بكر صديق الطّفولة، والمراهقة، والشّباب، كنّا نلعب بكرة الجوارب معًا في القرية، نجوب الحارات، نساعد كبار السّن من أهل القرية في حدائقهم وتنظيف ساحاتهم دون مقابل، نقاوم الاحتلال بكلّ ما لدينا من معطيات ماديّة محدودة. عشقت فيه إنسانيّته وروحه المعطاءة، وشجاعته، وتمسّكه بالأرض.
كيف أحوالك عزيزي، لقد طال غيابك هذه المرّة، لماذا لم تخبرني عن رحيلك، لعلّ السّبب خير؟
أعتذر منك، فقد كنت على عجلة من أمري، لهذا لم أتمكّن من إخبارك، كما لا يوجد لديك هاتف. بقيت مع والدتي مدّة من الزّمن. كانت مريضة، وحين اطمأننت على صحّتها عدت. خسرتُ عامًا من دراستي، لكن لا بأس، صحّة والدتي أكثر أهميّة من دراستي.
معك حق، الله يحفظ كلّ الأمّهات، وهل لنا غير بركتهنّ ودعائهنّ لنا؟
أرسلت لك والدتك معي تنكة من زيت الزّيتون، وبعض التّين والزّيتون من خيرات الأرض.
مسكينة أمّي دومًا أسكن في ذاكرتها، حتّى خيرات الأرض لا تنسى نصيبي منها. أشكرك على هذا الجميل يا عزيري.
هذا أقلّ واجب يا عزيزي.
تحدّثنا معًا حتّى منتصف اللّيل، كانت جلسة جميلة استعدنا فيها ذكريات الطّفولة. غادرني بكر، وعدت إلى شرودي.
انتظرت لقاء رفيقة الفكر بفارغ الصّبر. لست أدري هل أنا ساذج؟ ما الّذي يجعلني بهذا الشّوق، ولم أمض معها سوى دقائق؟! هل ما زلت في مراهقتي؟! لا أظنّ ذلك، فقد قابلت الكثير من الفتيات بالجامعة ولم أنجذب لإحداهنّ. ترى هل تذكرني كما أذكرها؟ هل تفكّر بي؟
اترك تعليقك ...