رواد المناخ لمؤتمري شرم الشيخ ودبي: العمل المناخي في ٢٠٢٣ يجب أن يتضمن تعاونًا جادًا لتحقيق التحول نحو الإقتصاد الأخضر
كتبت: رشا سعيد
أكد الدكتور محمود محيي الدين، رائد المناخ للرئاسة المصرية لمؤتمر أطراف اتفاقية الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27 والمبعوث الخاص للأمم المتحدة المعني بتمويل أجندة ٢٠٣٠ للتنمية المستدامة، ورزان المبارك، رائدة المناخ للرئاسة الإماراتية لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين COP28، أن أول عملية تقييم عالمي لتنفيذ أهداف اتفاقية باريس والتي سيتم الإعلان عن نتائجها في مؤتمر دبي، سيظهر الحاجة الملحة لتعزيز العمل المناخي لتفادي أسوأ آثار التغير المناخي، وتعزيز التعاون بغرض تحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
وأوضح رائدا المناخ، في مقال مشترك نشرته “إيكونوميست إمباكت”، أن أحدًا من الأطراف الفاعلة سواء كانت الحكومات أو القطاع الخاص أو جمعيات العمل الخيري أو المجتمع المدني لا يمكنه القيام بمهمة تحقيق أهداف المناخ منفردًا، خاصةً أن المهمة تتضمن تحقيق التحول الاقتصادي للتوقف عن استنزاف الطبيعة بحلول عام ٢٠٣٠، والوصول لصافي الانبعاثات الصفري بحلول عام ٢٠٥٠، وتحقيق الصمود في مواجهة تأثيرات التغير المناخي التي أصبح من الصعب تفاديها، وهي أمور يجب تحقيقها بالتزامن مع تحقيق الاستدامة والقضاء على الفقر.
ونوه محيي الدين والمبارك إلى ما شهدته السنوات الأخيرة من تزايد الالتزام من قبل قطاع الأعمال والمستثمرين والمدن والأقاليم والبلدان، إلى جانب ظهور التحالفات التي تحشد التعاون وراء أهداف المناخ، وهو زخم يجب تحويله إلى نتائج ملموسة.
في الوقت نفسه، حذر محيي الدين والمبارك من أن العالم لا يزال بعيدًا عن مسار تحقيق أهداف المناخ، وهو ما سيتضح أكثر مع إعلان الأمم المتحدة لنتائج عملية التقييم العالمي لتنفيذ أهداف اتفاقية باريس قبل انطلاق مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي في ديسمبر المقبل.
وأفاد رائدا المناخ بأن هناك حاجة ماسة للتعاون في ثلاثة مجالات بعينها، وهي التمويل، وتحقيق التكيف والصمود، والطبيعة، لافتين إلى أنهم يعملون على حشد جهود الشركات والمستثمرين والمدن والأقاليم للخروج بالتزامات صارمة تتعلق بهذه المجالات الثلاثة وتعزيز السباق التعاوني نحو التحول الاقتصادي المنشود.
وأكد محيي الدين والمبارك ضرورة زيادة التمويل وإتاحته للمجتمعات والدول الأكثر عرضةً لآثار تغير المناخ دون أن يفاقم ذلك من عبء الديون لديهم، مشيرين إلى أنه رغم أن تقرير “التمويل من أجل العمل المناخي” الذي أصدرها فريق خبراء مستقلين بتكليف من الرئاستين البريطانية والمصرية لمؤتمري الأطراف السادس والعشرين والسابع والعشرين ورواد المناخ قد أكد أن الدول النامية والأسواق الناشئة ستحتاج لنحو تريليون دولار سنويًا من التمويلات الخارجية بحلول عام ٢٠٣٠، إلا أن الدول المتقدمة لم تفِ حتى الآن بتعهدها البالغ قيمته مليار دولار سنويًا فقط لتمويل العمل المناخي في الدول النامية.
