى أكثر تشددا.
ورأى نظيره في نقابة “سي جي تي” فيليب مارتينيز وهو يقف إلى جانبه أن الرئيس الفرنسي إيمانيول ماكرون “ألقى صفيحة بنزين على النار” خلال مقابلة أجراها الأربعاء حافظ فيها على موقفه الحاد أحيانا، مجددا التأكيد على “ضرورة” اعتماد هذا الإصلاح.
وأشار مارتينيز إلى أن النقابات وجهت قبل أسابيع رسالة إلى رئيس البلاد للفت انتباهه إلى “الوضع المتفجر” في البلاد.
في باريس أعلنت نقابة CGT نزول 800 ألف شخص إلى الشارع. وقد اندلعت سريعا أعمال عنف في مقدم الموكب مع إلقاء حجارة وزجاجات ومفرقعات على القوى الأمينة فيما حطمت واجهات محال تجارية ومحطات حافلات مع إضرام النار في سلال المهملات.
أعلنت الشرطة توقيف 14 شخصا قبيل الساعة 17,00 (16,00 ت غ).
وقالت إن “نحو ألف” من العناصر المتطرفين متواجدون في التظاهرة مضيفة أن الحوادث محصورة في موكب فرعي فيما موكب النقابات يتقدم “بشكل طبيعي”.
وقعت صدامات أيضا الخميس في نانت ورين في غرب فرنسا بين متظاهرين وقوات الأمن التي ردت على رشقها بالحجارة بإطلاق الغاز المسيل للدموع واستخدام خراطيم المياه.
وسجلت توترات متفاوتة الحدة أيضا في مدن أخرى مثل تولوز وبوردو في جنوب غرب فرنسا وليل في الشمال.
في مواكب المحتجين كان العزم والغضب ملموسين مع قدر كبير من الاستياء حيال رئيس البلاد.
رغم المعارضة الكبيرة لهذا الإصلاح الذي يرفع سن التقاعد من 62 إلى 64 عاما، على ما تظهر استطلاعات الرأي..
أكد ماكرون الأربعاء أن الإصلاح سيدخل “حيّز التنفيذ بحلول نهاية العام” مع تراجع السيولة في صناديق التقاعد وتشيّخ السكان.
وقال فابيان فيلديو المندوب في نقابة SUD-Rail قبل المشاركة في الموكب الباريسي الضخم “أريد أن أشكر إيمانويل ماكرون لأنه بسبب استعلائه يدفعنا كلما تكلم، إلى حمل العلم والتظاهر”.
في ستراسبورغ في شرق البلاد، قالت ناتالي شوليه وهي ممرضة تبلغ السابعة والأربعين إنها تتظاهر “دفاعا” عن مستقبلها و”للاحتجاج على سياسة إيمانويل ماكرون واستهزائه. لا أحب الطريقة التي يتوجه فيها إلى الفرنسيين بعدم احترام فعلي”.
وشهدت المواكب مشاركة لافتة للشباب. وقد تعطلت الدراسة في عشرات من 3750 مدرسة ثانوية وتكميلية ومؤسسة جامعية في فرنسا.
وأثرت الاحتجاجات بشكل كبير على حركة السكك الحديد وقطارات الأنفاق في باريس إذ كانت النقابات دعت إلى “يوم أسود” في هذا القطاع.
وقالت وزارة التحوّل الطاقوي لوكالة فرانس برس أن حصول منطقة باريس ومطاراتها على مادة الكيروسين “بات مهددا” بسبب الاضراب في المصافي.
وأشارت إلى أن الحكومة أصدرت مراسيم لإرغام المضربين على معاودة العمل في مصفاة توتال إنرجي في منطقة نورماندي التي توقف العمل فيها في عطلة نهاية الأسبوع الماضي.
وتأثر السياح بإقفال برج إيفل وقوس النصر وقصر فرساي.
وتعدّ فرنسا من الدول الأوروبية التي تعتمد أدنى سنّ للتقاعد ولو أن أنظمة التقاعد غير متشابهة ولا يمكن مقارنتها تماماً.
وأثرت الاحتجاجات بشكل كبير على حركة السكك الحديد وقطارات الأنفاق في باريس.