لعلّنا لا نستطيع أن نكتم أفراحنا، لا بد أن نفرغها في أرواح نعشقها، لتشاركنا فرحتنا. اتّصلت بصديقتي في ذلك اليوم، أخبرتها أنّني أمتلك جناحين من نور. ضحكت عاليًا، وقالت:
الأجنحة تليق بالعشّاق فقط يا صديقتي، وأنت أجنحتك من ورق؛ لا ينبض قلبك سوى للكتب والحريّة.
أيّتها الجاهلة، وهل العشق إلّا حريّة؟
العشق سجن يا صديقتي؛ سجن مؤبّد، قضبانه أوهام وخيال، قيد أحمق.
وهل عرفت العشق يومًا يا عزيزتي كي تحكمي عليه؟!
أراه في عيون صديقاتي الّتي أصابها العمى، أليس الحبّ أعمى كما يقولون؟!
إنّه عشق من نوع آخر يا عزيزتي، هل عرفتني ساذجةً يومًا؟!
الأيّام بيننا، ولكنّ فضولي بلغ حجم السّماء، من ذا الّذي اخترق جدران الرّصاص، وتبوأ له في القلب مكاناً؟ قالت لي ذلك وهي تضحك.
كلام الهاتف لا يجدي، أنتظرك غدًا في البيت.
كانت وداد مخبأ سرّي؛ هناك أشياء نخجل البوح بها لآبائنا وأمّهاتنا، فنودعها لمن هم الأقرب إلى أرواحنا. تلتقي أفكاري ووداد كثيرًا، وقد تتناقض أحياناً. كنّا نقضي أوقاتنا بتحويل أوجاعنا إلى نكات كي تتقزّم؛ سخرنا من الحزن، ليركع ذليلًا أمام ضحكاتنا ولو إلى وقت محدود.
حينما أتت في اليوم التّالي، أمسكتني من كتفي وحرّكته إلى الأمام لترى جانب ظهري. ضَحِكْت، قلت لها: أجنحة النّور لا يراها أمثالك جهلاء العشق ، ضحكنا عاليًا.
اترك تعليقك ...