– أظنّه تناقضًا غريبًا يلازمني. أتوق لزيارة الغرب، وأجدني أتشبّث بماضينا الجميل وحاضرنا المحزن. لا أخفيك مدى رغبتي بالتّعرف على العالم الآخر.
– هل هو الانبهار بالغرب؟
– لا، الأمر ليس كذلك، أودّ رؤية العالم الّذي يقطن النّصف الثّاني من الكرة الأرضيّة عن قرب. عندي فضول للتّعرف إلى كل جنسيّات البشر. أنا أعشق علم النّفس وعلم الإنسان، كما أعشق المدن. أظنّ ذلك سببًا كافيًا لرغبتي هذه .
– أراه فعلًا تناقضًا، من يعشق هذه الأمور فلا بد أن يتنوّع بقراءاته.
– أظنّك على حق، قد يأتي ذلك اليوم الّذي أقتني فيه أعمالًا عالميّة.
بينما كنت أجوب بعينيّ بعيدًا عن عينيه وقع نظري على يده اليمنى. لاحظت أنّها تفتقد الإصبع الصّغيرة، آلمني المشهد. أخذت نظري بعيدًا بسرعة خاطفة حتّى لا يلاحظ، لكن يبدو أنّ ما فعلته كان عبثًا. قال وكأنّه يجيب على سؤال اعتقد بأنّه يدور بخلدي:
– فقدتّها في أثناء إحدى المظاهرات ضدّ المحتلّين. أصابتها رصاصة مطّاطيّة وكان من اللّازم بترها للمحافظة على بقيّة يدي. ابتسمت، وعجزت عن متابعة الحديث، عندها نظرت إلى السّاعة، كان عليّ الاستئذان.
– كنت أودّ الاستمرار بالحديث، لكن لديّ محاضرة، عليّ اللّحاق بها. ابتسم وقال:
– أتمنّى أن يتكرّر اللّقاء، رافقتك السّلامة يا عزيزتي
قلت :
– نسرين، اسمي نسرين
– أنا ثائر.
ودّعته بابتسامة، ووعدته بلقاء آخر كما اقترح.
اترك تعليقك ...