وأوضح محيي الدين والمبارك أنه في سبيل سد هذه الفجوة، عقدت الرئاسة المصرية للمؤتمر بالتعاون مع اللجان الإقليمية للأمم المتحدة وفريق رواد المناخ العام الماضي منتديات إقليمية جمعت الممولين والشركات والحكومات وغيرها من الأطراف الفاعلة لعرض أكثر من ٤٠٠ مشروع قابل للاستثمار والتنفيذ بتكلفة إجمالية تبلغ ٥٦٦ مليار دولار، ويتم العمل حاليًا للربط بين هذه المشروعات والبنوك التجارية وبنوك التنمية متعددة الأطراف وصناديق الثروة السيادية والمؤسسات المختلفة، وذلك بهدف تمويل نسبة من هذه المشروعات قبل انطلاق مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين نهاية العام.
وشدد رائدا المناخ على الأهمية البالغة لتحقيق التكيف والصمود في مواجهة تأثيرات تغير المناخ التي أصبح من الصعب تجنبها، وذلك لضمان بقاء المجتمعات وازدهارها في مواجهة الفيضانات والجفاف والأعاصير وغيرها من الآثار السلبية للتغيرات المناخية، لافتين إلى أنه في العام الماضي وحده، تسببت الفيضانات الشديدة في باكستان والحرارة الشديدة في الهند والجفاف في أوروبا والصين وأسراب الجراد في أفريقيا في فقد الأرواح وإعاقة النشاط الاقتصادي ونقص الغذاء.
وأفاد محيي الدين والمبارك بأن جهود التكيف تختلف بحسب مدى تأثر المجتمعات بالظواهر المناخية. لذلك يجب أن تتم جهود التكيف من قبل المجتمعات والدول المتضررة على أرض الواقع، مدعومين بالتمويل والخبرة والموارد الدولية، مشيرين في هذا السياق إلى تحالف الحكومات والوكالات المتعددة الأطراف ومدراء الاستثمار في أفريقيا الذي يتحصل على دعم قيمته ١٥٠ مليون دولار لمساعدة صغار المزارعين في استعادة الأراضي الزراعية المتدهورة في أفريقيا.
ونوه رائدا المناخ، في هذا الصدد، عن أجندة شرم الشيخ للتكيف التي تم إطلاقها خلال مؤتمر الأطراف السابع والعشرين، والتي وضعت 30 هدفًا للتكيف قابلين للقياس في خمسة مجالات مؤثرة هي الغذاء والزراعة، والمياه والطبيعة، والسواحل والمحيطات، والمستوطنات البشرية، والبنية التحتية، لافتين إلى أن فريق رواد المناخ يعمل حاليًا على دعم تنفيذ جدول الأعمال الخاص بهذه الأجندة.
وأكد محيي الدين والمبارك أن استعادة النظم البيئية يأتي في مقدمة الجهود المبذولة لخفض الانبعاثات وتحقيق الصمود في مواجهة التغير المناخي، حيث لن يتحقق أي من هذين الهدفين دون الاستفادة من قدرة الطبيعة على تخزين الكربون وإنتاج الغذاء وتعزيز قدرة الشواطئ على التصدي لارتفاع مستوى سطح البحر وغيرها من خدمات النظام البيئي الأخرى.
وبحسب رائدي المناخ، اعترف العالم في الآونة الأخيرة بأهمية استعادة النظم البيئية وحدد أهدافًا للعمل عليها في هذا الصدد، حيث التزمت الدول في ديسمبر الماضي بالتوقف عن مسببات فقدان التنوع البيولوجي بحلول عام ٢٠٣٠ وحماية ثلث الأراضي والمحيطات، وفي مارس المنقضي، اتفقت الدول على حماية التنوع البيولوجي في المياه الدولية، لافتين إلى أن هذه الاتفاقيات، مثلها في ذلك مثل اتفاق باريس للمناخ، هي خرائط لتوضيح المسارات التي يجب على العالم أن يخطو فيها أولى خطواته ليبدأ التحرك الفعلي نحو تحقيق أهداف المناخ.
وأتم محيي الدين والمبارك بالقول إنه على الرغم من أن عملية التقييم العالمي لتنفيذ أهداف اتفاقية باريس سيوضح قريبًا مدى ابتعاد المجتمع الدولي عن تحقيق أهداف الاتفاقية، ومعاناته من عواقب هذا الابتعاد، إلا أن إصدار التقييم سيمثل لحظة للتفكير بواقعية، ودعوة للجميع للنظر في عوامل إنجاح العمل المناخي والتعاون في تكثيفها وتنفيذها على وجه السرعة.