المتدين متسامح مع الجميع.. والأديان تحرم التجاوز بحق البيئة
وزير الأوقاف خلال إستقباله أعضاء الحوار العربي الأوروبي
كتب / مصطفى ياسين
في إطار الروح المصرية الوطنية التي تنعم بها مصر في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي، استقبل أ.د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف القس الدكتور أندريه زكي رئيس الطائفة الإنجيلية، على رأس وفد كبير من قيادات الكنيسة الإنجيلية والمشاركين في المؤتمر الثامن للحوار العربي الأوروبي الذي تنظمه الهيئة القبطية الإنجيلية من دول السعودية والعراق والأردن والمغرب ولبنان وفلسطين والإمارات وتونس وألمانيا وروسيا وفرنسا اليونان والنمسا وبولندا والسويد والدنمارك؛ لتهنئة وزير الأوقاف وقيادات وزارة الأوقاف بعيد الأضحى المبارك، اليوم الخميس 15/ 6/ 2023م.
وخلال اللقاء رحب د. جمعة بالحضور مثمنًا هذه الزيارة الكريمة، مؤكدًا أننا في حاجة حقيقة إلى إحلال السلام عن طريق ترسيخ مبادئ الدين الوسطي الحنيف، وأن العالم كله الآن أحوج ما يكون إلى بناء روحي سليم يخفف من الإغراق في المادية، وأن السلام يكون مع النفس أولًا، لأن الإنسان المتدين متسامح متصالح مع نفسه، ومتسامح ومتصالح مع مجتمعه والعالم كله والكون، ولا يتعدى على الكون، وأن الأديان كلها تحرم التجاوز في حق البيئة، وأن المؤمن الحقيقي لا يمكن أن يسفك دمًا، وأن الناس في الغالب الأعم لا يقتتلون على الآخرة، فهي شأن خاص بينهم وبين الله، وأن الغالب الأعم في الحروب والاقتتال إنما يكون على الدنيا وليس على الآخرة، وهنا يأتي دور علماء الدين الذين عليهم مسئولية عظيمة، فكلما بذلوا جهدًا ضخمًا في قضية التسامح واستطاعوا أن يجعلوا من التسامح ثقافة شعبية مجتمعية لأسهموا في صنع السلام المجتمعي والعالمي بقوة.
مؤكدًا أن المشاهد يرى بوضوح أن التيارات اليمينية شديدة التطرف وحتى التيارات اليسارية شديدة التطرف إنما تدخل في مزايدات في محاولة منها لجذب أصوات أو الحصول على أصوات المتشددين الانتهازيين إذا وجدوا في الدولة مناخًا يمينيًّا متطرفا متشددا سابقوا في التشدد للحصول على أصوات التيارات المتطرفة والمتشددة، وأصبح للأسف بعضهم أكثر تشددًا أو تطرفًا من القاعدة الشعبية التي يزايد على أصواتها، وكذلك في التيارات اليسارية، ولذلك فإن التطرف منبوذ وممقوت سواء كان تطرفًا يمينيًّا أم يساريًّا فالتطرف هو التطرف.
محذرًا من غياب الدور الحقيقي المؤثر لرجال الدين والذي يسهم في بروز هذه الأصوات المتطرفة يمينًا أو يسارًا؛ لأن المتدين الحقيقي الفاهم لحقيقة الدين الحريص على مرضاة ربه لا يمكن أن يتاجر بدينه لا يمينًا ولا يسارًا، فالتطرف اليميني والتطرف اليساري ناتج عن غياب تبني خطاب ثقافي وسطي عام لا يذهب إلى أقصى اليمين ولا إلى أقصى اليسار، ومن هنا نؤكد أن دور علماء الدين في الوقت الراهن الذي يشهد تحولات عالمية ضخمة يجب أن يكون قويًّا ومحوريًّا في صنع السلام العالمي، وأن نرفع صوتنا واضحًا وقويًّا وصريحًا بأهمية مراعاة الأبعاد الإنسانية، فالدين فن الإنسانية، الدين هو الحفاظ على الحياة، الدين لا يقبل القتل، ولا التشرد، ولا الإقصاء، العالم كله يحتاج إلى صوت العقل والحكمة.
ونقول: لو أنفق العالم على التنمية معشار ما ينفق على الحروب والاقتتال لتغير وجه العالم، ونحن في حاجه إلى أن نسمع صوتنا للعالم كله بقوه وبلا خجل ولا تردد فإن وفقنا فيما نصبو إليه فهذا فضل الله وإن لم يسمع الناس صوتنا أعذرنا إلى الله ولقينا الله ومعنا العذر أو بعض العذر.
موجهًا الشكر للكنيسة الإنجيلية على مساهمتها في مشروع صكوك أضاحي الأوقاف مشيرًا إلى اهتمام الكنيسة الإنجيلية دائمًا بالإسهام في مشروع صكوك أضاحي الأوقاف، وهذا أمر له دلالته ورمزيته أكثر بكثير من أي بعد آخر، بما يعكس العمل الوطني والإنساني المشترك.
وفي كلمته هنأ القس الدكتور أندريا زكي رئيس الطائفة الإنجيلية معالي أ.د. محمد مختار جمعة وقيادات وعلماء وزارة الأوقاف والشعب المصري بعيد الأضحى المبارك، مشيرًا إلى مشاركة وزير الأوقاف في مؤتمر الدين والسلام والذي سيعقد أغسطس القادم، والذي يشارك فيه الأئمة والشيوخ والقساوسة والواعظات، مؤكدًا أن وزير الأوقاف ليس فقط وزيرًا سياسيًّا ولكنه فقيه ومجدد في العالم العربي والإسلامي لمواقفه الكثيرة والشجاعة في قضايا التجديد، فمواقفه سند لكل صناع السلام.
مؤكدًا أن أهمية هذا اللقاء تكمن في وجود هذه المجموعة من المشاركين الأوربيين والعرب في المؤتمر الثامن للحوار العربي الأوروبي الذي تنظمه الهيئة القبطية الإنجيلية وأن يلتقون مع وزير الأوقاف وأن يسألوه أسئلة هامة حول العيش المشترك وأن يسمعوا رأي مسئول سياسي وفقيه مجدد له وجهات نظر واضحة ومحددة، فنحن ندعو إلى العيش المشترك، فالعيش المشترك يؤسس على قبول الآخر واحترام حق الاختلاف، ما نتفق عليه يؤيد العيش المشترك، وما نختلف فيه يحترم بعضنا البعض، وأعتقد أن هذه الزيارة ستترك تأثيرًا كبيرًا في نفوس الوفود العربية والأوروبية التي شاركت في هذا اللقاء.